الذهب يتراجع بشكل طفيف وسط ترقب بيانات التضخم الأميركية وتوقعات خفض الفائدة

شهدت أسعار الذهب تراجعًا طفيفًا خلال تعاملات اليوم الخميس، لكنها بقيت بالقرب من مستوياتها القياسية التي سجلتها مؤخرًا، في وقت يترقب فيه المستثمرون صدور بيانات التضخم الاستهلاكي في الولايات المتحدة لاحقًا اليوم.

ويأتي ذلك بعد بيانات أضعف من المتوقع للتضخم عند المنتجين الأميركيين، والتي عززت من احتمالات إقدام مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل.

وفي هذا السياق، صرّح إيليا سبيفاك (Ilya Spivak)، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في شركة تيستي لايف (Tastylive)، قائلاً:

"يبدو أن الذهب في مرحلة تجميع للمكاسب الأخيرة، حيث تنتظر الأسواق بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأميركي وما قد تحمله من إشارات بشأن مسار خفض الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي".

ترقب بيانات التضخم وسوق العمل

أظهرت بيانات حديثة أن أسعار المنتجين في الولايات المتحدة قد سجلت تراجعًا غير متوقع خلال شهر أغسطس، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى انخفاض هوامش خدمات التجارة، إلى جانب الارتفاع المتواضع في تكاليف السلع. وقد عزز هذا التطور من قناعة المستثمرين بأن الضغوط التضخمية قد تشهد مزيدًا من التراجع خلال الفترة المقبلة.

ويركز المتعاملون الآن بشكل أساسي على بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأميركي، المنتظر صدورها عند الساعة 15:30 بتوقيت الرياض. ووفقًا لاستطلاع أجرته وكالة "رويترز"، فإن التوقعات تشير إلى تسجيل ارتفاع شهري بنسبة 0.3% خلال أغسطس، مقارنةً بزيادة قدرها 0.2% في يوليو الماضي.

أما على أساس سنوي، فمن المتوقع أن يسجل المؤشر ارتفاعًا نسبته 2.9%، مقابل 2.7% في يوليو.

ويأتي هذا في أعقاب بيانات سوق العمل الأميركية التي أظهرت مؤشرات ضعف، حيث جاء تقرير الوظائف غير الزراعية الأسبوع الماضي أضعف من التوقعات. كما كشفت المراجعات الأخيرة عن فقدان نحو 911 ألف وظيفة في الفترة الممتدة على مدى اثني عشر شهرًا حتى مارس الماضي، الأمر الذي يعكس ضغوطًا أعمق مما كان مقدرًا في السابق.

ويترقب المستثمرون أيضًا بيانات إعانات البطالة الأسبوعية، والمقرر صدورها في التوقيت نفسه مع بيانات التضخم، والتي ستوفر صورة إضافية عن مدى متانة أو هشاشة سوق العمل الأميركي.

توقعات الفيدرالي وتوجهات الأسواق

في ضوء هذه المعطيات، يرى الخبراء أن السياسة النقدية الأميركية مرشحة لمزيد من التيسير خلال الفترة المقبلة. ويضيف سبيفاك في تصريحاته:

"الاتجاه العام للذهب لا يزال صعوديًا، غير أن صدور تقرير قوي بشأن التضخم الاستهلاكي قد يؤدي إلى تعزيز قيمة الدولار، وهو ما قد يضغط على أسعار الذهب على المدى القصير. ومع ذلك، فإن أي خسائر محتملة من المرجح أن تكون محدودة، حيث إن الأسواق لن تتخلى بسهولة عن رهانات خفض الفائدة، حتى لو جرى تأجيل هذا الخفض إلى وقت لاحق".

وتشير التوقعات على نطاق واسع إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيقدم على خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه المقرر يوم الأربعاء المقبل.

ومع ذلك، لا يزال بعض المستثمرين يسعّرون احتمالية ضئيلة لخفض أكبر قد يصل إلى 50 نقطة أساس، وذلك وفقًا لأداة متابعة الفائدة الأميركية المتاحة على موقع إنفستنغ السعودية.

ومما تجدر الإشارة إليه أن مستويات الفائدة المنخفضة عادةً ما توفر دعمًا للذهب، نظرًا لكونه أصلًا لا يدر عائدًا، إذ تصبح تكاليف الفرصة البديلة لحيازته أقل مقارنة بالأدوات الاستثمارية الأخرى.

وفي سياق سياسي ذي صلة، تقدمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الأربعاء باستئناف ضد حكم قضائي فيدرالي حال دون تنفيذ قرار مؤقت يقضي بعزل ليزا كوك، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي.

هذه الخطوة أضافت بُعدًا جديدًا للنقاش الدائر حول مستقبل السياسة النقدية في الولايات المتحدة.

أداء الذهب عند التسوية

على صعيد تعاملات أمس الأربعاء، استقرت أسعار الذهب عند التسوية وسط حالة من الترقب في الأسواق لصدور بيانات التضخم الاستهلاكي الأميركية. ويأتي ذلك بعد أن أظهرت البيانات الرسمية انكماشًا في أسعار المنتجين خلال أغسطس في أكبر اقتصاد في العالم.

وفي ختام الجلسة، أنهت العقود الآجلة للمعدن الأصفر تسليم ديسمبر تعاملات الأمس عند مستوى 3682 دولارًا للأوقية، مسجلة ارتفاعًا طفيفًا نسبته 0.13%.

الذهب والدولار في الوقت الحالي

أما في تعاملات اليوم الخميس، فقد تراجع الذهب الفوري بنسبة 0.39% ليسجل 3626 دولارًا للأونصة، وذلك بعدما كان قد بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3673.95 دولارًا يوم الثلاثاء الماضي.

كما شهدت العقود الآجلة الأميركية للذهب تسليم ديسمبر انخفاضًا بنسبة 0.46% لتصل إلى 3664 دولارًا.

وعلى الجانب الآخر من المعادلة، ارتفع مؤشر الدولار الأميركي، حيث صعدت عقوده بنسبة 0.17% لتسجل 97.92 نقطة، ما يعكس تحسنًا في أداء العملة الأميركية أمام سلة من العملات الرئيسية.

تطورات المعادن النفيسة الأخرى

لم يقتصر التراجع على الذهب فقط، بل شمل أيضًا بعض المعادن النفيسة الأخرى. فقد انخفض سعر الفضة الفوري بنسبة 0.3% ليصل إلى 41.07 دولارًا للأونصة، في حين تراجع البلاتين بنسبة 0.2% مسجلاً 1383.10 دولارًا وعلى العكس من ذلك، فقد ارتفع البلاديوم بنسبة 0.3% ليصل إلى 1175.86 دولارًا.

بهذا، يظل الذهب متأرجحًا بين ضغوط قوة الدولار من ناحية، وتوقعات خفض الفائدة التي تعزز جاذبيته من ناحية أخرى، في وقت يترقب فيه المستثمرون عن كثب صدور بيانات التضخم الأميركية لتحديد الاتجاه التالي لأسواق المال العالمية.