الين الياباني يسجل ثاني خسارة يومية متتالية وسط قوة الدولار وترقّب قرار تاريخي لبنك اليابان

واصل الين الياباني تراجعه في التعاملات الآسيوية يوم الخميس مقابل سلة من العملات الرئيسية والثانوية، مسجّلًا ثاني خسارة يومية متتالية أمام الدولار الأمريكي، ليبتعد تدريجيًا عن أعلى مستوياته في نحو أسبوعين.

 

ويأتي هذا الأداء الضعيف في ظل استمرار عمليات التصحيح وجني الأرباح، إلى جانب تصاعد قوة الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم الأمريكية المهمة لشهر نوفمبر، والتي تُعد عاملًا حاسمًا في توجيه توقعات السياسة النقدية العالمية.

أداء الين الياباني اليوم

شهد الين ضغوطًا ملحوظة خلال الجلسة، حيث ارتفع الدولار الأمريكي مقابل العملة اليابانية بنسبة 0.1% ليصل إلى مستوى 155.81 ين، مقارنة بسعر افتتاح بلغ 155.64 ين، بينما سجّل الزوج أدنى مستوى له عند 155.42 ين.


وكان الين قد أنهى تعاملات يوم الأربعاء على انخفاض قوي نسبته 0.6% مقابل الدولار، في أول خسارة خلال ثلاثة أيام، متأثرًا بعمليات جني الأرباح بعد بلوغه قمة أسبوعين عند مستوى 154.39 ين، ما عزز موجة التصحيح الحالية.

قوة الدولار الأمريكي تضغط على العملات

في المقابل، واصل الدولار الأمريكي تعافيه، حيث ارتفع مؤشر الدولار يوم الخميس بنحو 0.1%، محققًا مكاسب للجلسة الثانية على التوالي، في إشارة إلى تحسن الطلب على العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات العالمية.


ويأتي هذا الأداء الإيجابي قبيل سلسلة من قرارات البنوك المركزية الكبرى، لا سيما في أوروبا وبريطانيا، إذ تشير التوقعات إلى تثبيت أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي، مقابل خفض محتمل للفائدة البريطانية بنحو 25 نقطة أساس، ما يدعم تفوق الدولار نسبيًا في أسواق الصرف.

 

كما يترقّب المستثمرون صدور بيانات التضخم الأمريكية الرئيسية لشهر نوفمبر، والتي يُنتظر أن تقدّم إشارات واضحة حول مسار أسعار الفائدة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال عام 2026، في ظل حساسية الأسواق تجاه أي تغيّر في وتيرة التشديد أو التيسير النقدي.

 

وزاد من دعم الدولار استقبال الأسواق لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أشار إلى أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي القادم سيكون مؤيدًا لخفض أسعار الفائدة بشكل كبير، وهي تصريحات عززت التوقعات بتغيّر محتمل في توجه السياسة النقدية الأمريكية على المدى المتوسط.

بنك اليابان: اجتماع مفصلي في مسار السياسة النقدية

تتجه أنظار الأسواق العالمية إلى اليابان، حيث تنطلق لاحقًا اليوم فعاليات اجتماع السياسة النقدية لبنك اليابان، وهو الاجتماع الأخير للعام، على أن تُعلن القرارات الرسمية غدًا الجمعة.


وتُجمع التوقعات على نطاق واسع بأن يُقدم البنك المركزي الياباني على رفع أسعار الفائدة بنحو 25 نقطة أساس، لترتفع إلى نطاق 0.75%، وهو أعلى مستوى للفائدة اليابانية منذ عام 2008، أي منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية.

 

ويمثل هذا القرار – في حال إقراره – ثاني خطوة تشديد نقدي يتخذها بنك اليابان هذا العام، في تحول تاريخي عن عقود طويلة من السياسة النقدية فائقة التيسير التي اتبعها لدعم الاقتصاد ومواجهة الانكماش.

ترقّب لتصريحات المحافظ كازو أويدا

لا يقتصر اهتمام الأسواق على قرار الفائدة فحسب، بل يمتد إلى تصريحات محافظ بنك اليابان كازو أويدا خلال المؤتمر الصحفي، حيث تسعى الأسواق لاستشراف ملامح السياسة النقدية خلال عام 2026.


ويأتي هذا الترقّب في وقت تتزايد فيه التوقعات بأن تلجأ الحكومة اليابانية إلى مزيد من السياسات المالية التوسعية لدعم النمو ومواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، ما يضيف مزيدًا من التعقيد أمام صناع القرار في البنك المركزي، الذين يوازنون بين كبح التضخم ودعم النشاط الاقتصادي.

 

عقب صدور بيانات التضخم والأجور الأخيرة في اليابان، ارتفعت ثقة الأسواق في سيناريو رفع الفائدة، حيث استقر تسعير احتمالات رفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع هذا الأسبوع فوق مستوى 90%.


وكان المحافظ أويدا قد أشار في تعليقاته الأخيرة إلى نظرة أكثر تفاؤلًا تجاه أداء الاقتصاد الياباني، مؤكدًا أن البنك المركزي يدرس بعناية جميع السيناريوهات المحتملة، مع تقييم دقيق لمزايا ومخاطر تشديد السياسة النقدية في المرحلة المقبلة.

 

وفي السياق ذاته، نقلت وكالة رويترز عن ثلاثة مسؤولين حكوميين يابانيين أن بنك اليابان مرجّح بقوة لأن يُقدم على رفع أسعار الفائدة خلال شهر ديسمبر الجاري، في خطوة تعكس ثقة متزايدة بقدرة الاقتصاد على تحمّل تكاليف التشديد.

آراء وتحليلات: نظرة إيجابية مستقبلية للين

في جانب التحليلات، يرى محللو بنك سوسيتيه جنرال أن بنك اليابان قد يواصل مسار التشديد التدريجي، مع توقعات برفع سعر الفائدة إلى مستوى 1% بحلول يوليو من العام المقبل، مرجّحين في الوقت نفسه اتخاذ خطوة الرفع بالفعل في اجتماع الغد.

 

من جهته، قال تييري ويزمان، كبير استراتيجيي العملات الأجنبية وأسواق الفائدة العالمية في ماكواري، إن تشديد السياسة النقدية اليابانية يأتي استجابة مباشرة للضغوط التضخمية الناتجة عن ضعف الين، إضافة إلى وجود إرادة سياسية لمعالجة ما وصفه بـ«أزمة القدرة على تحمّل التكاليف» داخل اليابان.

 

وأضاف ويزمان أن النظرة المستقبلية لليـن الياباني تبدو أكثر إيجابية مقارنة بالعديد من العملات الأخرى، متوقعًا أن يتجه زوج الدولار/ين نحو مستوى 146 بحلول نهاية عام 2026، مدعومًا بتحول السياسة النقدية اليابانية وتراجع الفجوة مع سياسات البنوك المركزية الكبرى.

 

خلاصة المشهد
يقف الين الياباني حاليًا عند مفترق طرق، بين ضغوط قصيرة الأجل ناتجة عن قوة الدولار وجني الأرباح، وبين دعم محتمل على المدى المتوسط والطويل مع اقتراب بنك اليابان من تشديد سياسته النقدية بوتيرة غير مسبوقة منذ أكثر من عقد.

 

ومع صدور قرار الفائدة المرتقب، تبقى الأسواق في حالة ترقّب حذر لما قد يحمله هذا الاجتماع من إشارات مفصلية لمسار العملة اليابانية في المرحلة المقبلة.

 
تم التحديث في: الخميس, 18 كانون الأول 2025 11:21
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول