الدولار الأسترالي يرتفع بعد تثبيت أسعار الفائدة واستقرار العملات الآسيوية وسط ترقب إغلاق الحكومة الأمريكية
شهدت تعاملات يوم الثلاثاء حالة من الاستقرار الملحوظ في معظم العملات الآسيوية والدولار الأمريكي، حيث فضل المستثمرون التحرك بحذر شديد في ظل اقتراب الموعد النهائي لتمويل الحكومة الأمريكية واحتمالات الإغلاق الجزئي، وهو ما قد يؤثر على نشر بيانات اقتصادية بالغة الأهمية مثل تقرير الوظائف غير الزراعية.
وفي المقابل، حظي الدولار الأسترالي بدفعة قوية بعد قرار بنك الاحتياطي الأسترالي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى 3.60%، محذراً في الوقت ذاته من ضغوط تضخمية متزايدة قد تفوق التوقعات السابقة، مما أثار جدلاً واسعاً في الأسواق حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية في أستراليا.
استقرار العملات الآسيوية والدولار الأمريكي
تداولت معظم العملات الآسيوية والدولار الأمريكي ضمن نطاقات محدودة، حيث تجنّب المستثمرون اتخاذ مراكز جديدة في ظل أجواء ضبابية بشأن مسار السياسة النقدية الأمريكية واحتمال تعطل بعض البيانات الاقتصادية الأساسية إذا ما دخلت الحكومة الأمريكية في حالة إغلاق جزئي.
-
مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس أداء العملة مقابل سلة من العملات الرئيسية، ارتفع بنسبة طفيفة بلغت 0.1%.
-
العقود الآجلة لمؤشر الدولار الأمريكي أظهرت استقراراً نسبياً ما يعكس انتظار الأسواق لتطورات الأحداث الأمريكية.
أما العملات الآسيوية فقد أظهرت حركات متباينة، وإن بقيت ضمن مستويات محدودة:
-
استقرار الين الياباني أمام الدولار الأمريكي دون تحركات كبيرة عند 148.10.
-
ارتفاع الدولار السنغافوري بنسبة 0.1% مقابل الدولار الأمريكي.
-
صعود الوون الكوري الجنوبي بنسبة 0.2%.
-
الروبية الهندية بقيت مستقرة بشكل شبه كامل.
-
اليوان الصيني المحلي ارتفع بنسبة 0.1%، بينما ظل اليوان الخارجي مستقراً بلا تغيير يذكر.
البنك المركزي الأسترالي يثبت أسعار الفائدة
في خطوة جاءت متوافقة مع التوقعات، قرر بنك الاحتياطي الأسترالي الإبقاء على سعر الفائدة النقدية عند 3.60% خلال اجتماع يوم الثلاثاء. هذا القرار يعكس نهجاً حذراً من جانب البنك، خاصة بعد سلسلة من ثلاثة تخفيضات متتالية في أسعار الفائدة خلال عام 2025، وهو ما يوضح أن صناع السياسة النقدية يفضلون التوقف مؤقتاً لتقييم المستجدات الاقتصادية والبيانات الصادرة عن التضخم وسوق العمل.
دوافع القرار
-
البيانات الأخيرة أشارت إلى أن التضخم في الربع الثالث قد يتجاوز التقديرات السابقة، ما يزيد من حالة عدم اليقين حول آفاق الاقتصاد.
-
البنك المركزي أكد أن الاعتماد على البيانات لا يزال هو النهج الرئيسي، وأن أي قرارات لاحقة ستُبنى على تطورات التضخم وسوق العمل.
التوقعات المستقبلية للتضخم
-
من المرجح أن يرتفع التضخم الرئيسي من 2.1% إلى 3.1% بحلول منتصف 2026، خاصة مع انحسار أثر التخفيضات السابقة في أسعار الكهرباء.
-
التضخم الأساسي من المتوقع أن يظل مستقراً حول مستوى 2.6%.
رد فعل الأسواق
-
ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.5% أمام الدولار الأمريكي إلى 0.6604.
-
سجل زوج الدولار الأسترالي/الدولار الأمريكي مستوى 0.66 دولار.
-
في المقابل، تراجعت العقود الآجلة للسندات الحكومية الأسترالية لأجل ثلاث سنوات.
الوضع الاقتصادي في أستراليا
-
الاقتصاد الأسترالي حقق في الربع الثاني من العام أسرع وتيرة نمو سنوية منذ نحو عامين، بدعم من عودة الاستهلاك المحلي بعد فترة من التباطؤ.
