ارتفاع أسعار النفط وسط مراقبة الإمدادات الروسية وترقب اجتماع الفيدرالي الأميركي

تشهد أسعار النفط العالمية ارتفاعاً ملحوظاً، مواصلة بذلك المكاسب الطفيفة التي حققتها خلال الأسبوع الماضي، في ظل متابعة دقيقة من المستثمرين لاحتمالات حدوث اضطرابات في الإمدادات الروسية نتيجة للهجمات المتكررة التي تشنها الطائرات المسيرة الأوكرانية على البنية التحتية للطاقة في موسكو.

هجمات أوكرانية على منشآت الطاقة الروسية

ارتفعت أسعار النفط في تعاملات اليوم الاثنين، حيث يقيّم المستثمرون التداعيات المحتملة للهجمات الأوكرانية بالطائرات المسيّرة على مصافي النفط الروسية. وتثير هذه الضربات مخاوف جدية من إمكانية تعطيل صادرات النفط الخام والوقود الروسيين إلى الأسواق العالمية.

 

ويأتي ذلك في وقت يراقب فيه المتعاملون أيضاً تطورات الطلب الأميركي على الوقود، الذي يُعد عاملاً حاسماً في مسار أسعار الخام خلال الفترة المقبلة.

أداء أسعار النفط

وبحسب بيانات التداول، صعدت عقود خام برنت تسليم شهر نوفمبر بنسبة 0.4% لتسجل 67.29 دولاراً للبرميل، في حين ارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنسبة 0.5% إلى 62.75 دولاراً للبرميل، وذلك بحلول الساعة 10:15 صباحاً بتوقيت تركيا.

 

وقد أنهت العقود الأسبوع الماضي على ارتفاع تجاوز 1%، مدفوعة بتصعيد أوكرانيا لوتيرة هجماتها على البنية التحتية الروسية، بما في ذلك استهداف أكبر محطة لتصدير النفط في ميناء بريمورسك، بالإضافة إلى مصفاة كيريشينفيورجسينتيز، التي تُعد واحدة من أهم وأكبر مصفاتين في روسيا.

مخاوف متزايدة بشأن الإمدادات

أضافت أسعار النفط نحو 1% خلال الأسبوع الماضي في أعقاب تكثيف الهجمات الأوكرانية، وهو ما عزز المخاوف من اضطرابات حقيقية في تدفقات الخام الروسي. وتكتسب هذه المخاوف زخماً أكبر بالنظر إلى أن الضربات استهدفت منشآت حيوية قادرة على إنتاج وتصدير كميات كبيرة من النفط.

 

ويرى مراقبون أن أي تعطيل مستمر للبنية التحتية الروسية قد يُلقي بظلاله على الإمدادات الموجهة إلى الأسواق الرئيسية لموسكو مثل الهند والصين، اللتين تعتمدان على النفط الروسي بأسعار مخفضة مقارنة بالأسواق العالمية.

 

قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها

توازنات جيوسياسية معقدة

في موازاة هذه التطورات، يبرز البعد الجيوسياسي كعامل لا يقل أهمية عن العوامل الاقتصادية. إذ يتركز الاهتمام أيضاً على الجهود الأميركية لتخفيف حدة الحرب الروسية – الأوكرانية، على الرغم من إعلان موسكو يوم الجمعة الماضي أن محادثات وقف إطلاق النار مع كييف قد توقفت، مما يعكس تعقيدات إضافية على المشهد.

 

إلى جانب ذلك، تسعى الولايات المتحدة إلى ممارسة ضغوط اقتصادية إضافية على موسكو من خلال التضييق على شركائها التجاريين. فقد شوهدت واشنطن الأسبوع الماضي تدفع باتجاه فرض تعريفات تجارية أعلى على كل من الصين والهند من جانب دول مجموعة السبع، وذلك عقب قرارها أواخر أغسطس فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الهند بسبب استمرارها في شراء النفط الروسي.

 

ويعتقد محللون أن فرض المزيد من القيود الغربية على شراء النفط الروسي من شأنه أن يزيد من تقليص المعروض في الأسواق العالمية، وهو سيناريو يبدو مرجحاً في ظل استمرار الحرب دون أي مؤشرات على اقترابها من النهاية.

موقف المحللين والأسواق

وفي مذكرة بحثية، قال محللو بنك جيه. بي. مورغان بقيادة ناتاشا كانيفا إن "الهجوم الأخير يشير إلى استعداد متزايد لتعطيل أسواق النفط العالمية، وهو ما قد يضيف ضغوطاً صعودية على أسعار الخام"، في إشارة إلى استهداف ميناء بريمورسك.

 

كما يراقب المستثمرون عن كثب المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي انطلقت أمس الأحد في العاصمة الإسبانية مدريد، في ظل إصرار واشنطن على مطالبة حلفائها بفرض رسوم جمركية على الواردات الصينية، على خلفية مشتريات بكين المتزايدة من النفط الروسي.

اجتماع الفيدرالي الأميركي في صدارة الاهتمام

وبعيداً عن العوامل الجيوسياسية، ينصب تركيز الأسواق هذا الأسبوع على اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي يُتوقع على نطاق واسع أن يُقدم على خفض أسعار الفائدة في محاولة لدعم الاقتصاد.

 

ويأتي هذا الاجتماع في وقت تتزايد فيه المخاوف من ضعف الطلب الأميركي على الوقود، وهو ما يثير جدلاً بين المستثمرين حول مدى فعالية السياسات النقدية في إنعاش الاستهلاك المحلي ودعم مستويات الطلب على الطاقة.

 

خلاصة المشهد

يمكن القول إن أسواق النفط تقف حالياً أمام توازن هش يتأرجح بين ضغوط جيوسياسية ناتجة عن الحرب الروسية – الأوكرانية، وما يرافقها من مخاطر على إمدادات الخام الروسي، وبين عوامل اقتصادية داخلية في الولايات المتحدة مرتبطة بالطلب والسياسات النقدية.

 

وبينما يترقب المتعاملون نتائج اجتماع الفيدرالي وما ستسفر عنه المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين، فإن استمرار الضربات الأوكرانية على منشآت النفط الروسية يبقي أسعار الخام في دائرة الترقب، مع احتمالات صعود إضافي إذا ما تكررت أو توسعت الهجمات على البنية التحتية الحيوية لموسكو.

تم التحديث في: الاثنين, 15 أيلول 2025 10:24
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول