- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار العملات والعملات الرقمية
- البنك المركزي الأسترالي يخفّض سعر الفائدة الرئيسي إلى أدنى مستوى في عامين
البنك المركزي الأسترالي يخفّض سعر الفائدة الرئيسي إلى أدنى مستوى في عامين

في خطوة تترقبها الأسواق منذ أشهر، أعلن البنك المركزي الأسترالي خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 3.60%، وهو أدنى مستوى منذ مارس 2023. القرار، الذي يمثل الخفض الثالث هذا العام، جاء نتيجة تباطؤ التضخم وتراجع سوق العمل، لكنه اتخذ بحذر شديد تحسبًا لارتفاع حالة عدم اليقين الاقتصادي.
ترافق ذلك مع استجابات فورية من البنوك التجارية، وتحركات ملحوظة في أسواق العملات والسندات، وسط توقعات بأن المزيد من التخفيضات قد تأتي لاحقًا خلال العام.
تفاصيل قرار البنك المركزي الأسترالي
بعد اجتماع للسياسة النقدية استمر يومين، أعلن مجلس إدارة البنك المركزي الأسترالي بالإجماع خفض سعر الفائدة النقدي (Cash Rate) بمقدار 25 نقطة أساس، لينخفض من 3.85% إلى 3.60%.
هذا القرار جاء في سياق تراجع ملحوظ في معدل التضخم الأساسي، وتغيرات تدريجية في أوضاع سوق العمل، إضافة إلى إشارات ضعف في بعض المؤشرات الاقتصادية الداخلية.
البنك أوضح في بيانه أن توقعاته المعدّلة تشير إلى أن التضخم الأساسي سيتراجع تدريجيًا نحو منتصف النطاق المستهدف بين 2% و3%، وهو الهدف الاستراتيجي للسياسة النقدية الأسترالية. ويستند هذا التراجع إلى فرضية استمرار التخفيف التدريجي للإجراءات النقدية، بما في ذلك تخفيض أسعار الفائدة.
يمثل هذا القرار الخفض الثالث للفائدة خلال 2025:
-
فبراير 2025: الخفض الأول من 4.35% إلى 4.10%، وهو أول خفض منذ أكتوبر 2020.
-
مايو 2025: الخفض الثاني من 4.10% إلى 3.85%.
-
أغسطس 2025: الخفض الثالث من 3.85% إلى 3.60%.
وبذلك، وصل سعر الفائدة إلى أدنى مستوى له منذ مارس 2023، في انعكاس مباشر لضغوط التضخم المعتدلة نسبيًا وضعف بعض القطاعات الاقتصادية.
استجابة البنوك التجارية الكبرى
لم يتأخر رد فعل القطاع المصرفي، إذ أعلنت بنوك كبرى عن خفض أسعار الفائدة على القروض العقارية المتغيرة:
-
بنك الكومنولث الأسترالي: خفض الفائدة 25 نقطة أساس على القروض العقارية، ساري اعتبارًا من 22 أغسطس.
-
بنك ويستباك: تطبيق الخفض اعتبارًا من 26 أغسطس.
هذه القرارات تشير إلى أن البنوك التجارية ستعكس فورًا سياسات البنك المركزي على تكاليف الاقتراض للأفراد والشركات، ما قد يؤدي إلى زيادة النشاط في سوق العقارات وتحفيز الاستثمار.
موقف الأسواق قبل وبعد القرار
الأسواق كانت قد سعّرت خفض الفائدة بالكامل قبل الاجتماع، خاصة بعد مفاجأة يوليو حين أبقى البنك على الأسعار دون تغيير.
هذا التثبيت في يوليو جاء رغم أن التضخم في الربع الثاني كان قد تباطأ كما هو مطلوب، لكن البنك فضل انتظار بيانات إضافية وسط ارتفاع البطالة آنذاك.
البيان الأخير للمجلس تضمن تأكيدًا على أن:
"استمرار تراجع التضخم الأساسي نحو منتصف النطاق المستهدف 2–3%، وتراجع أوضاع سوق العمل قليلاً كما كان متوقعًا، جعل من التيسير النقدي أمرًا مناسبًا".
لكن المجلس شدد على الحذر، مع وجود حالة عدم اليقين المرتفعة بشأن الطلب الكلي والإمدادات المحتملة، وهي مخاطر لا تزال تلقي بظلالها على توقعات السياسة النقدية.
التضخم وسوق العمل – المؤشرات الحاسمة للقرار
-
التضخم العام: هبط إلى 2.1% في الربع المنتهي في يونيو، مقابل 2.4% في الشهر السابق.
-
التضخم الأساسي المعدل المشذب: تراجع إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات عند 2.7%.
-
البطالة: ارتفعت من 4.1% إلى 4.3% في شهر واحد، وهو مؤشر على بداية فقدان سوق العمل لزخمه بعد فترة طويلة من التوظيف الكامل تقريبًا.
هذه الأرقام عززت قناعة البنك بضرورة التدخل لتخفيف ضغوط الفائدة على الاقتصاد.
يرى هاري مورفي كروز، كبير الاقتصاديين في "أوكسفورد إيكونوميكس أستراليا"، أن قفزة البطالة تدعم مبررات الخفض، بينما يظهر الإنفاق الأسري القوي أن بعض الأسر لا تزال قادرة على الإنفاق التقديري ويضيف:
"في النهاية، الأسعار والوظائف هما العاملان الحاسمان، ومع الأخبار الإيجابية عن التضخم والسلبية عن البطالة، فإن المزيد من التيسير مبرر".
تتوقع "أوكسفورد إيكونوميكس" خفضًا إضافيًا في نوفمبر 2025، وربما خفضًا آخر في فبراير 2026، إذا استمرت الظروف الاقتصادية الحالية.
رد فعل الأسواق المالية
-
الدولار الأسترالي: تداول الدولار الأسترالي عند مستويات 0.6493 دولار أمريكي.
-
السندات الحكومية لأجل ثلاث سنوات: ارتفعت لتستقر عند 96.60 بعد أن عكست خسائرها المبكرة.
-
عقود المقايضات: أظهرت احتمالاً بنسبة 34% فقط لخفض جديد في سبتمبر، مقابل تسعير شبه كامل لخفض في نوفمبر.
تصريحات محافظ البنك المركزي
قالت ميشيل بولوك إن السياسات التجارية الدولية قد تؤثر سلبًا على النشاط الاقتصادي العالمي، وإن حالة الغموض ما زالت مرتفعة. لكنها أشارت إلى أن هناك وضوحًا أكبر الآن بشأن نطاق ومدى الرسوم الجمركية الأميركية وردود الفعل العالمية عليها، ما قد يقلل من مخاطر السيناريوهات الأكثر تطرفًا.
القرار الأسترالي يأتي في وقت تشهد فيه الساحة العالمية بعض الانفراجات، أبرزها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تمديد هدنة الرسوم الجمركية مع الصين لمدة 90 يومًا، ما جنّب فرض رسوم جمركية ضخمة كان من شأنها الإضرار بالتجارة العالمية.
الخلاصة
خفض الفائدة الأخير للبنك المركزي الأسترالي ليس مجرد خطوة معزولة، بل هو جزء من مسار تيسير نقدي منظم يستهدف إعادة التضخم إلى النطاق المستهدف، والحفاظ على استقرار سوق العمل، ودعم النشاط الاقتصادي في بيئة عالمية معقدة.
وبينما تتوقع الأسواق مزيدًا من الخفض لاحقًا هذا العام، سيبقى مسار السياسة النقدية مرهونًا بالبيانات الاقتصادية القادمة والتطورات الدولية.