الدولار النيوزيلندي عند أدنى مستوى في 4 أشهر مع تصاعد رهانات خفض الفائدة وتزايد مخاطر الركود
شهد الدولار النيوزيلندي يوم الخميس هبوطاً حاداً إلى أدنى مستوياته في أربعة أشهر، بعد تسارع رهانات المستثمرين على مزيد من التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي النيوزيلندي.
هذا التراجع يأتي بعد خفض الفائدة إلى 3.0%، مع تزايد توقعات الأسواق والاقتصاديين بمزيد من التخفيضات قد تصل إلى 2.0% في حال استمرار ضعف الاقتصاد.
وبينما انعكس القرار على سوق السندات ومعدلات المبادلة، امتدت التداعيات إلى سوق العملات، حيث تعرض الدولار الأسترالي أيضاً لضغوط، في حين ارتفعت الأسهم الأسترالية لمستويات قياسية بدعم من شركات التعدين والبنوك، وسط ترقب عالمي لخطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول في ندوة جاكسون هول.
هبوط حاد للدولار النيوزيلندي بعد قرار الفائدة
تراجع الدولار النيوزيلندي إلى 0.5818 دولار أميركي يوم الخميس عند الساعة 11:00 بتوقيت تركيا، بعد أن فقد 1.2% في الجلسة السابقة في أكبر هبوط يومي منذ أزمة الرسوم الجمركية في أبريل.
هذا الانخفاض جاء بعد قرار بنك الاحتياطي النيوزيلندي يوم الأربعاء بخفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 3.0%، وهو أدنى مستوى في ثلاث سنوات، في خطوة عكست القلق بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي.
قرار البنك المركزي دفع المتعاملين إلى تسعير المزيد من التخفيضات، حيث تتوقع الأسواق الآن خفضاً جديداً إلى 2.5% على الأقل، مع احتمال خفض أعمق إذا لم يشهد الاقتصاد انتعاشاً ملموساً خلال الأشهر المقبلة.
توقعات بمزيد من التيسير النقدي
يرى محللو بنك «سيتي» أن الفائدة قد تهبط إلى 2.0% مقارنة مع تقديراتهم السابقة عند 2.75%، في ظل تزايد المخاطر الاقتصادية. وقال الخبير الاقتصادي في «سيتي» فراز سيد:
"مع توقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني، نرى مخاطر متزايدة لحدوث ركود مزدوج في نيوزيلندا. لذلك نتوقع أن يقوم البنك المركزي بسلسلة من التخفيضات المتتالية بمقدار 25 نقطة أساس خلال الاجتماعات الأربعة المقبلة".
هذه الرؤية عززت الاعتقاد بأن البنك لم يعد يركز فقط على التضخم، بل بات يعطي أولوية أكبر لدعم النشاط الاقتصادي المتراجع، خاصة مع ضعف بيانات الاستهلاك والإنتاج الصناعي.
أدى قرار خفض الفائدة إلى هبوط معدل المبادلة لأجل عامين بمقدار 18 نقطة أساس إلى 2.90% منذ صدور القرار، وهو ما يُتوقع أن يترجم قريباً إلى انخفاض في معدلات الرهن العقاري الثابتة، مما يخفف الأعباء على الأسر المثقلة بالديون.
وقال جارود كير، رئيس قسم الاقتصاد في بنك «كيوي بنك»:
"رد فعل السوق كان طبيعياً للغاية، إذ أن خفض الفائدة إلى 2.5% سيضع معدل المبادلة لعامين على مسار هبوطي نحو 2.8%، وهذه أخبار جيدة للشركات المدينة ولأصحاب المنازل على حد سواء".
كما انخفضت عوائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات بمقدار 11 نقطة أساس لتستقر عند 4.390%، ما قلص الفارق مع عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى 12 نقطة أساس فقط، وهو عامل زاد من الضغوط على الدولار النيوزيلندي أمام العملة الأميركية.
