ارتفاع أسبوعي لأسعار النفط بدعم من تفاؤل المحادثات التجارية بين أمريكا والصين
أنهت أسعار النفط تعاملات نهاية الأسبوع على ارتفاع ملحوظ، مدعومة بتوقعات إيجابية بشأن المحادثات التجارية المرتقبة بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب بيانات اقتصادية ومؤشرات ميدانية تعكس تراجعاً في الزخم الاستثماري العالمي بقطاع التنقيب عن النفط والغاز، ما يعزز الآفاق المستقبلية للأسعار.
أداء أسعار النفط عند التسوية
سجلت أسعار النفط العالمية مكاسب قوية في ختام تداولات يوم الجمعة، وسط حالة من الترقب الإيجابي في الأسواق للمحادثات التجارية المقررة بين الولايات المتحدة والصين، والتي من المرتقب أن تعقد غداً السبت في سويسرا. ويأتي هذا التحسن في الأسعار بعد فترة من التوترات التي ألقت بظلالها على توقعات الطلب العالمي على الطاقة.
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم يوليو بنسبة 1.70%، أي ما يعادل 1.07 دولار، لتغلق عند مستوى 63.91 دولاراً للبرميل. كما صعدت عقود خام نايمكس الأمريكي تسليم يونيو بنسبة 1.85% أو ما يعادل 1.11 دولار لتستقر عند 61.02 دولاراً للبرميل.
وخلال مجمل الأسبوع، حقق الخامان مكاسب تجاوزت 4%، في ظل تهدئة نسبية للتوترات التجارية العالمية، لاسيما بعد التوصل إلى اتفاق أمريكي-بريطاني بشأن تسوية نزاع الرسوم الجمركية، وهو ما اعتبره المستثمرون خطوة نحو استقرار أكبر في حركة التجارة الدولية وانعكاساً إيجابياً على آفاق الطلب على النفط.
بيانات صينية تعزز من تفاؤل الأسواق
عززت البيانات الرسمية الصادرة الجمعة من المعنويات الإيجابية، حيث أظهرت ارتفاع واردات الصين من النفط الخام بنسبة 7.5% على أساس سنوي، لتصل إلى 48.06 مليون طن متري خلال شهر أبريل، ما يشير إلى استمرار قوة الطلب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأحد أكبر مستوردي النفط.
حفارات النفط والغاز العالمية تتراجع لأدنى مستوياتها في 3 سنوات
بالتوازي مع ذلك، صدرت تقارير حديثة عن شركة بيكر هيوز الأمريكية، أظهرت استمرار تراجع عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة للأسبوع الثاني على التوالي، حيث انخفض العدد بمقدار 5 منصات ليصل إلى 474 منصة كما استقر عدد منصات التنقيب عن الغاز الطبيعي عند 101 منصة دون تغيير.
وعلى المستوى العالمي، أفادت بيانات شهر أبريل 2025 بأن عدد الحفارات النشطة حول العالم تراجع إلى 1,616 حفاراً، ما يمثل انخفاضاً بمقدار 70 حفاراً مقارنة بشهر مارس الماضي، وبتراجع سنوي يبلغ 110 حفارات عن نفس الشهر من عام 2024.
قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها
ويُعد هذا المستوى من النشاط الأدنى منذ ما قبل عام 2022، مما يعكس استمرار ضعف الاستثمارات في قطاع الطاقة نتيجة التحديات المتعلقة بالتقلبات السعرية، والضغوط البيئية، ومتطلبات التحول الطاقي العالمي.
كانت كندا من أكثر الأسواق تأثراً، حيث سجلت أكبر تراجع شهري في عدد الحفارات، بخسارة 56 حفاراً دفعة واحدة، أي ما يعادل انخفاضاً بأكثر من 28%، ليصل عدد الحفارات إلى 138 فقط مقارنة بـ194 في مارس.
وفي الشرق الأوسط، شهد النشاط انخفاضاً معتدلاً، حيث تراجع عدد الحفارات إلى 335 حفاراً مقارنة بـ339 في مارس و343 في أبريل 2024، بانخفاض شهري قدره 4 حفارات وسنوي يبلغ 8 حفارات.
أما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فسجلت تراجعاً أكثر وضوحاً، حيث انخفض العدد بواقع 8 حفارات، ليصل الإجمالي إلى 203 حفارات، مقابل 211 في مارس و237 في أبريل من العام الماضي.
في المقابل، أظهرت أوروبا مؤشرات على تحسن طفيف، حيث ارتفع عدد الحفارات إلى 126 في أبريل، بزيادة 5 حفارات عن مارس، و6 حفارات على أساس سنوي، في إشارة إلى تعافٍ حذر رغم استمرار الضغوط التضخمية وتقلبات أسعار الصرف.
ترقب الأسواق لاجتماع اقتصادي أمريكي-صيني رفيع المستوى
قال بيارنه شيلدروب، كبير محللي السلع الأولية لدى بنك "إس.إي.بي" SEB، إن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين تُعتبر إيجابية للغاية لأسواق النفط، نظراً لأن الرسوم الجمركية المرتفعة تزيد من مخاطر الركود العالمي، ما يضعف الطلب على الطاقة.
ومن المرتقب أن يلتقي غداً السبت في سويسرا وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني خه لي فنغ، الذي يُعد أعلى مسؤول اقتصادي في الصين، في محاولة للتوصل إلى حلول للنزاعات التجارية التي باتت تُهدد استقرار الطلب العالمي على النفط.
ترامب يلوّح بزيادة الرسوم ويضع ضغوطاً إضافية على المفاوضات
وفي هذا السياق، أدلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتصريحات مثيرة للجدل، حيث أشار إلى أن فرض رسوم جمركية بنسبة 80% على البضائع الصينية "يبدو مناسباً"، لافتاً إلى أن الرسوم الحالية تبلغ 145%، وهو ما يعكس استمرار الضغوط السياسية التي قد تعرقل جهود التهدئة.
رؤية مستقبلية: تفاؤل حذر وتحديات قائمة
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، إلا أن العديد من المحللين يؤكدون أن تحقيق اختراق جوهري في المفاوضات التجارية قد يستغرق وقتاً أطول، إذ لا تزال الخلافات الجوهرية قائمة، ما يُبقي الأسواق في حالة ترقب وتحفظ، مع استمرار تأثير البيانات الاقتصادية ومؤشرات النشاط في توجيه مسار أسعار النفط في المدى القريب.