أسعار النفط تتكبد أول خسارة أسبوعية منذ 3 أسابيع.. وترقب حذر لاجتماع "أوبك+"
تكبدت أسعار النفط العالمية خسائر أسبوعية هي الأولى منذ ثلاثة أسابيع، متأثرة بمجموعة من العوامل أبرزها تنامي التوقعات بشأن زيادة إمدادات تحالف "أوبك+" في اجتماعه المرتقب، وارتفاع مفاجئ في مخزونات الخام الأميركية، فضلاً عن تجدد المخاوف حيال الطلب العالمي على الطاقة في ظل استمرار التوترات التجارية والجيوسياسية.
أداء أسعار النفط اليوم
واصل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي الهبوط للجلسة الثالثة على التوالي، متراجعاً بنسبة 2.5% عند التسوية يوم الجمعة 5 سبتمبر/ أيلول، ليستقر دون مستوى 62 دولاراً للبرميل. وسجل الخام الأميركي عند الإغلاق 61.87 دولاراً للبرميل، منخفضاً 1.61 دولار أو ما يعادل 2.54% في الجلسة، وبخسارة أسبوعية بلغت 3.3%.
أما خام برنت تسليم نوفمبر فقد تراجع بنسبة 2.2% ليغلق عند 65.50 دولاراً للبرميل، في ظل ضغوط متزايدة ناجمة عن المخاوف من فائض معروض محتمل في الأسواق العالمية خلال الأشهر المقبلة.
هذه الخسارة الأسبوعية تمثل أول تراجع على أساس أسبوعي منذ ثلاثة أسابيع، لتؤكد عودة الضغوط على سوق النفط بعد فترة قصيرة من المكاسب.
المخزونات الأميركية تعزز الضغوط
أحد أبرز أسباب التراجع تمثل في البيانات المفاجئة لمخزونات الخام الأميركية، والتي أظهرت ارتفاعاً بنحو 2.4 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، على عكس توقعات المحللين التي رجحت انخفاضها.
كما ارتفعت المخزونات في مركز كوشينغ بولاية أوكلاهوما، وهو نقطة التسليم لعقود خام غرب تكساس الوسيط، إلى أعلى مستوى منذ أوائل مايو، ما عزز إشارات تخمة المعروض. وزاد من الضغوط أيضاً ارتفاع مخزونات الديزل، فيما تراجعت احتياطيات البنزين بشكل طفيف لكنه لم يكن كافياً لدعم الأسعار.
هذه التطورات أثارت المخاوف من أن السوق قد تواجه فائضاً في المعروض خلال الفترة المقبلة، وهو ما دفع العديد من المستثمرين والمتداولين إلى تبني موقف أكثر حذراً بانتظار ما ستسفر عنه قرارات "أوبك+".
قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها
الأنظار تتجه إلى "أوبك+"
الحدث الأبرز بالنسبة للأسواق يتمثل في اجتماع تحالف "أوبك+" يوم الأحد 7 سبتمبر، حيث يترقب المستثمرون قرار التحالف بشأن مستويات الإنتاج لشهر أكتوبر.
وكشفت وكالة "رويترز" أن ثمانية أعضاء داخل التحالف، الذي يضم دول منظمة "أوبك" إلى جانب روسيا ومنتجين آخرين، يدرسون إمكانية رفع الإنتاج في الاجتماع المقبل.
مثل هذه الخطوة قد تعني بدء تقليص إضافي للخفض الحالي البالغ 1.65 مليون برميل يومياً، أي ما يعادل نحو 1.6% من الطلب العالمي، وذلك قبل أكثر من عام على الموعد المحدد لإنهاء التخفيضات.
وكان التحالف قد اتخذ خلال اجتماعه السابق الشهر الماضي قراراً بزيادة الإنتاج بمقدار 547 ألف برميل يومياً لشهر سبتمبر، ليكمل بذلك إعادة ضخ 2.2 مليون برميل يومياً من الإمدادات التي تم تعليقها خلال عام 2023.
وبذلك يكون التحالف قد استعاد تدريجياً معظم الإنتاج الذي كان قد خفضه في ذروة تقلبات السوق.
نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك أوضح أن التحالف "سيدرس الوضع الحالي ككل" قبل اتخاذ القرار النهائي، مشيراً إلى رغبة الأعضاء في الموازنة بين استقرار السوق والحفاظ على الحصص السوقية في مواجهة المنافسة المتزايدة.