مستويات فنية حرجة للعملة النيوزيلندية
فنياً، كسر الدولار النيوزيلندي مستوى الدعم عند 0.5847 دولار أميركي، وهو ما فتح الطريق نحو أهداف هبوطية جديدة عند 0.5800 و0.5723 ويشير محللون فنيون إلى أن استمرار هذا الزخم السلبي قد يدفع العملة إلى مستويات أدنى في حال استمرار الضغوط على العوائد وتواصل السياسة التيسيرية.
امتداد الضغوط إلى الدولار الأسترالي
لم يكن الدولار الأسترالي بمنأى عن هذه التطورات، حيث تعرض بدوره لضغوط بيعية ليلامس أدنى مستوى في أسبوعين عند 0.6423 دولار أميركي وتظهر الرسوم البيانية وجود مستويات دعم قوية عند 0.6419، بينما تتركز المقاومة عند 0.6450 و0.6524.
ورغم هذا التراجع أمام الدولار الأميركي، إلا أن العملة الأسترالية استفادت من ضعف نظيرتها النيوزيلندية، لترتفع إلى أعلى مستوى في خمسة أشهر أمامها عند 1.1067 دولار نيوزيلندي، مع استهداف مستويات أعلى قد تصل إلى 1.1173 دولار نيوزيلندي في المرحلة المقبلة.
السياسة النقدية الأسترالية: خطوات محسوبة
جدير بالذكر أن بنك الاحتياطي الأسترالي كان قد خفض الفائدة في وقت سابق من هذا الشهر إلى 3.60%، مع توقعات الأسواق بمزيد من التخفيضات تصل إلى 3.10% بحلول مارس/آذار المقبل. ومع ذلك، تشير تقديرات المتعاملين إلى أن أي تحرك جديد من البنك لن يتم قبل نوفمبر/تشرين الثاني، حيث ستصدر بيانات التضخم للربع الثالث والتي ستحدد توجهاته.
أسواق الأسهم الأسترالية تستفيد من التيسير النقدي
على صعيد آخر، انعكست السياسة النقدية التيسيرية إيجاباً على سوق الأسهم الأسترالية، حيث ارتفع مؤشر «إس آند بي/إيه إس إكس 200» بنسبة 0.6% ليصل إلى 8,966.80 نقطة بحلول الساعة 00:43 بتوقيت غرينتش، بعدما سجل في وقت سابق مستوى قياسياً جديداً عند 8,973.70 نقطة.
ويُعد هذا الارتفاع استمراراً لمسار صعودي قوي منذ بداية الشهر، حيث حقق المؤشر مكاسب بنسبة 2.6%، مدعوماً بأداء قوي لشركات التعدين الكبرى والبنوك، إضافة إلى نتائج مالية إيجابية للشركات المحلية.
ترقب عالمي لخطاب جيروم باول في جاكسون هول
ورغم هذه التطورات في المحيط الآسيوي، تظل الأنظار العالمية متجهة إلى ندوة جاكسون هول التي ستُعقد يوم الجمعة، حيث يترقب المستثمرون خطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول.
السوق يترقب ما إذا كان باول سيدفع باتجاه كبح توقعات خفض الفائدة الشهر المقبل، خاصة بعد صدور بيانات ضعيفة لسوق العمل الأميركي في يوليو، والتي دفعت المتعاملين لتسعير احتمالية بنسبة 82% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر، وفقاً لأداة CME FedWatch.
قراءة ختامية
-
الدولار النيوزيلندي يواجه ضغوطاً حادة نتيجة توقعات بخفض متتالٍ للفائدة قد يدفعه لمستويات أدنى.
-
السياسة النقدية التيسيرية تنعكس إيجاباً على سوق الأسهم والرهون العقارية، لكنها تزيد المخاطر على العملة.
-
الدولار الأسترالي يتحرك بتوازن نسبي، متأثراً بنيوزيلندا من جهة، ومستفيداً من ضعفها من جهة أخرى.
-
الأسواق العالمية تترقب إشارات الفيدرالي الأميركي في جاكسون هول لتحديد الاتجاه المقبل لأسعار الفائدة عالمياً.