-
سوق العمل أظهرت تباطؤاً في نمو الوظائف، لكن معدل البطالة ظل منخفضاً عند 4.2%، وهو مستوى تاريخي يعكس اقتراب الاقتصاد من حالة التوظيف الكامل.
-
البنك المركزي أوضح أن بيانات التضخم الشهرية شديدة التذبذب، لكن القراءات الفصلية قد تحمل مفاجآت صعودية تعزز المخاوف التضخمية.
رغم لهجة الحذر الصادرة عن بنك الاحتياطي الأسترالي، أشار خبراء اقتصاديون مثل أبهيجيت سوريا، كبير اقتصاديي آسيا والمحيط الهادئ في كابيتال إيكونوميكس، إلى أن هناك "حالة قوية لاستئناف التيسير النقدي" قبل نهاية العام الجاري.
غير أن البيان الأخير ألقى بظلال من الشك على احتمالات خفض الفائدة في اجتماع نوفمبر/تشرين الثاني 2025، حيث قلّصت الأسواق توقعاتها لاحتمال الخفض من 50% إلى 40% فقط وفقاً لبيانات "رويترز".
المخاطر الأمريكية: إغلاق حكومي محتمل
في الولايات المتحدة، يواجه الكونغرس موعداً نهائياً يوم الثلاثاء لإقرار التمويل الحكومي وتجنب الدخول في إغلاق جزئي قد تكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد والأسواق.
-
وزارة العمل الأمريكية حذرت من أن تقرير الوظائف غير الزراعية، المقرر صدوره يوم الجمعة، قد لا يتم نشره إذا ما حدث الإغلاق، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على توقعات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي.
-
تقرير الوظائف غير الزراعية يعد من أبرز المؤشرات التي يعتمد عليها الفيدرالي لتحديد توجهاته بشأن أسعار الفائدة، وبالتالي فإن غيابه سيضيف مزيداً من الغموض إلى المشهد الاقتصادي.
جدول البيانات الأمريكية لهذا الأسبوع
-
مسح فرص العمل ومعدل دوران العمالة (JOLTS) يوم الثلاثاء.
-
طلبات إعانة البطالة الأسبوعية يوم الخميس.
-
تقرير الوظائف لشهر سبتمبر يوم الجمعة، إذا لم يتأثر بالإغلاق الحكومي.
في ظل هذه التطورات، فضّل المستثمرون التريث في أسواق العملات، بانتظار وضوح الرؤية بشأن مصير البيانات الأمريكية والقرار السياسي حول تمويل الحكومة.
ضعف اقتصادي في اليابان وبيانات متباينة من الصين
اليابان
-
بيانات رسمية أظهرت أن إنتاج المصانع اليابانية انخفض بنسبة 1.2% في أغسطس مقارنة بالشهر السابق، ليسجل بذلك ثاني تراجع شهري متتالي.
-
مبيعات التجزئة اليابانية هبطت بأسرع وتيرة لها منذ أربع سنوات، ما يعكس ضعفاً ملموساً في الاستهلاك المحلي ويؤكد استمرار التحديات أمام الاقتصاد الياباني.
الصين
-
النشاط الصناعي الرسمي سجل انكماشاً للشهر السادس على التوالي في سبتمبر، بينما أظهر قطاع الخدمات أيضاً علامات تباطؤ.
-
على الجانب الآخر، أظهر مسح خاص أجرته RatingDog صورة أكثر إيجابية، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات الصناعي إلى أعلى وتيرة له منذ مارس الماضي، مدفوعاً بزيادة الطلبات الجديدة وارتفاع الطلب على الصادرات.
خلاصة
تعيش الأسواق العالمية لحظة حاسمة تتقاطع فيها عدة عوامل:
-
استقرار العملات الآسيوية يعكس حالة الحذر الشديد في ظل المخاطر السياسية والاقتصادية القادمة من الولايات المتحدة.
-
قرار بنك الاحتياطي الأسترالي بتثبيت أسعار الفائدة عند 3.60% أبرز التحديات التي تواجه البنوك المركزية في الموازنة بين مكافحة التضخم ودعم النمو.
-
البيانات الضعيفة من اليابان والقراءات المتناقضة من الصين تعكس استمرار هشاشة الاقتصادات الآسيوية.
وبينما يترقب المستثمرون مصير الإغلاق الحكومي الأمريكي وبيانات الوظائف، فإن مسار العملات وأسعار الفائدة سيظل مرهوناً بتطورات السياسة النقدية العالمية وحجم الضغوط التضخمية التي لم تُحسم بعد.