تراجع أسعار النفط مع ترقب الأسواق للعقوبات الأميركية المحتملة على روسيا وتصاعد التوترات التجارية
شهدت أسعار النفط تراجعًا يوم الثلاثاء، مع تركيز الأسواق على المهلة التي منحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لروسيا لإنهاء حرب أوكرانيا خلال 50 يومًا، وتهديداته بفرض عقوبات على مشتري النفط الروسي كما تأثر المتداولون بمجموعة من البيانات الاقتصادية الصينية المتباينة، إلى جانب تصاعد التوترات التجارية العالمية نتيجة إعلان رسوم جمركية أمريكية جديدة.
أداء أسعار النفط اليوم
تراجعت أسعار النفط بشكل طفيف في التداولات الآسيوية صباح الثلاثاء، مع تقييم المستثمرين تداعيات المهلة البالغة 50 يومًا التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لروسيا لإنهاء حربها في أوكرانيا، إلى جانب تهديداته بفرض "عقوبات ثانوية" على الدول التي تستمر في شراء النفط الروسي إذا لم تمتثل موسكو.
بحلول الساعة 10:00 بتوقيت تركيا:
-
انخفضت العقود الآجلة لخام برنت (تسليم سبتمبر) بنسبة 0.48% إلى 68.88 دولارًا للبرميل.
-
تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.57% إلى 66.60 دولارًا للبرميل.
رد فعل متقلب في الأسواق بعد إعلان المهلة
في البداية، أدت الأنباء عن التهديدات بفرض عقوبات على صادرات النفط الروسية إلى ارتفاع أسعار الخام، مع مخاوف المستثمرين من احتمال حدوث اضطرابات في الإمدادات العالمية.
إلا أن الأسواق سرعان ما أعادت تسعير هذه المخاطر، بعدما تبين أن ترامب لم يفرض إجراءات فورية صارمة، بل منح فترة سماح مدتها 50 يومًا، وهو ما خفف المخاوف من تعطل فوري في الإمدادات الروسية.
أغلقت أسعار النفط يوم الاثنين على انخفاض بنحو 2% بعد هذا الارتفاع الأولي، في ظل تقييم المستثمرين مدى جدية الإدارة الأمريكية في تنفيذ هذه التهديدات.
تصريحات ترامب: مهلة 50 يومًا وتهديد بعقوبات واسعة
أعلن الرئيس الأمريكي يوم الاثنين مهلة مدتها 50 يومًا أمام روسيا للتوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب في أوكرانيا وهدد ترامب بفرض "عقوبات ثانوية" قد تطال أي دولة أو جهة تستمر في شراء النفط الروسي إذا لم تمتثل موسكو لهذه المهلة.
وقال محللو بنك ING في مذكرة بحثية:
"عدم اتخاذ أي إجراء فوري والاعتقاد بأن هذه التهديدات لن تُنفذ يساعد في تفسير رد فعل السوق. ومع ذلك، إذا نفذ ترامب تهديداته، وتم تطبيق العقوبات بشكل فعال، فإن ذلك سيغير بشكل جذري توقعات سوق النفط".
وأشاروا إلى أن روسيا تصدر أكثر من 7 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام والمنتجات المكررة، وأن أي عرقلة لهذه الصادرات ستسبب صدمة في المعروض.
كما أوضح المحللون أن الطاقة الإنتاجية الاحتياطية لأوبك لن تكون قادرة على سد النقص بالكامل، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، لكنهم أضافوا:
"نظرًا لرغبة ترامب في انخفاض أسعار النفط، لا نعتقد أنه سيكون حريصًا على تنفيذ هذا التهديد".
أبرز مشتري النفط الروسي
-
الصين - الهند - تركيا
تُعتبر هذه الدول أكبر المستوردين للنفط الخام الروسي، وهو ما يجعلها أهدافًا محتملة للعقوبات الثانوية الأمريكية إذا تم تطبيقها فعليًا.
قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها
التوترات التجارية العالمية: رسوم جمركية أمريكية جديدة
بالتوازي مع تهديداته تجاه روسيا، صعد ترامب من لهجته التجارية ضد شركاء اقتصاديين آخرين قال الرئيس الأمريكي الأسبوع الماضي إنه سيفرض تعريفات جمركية بنسبة 30% على معظم الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي والمكسيك، اعتبارًا من 1 أغسطس/آب.
وفي المقابل، ذكرت تقارير إعلامية يوم الاثنين أن الاتحاد الأوروبي أعد قائمة جديدة من التعريفات الانتقامية المحتملة، قد تستهدف سلعًا أمريكية بقيمة تصل إلى 84 مليار دولار، مما ينذر بتصاعد خطر نشوب صدام تجاري واسع النطاق.
كما أعلن ترامب سابقًا عن تعريفات جديدة على واردات عدد من الدول الأخرى، تشمل:
-
اليابان - كوريا الجنوبية - كندا - البرازيل
إضافة إلى تعريفة بنسبة 50% على النحاس، جميعها تدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس/آب.
تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد وأسعار النفط
يحذر خبراء الاقتصاد من أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وهو ما قد يقلص الطلب على الوقود ويضغط على أسعار النفط نحو الهبوط.
وكتب كبير محللي السلع الأولية في بنك ANZ، دانيال هاينز، في مذكرة للعملاء:
"خففت المهلة المخاوف من أن العقوبات المباشرة على روسيا قد تعطل تدفقات النفط الخام. وتأثرت المعنويات أيضًا بالتوترات التجارية المتصاعدة".
على صعيد آخر، كان المتداولون يتابعون أيضًا مجموعة من البيانات الاقتصادية الصينية الصادرة يومي الاثنين والثلاثاء:
-
الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من 2025:
-
نما بنسبة 5.2% على أساس سنوي.
-
متجاوزًا توقعات السوق البالغة 5.1%.
-
مدعومًا بالصادرات المرنة والسياسات التحفيزية الحكومية.
-
-
الإنتاج الصناعي لشهر يونيو:
-
قفز بشكل حاد متجاوزًا التوقعات.
-
دعم التوقعات بنمو اقتصادي قوي في النصف الثاني من العام.
-
-
مبيعات التجزئة لشهر يونيو:
-
جاءت أقل من المتوقع.
-
ما أثار تساؤلات حول متانة الطلب المحلي الاستهلاكي.
-
هذه الأرقام أعطت الأسواق إشارة مختلطة: دعم محتمل للطلب على النفط من جانب النشاط الصناعي، يقابله حذر بشأن الاستهلاك المحلي.
توقعات أوبك وبنوك الاستثمار
في موازاة التطورات الجيوسياسية والبيانات الاقتصادية، نُقل عن الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، هيثم الغيص، توقعه بوجود طلب "قوي جدًا" على النفط في الربع الثالث من العام.
وأشار إلى أن الفارق بين العرض والطلب سيكون طفيفًا في الأشهر المقبلة، ما يعزز التوقعات بسوق نفطي متوازن أو مشدود نسبيًا.
في الوقت نفسه، رفع بنك غولدمان ساكس أمس الاثنين توقعاته لأسعار النفط في النصف الثاني من عام 2025، مستشهدًا بعدة عوامل:
-
اضطرابات محتملة في الإمدادات.
-
انخفاض المخزونات لدى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
-
قيود الإنتاج في روسيا.
ختامًا، يواصل المستثمرون والمتعاملون في أسواق النفط مراقبة تطورات الحرب في أوكرانيا، وصدقية التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات ثانوية، وكذلك مسار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها.
كما يراقبون البيانات الاقتصادية العالمية، خصوصًا من الصين، باعتبارها عاملًا رئيسيًا في تحديد الطلب العالمي على الطاقة.
تظل هذه العوامل كلها عوامل ضغط متقابلة تجعل التوقعات لسوق النفط في النصف الثاني من 2025 شديدة التعقيد، حيث تتوازن مخاوف نقص الإمدادات مع القلق من تباطؤ اقتصادي عالمي قد يخفض الطلب على الوقود.