التوقعات تنقسم
استطلاع أجرته وكالة "بلومبرغ" شمل محللين ومتداولين أظهر انقساماً في التوقعات بشأن مخرجات اجتماع "أوبك+".
-
17 محللاً رجحوا أن يبقي التحالف على مستويات الإنتاج دون تغيير خلال شهر أكتوبر.
-
6 محللين توقعوا أن يقرر "أوبك+" زيادة متواضعة في الإنتاج.
محللو "كومرتس بنك" حذروا في مذكرة بحثية من أن أي اتفاق على زيادة جديدة في الإنتاج سيشكل ضغطاً كبيراً على الأسعار، معتبرين أن "خطر فائض المعروض قائم بالفعل".
من جانبهم، أشار محللو "إيه.إن.زد" إلى أن الضغوط على السوق مستمرة مع تزايد التوقعات بشأن زيادة إمدادات "أوبك+"، مؤكدين أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستفاقم الضغوط على الأسعار.
ضغوط متراكمة منذ بداية العام
الضغوط على أسعار النفط لم تقتصر على التطورات الأخيرة فقط، بل تعود إلى بداية العام الحالي، حيث فقدت الأسعار نحو 14% من قيمتها مع قيام "أوبك+" برفع أهداف الإنتاج بوتيرة سريعة نسبياً في محاولة لاستعادة الحصة السوقية التي خسرتها أمام منتجين منافسين.
وفي الوقت نفسه، زاد المنتجون من خارج التحالف من إمداداتهم النفطية، ما فاقم من حدة المنافسة وضاعف الضغوط على الأسعار.
إلى جانب ذلك، ساهمت الحرب التجارية وتداعياتها، لا سيما الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في إضعاف التوقعات بشأن الطلب العالمي على الطاقة.
البعد الجيوسياسي وتأثيره
إلى جانب العوامل الاقتصادية والفنية، كان للتوترات الجيوسياسية دور بارز في تحديد معنويات السوق. فقد واصلت الولايات المتحدة الضغط على مشتري النفط الروسي بهدف دفع موسكو للقبول بوقف إطلاق نار في أوكرانيا، وفرضت واشنطن رسوماً بنسبة 50% على بعض الواردات من الهند في إطار هذه الاستراتيجية.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب صرّح الجمعة بأن الولايات المتحدة "خسرت الهند وروسيا أمام الصين الأشد ظلمةً"، في إشارة إلى تنامي النفوذ الصيني في أسواق الطاقة العالمية.
ويرى مراقبون أن أي تراجع في صادرات روسيا النفطية نتيجة الضغوط الأميركية قد يدعم الأسعار عالمياً، ما يجعل البعد الجيوسياسي عاملاً موازناً للضغوط السلبية الناتجة عن المخزونات وزيادة الإنتاج.
خلاصة المشهد
يتضح أن سوق النفط العالمي يقف عند مفترق طرق حساس:
-
من جهة، هناك ضغوط قوية ناتجة عن زيادة المخزونات الأميركية، وتوقعات رفع إنتاج "أوبك+"، وزيادة الإمدادات من خارج التحالف، فضلاً عن التباطؤ المحتمل في الطلب العالمي بفعل الحرب التجارية.
-
ومن جهة أخرى، فإن التوترات الجيوسياسية ولا سيما المتعلقة بصادرات روسيا والضغط الأميركي على شركائها التجاريين قد تمثل عاملاً داعماً للأسعار في المرحلة المقبلة.
الأسواق تترقب إذن بحذر ما سيصدر عن اجتماع "أوبك+" يوم الأحد، حيث سيكون القرار المرتقب بشأن الإنتاج عاملاً محورياً في تحديد اتجاه أسعار النفط خلال الأسابيع المقبلة:
-
تثبيت الإنتاج قد يخفف من الضغوط ويمنح الأسعار قدراً من الاستقرار.
-
زيادة متواضعة قد تدفع الأسعار للهبوط التدريجي.
-
زيادة كبيرة قد تؤدي إلى تراجع حاد جديد يعيد السوق إلى مستويات أدنى.
في المقابل، يبقى احتمال ارتفاع الأسعار قائماً إذا ما حدثت تطورات جيوسياسية مفاجئة تؤدي إلى تقليص الإمدادات الروسية أو تعطل الإمدادات في مناطق أخرى.