تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من تخمة المعروض وارتفاع المخزونات الأميركية

تشهد أسواق النفط العالمية حالة من التذبذب الواضح، إذ تراجعت الأسعار خلال تداولات الأربعاء بعد صدور تقرير رئيسي من "معهد البترول الأميركي" أظهر ارتفاعاً ملحوظاً في مخزونات الخام والوقود في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للطاقة في العالم.

 

هذا الارتفاع عزّز المخاوف المتنامية من عودة تخمة المعروض في السوق العالمية، بالتزامن مع استمرار الضبابية المتعلقة بأثر العقوبات الأميركية على القطاع النفطي الروسي.

أداء أسعار النفط اليوم

تراجعت عقود خام برنت الآجلة بنسبة 0.2% لتصل إلى 64.76 دولاراً للبرميل، بعد مكاسب بلغت 1.1% خلال الجلسة السابقة.


وفي الاتجاه ذاته، انخفضت عقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط بنحو 0.1% إلى 60.65 دولاراً للبرميل، بعدما ارتفعت 1.4% يوم الثلاثاء.

 

ورغم المكاسب السابقة المرتبطة بتقييم المستثمرين لتداعيات العقوبات الأميركية على الشركات الروسية، إلا أن تقرير المخزونات الأميركية ضغط بشكل واضح على معنويات السوق، ليعيد الأسعار إلى مسار الهبوط.

ارتفاع المخزونات الأميركية: إشارة ضعف الطلب

بحسب بيانات معهد البترول الأميركي (API)، ارتفعت مخزونات الخام الأميركية بحوالي 4.4 ملايين برميل خلال الأسبوع المنتهي في 14 نوفمبر، في حين زادت مخزونات البنزين بـ 1.55 مليون برميل، وارتفعت مخزونات نواتج التقطير بـ 577 ألف برميل.

 

وإذا أكدت البيانات الرسمية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA) هذه الزيادة لاحقاً، فستكون المخزونات قد بلغت أعلى مستوى لها في أكثر من خمسة أشهر، وهو ما يعزز مخاوف ضعف الطلب المحلي.

 

وتشير شركة الوساطة الصينية «هايتونغ فيوتشرز» إلى أن هذه الأرقام "تعكس إشارات واضحة على تباطؤ الطلب وتضيف توقعات سلبية لمسار أسعار النفط خلال الفترة المقبلة".

 

رغم الزيادة الكبيرة التي أظهرها معهد البترول، قدّر ثمانية محللين استطلعت رويترز آراءهم أن مخزونات الخام ربما تراجعت بنحو 600 ألف برميل، ما يعكس فجوة بين التوقعات والبيانات الفعلية المحتملة.

هذه المفارقة تزيد من حالة عدم اليقين في السوق، إذ ينتظر المستثمرون الرقم الرسمي لتحديد الاتجاه التالي للأسعار.

 

قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها

العقوبات الأميركية على روسيا

من المتوقع أن تدخل العقوبات الأميركية الجديدة على شركتي "روسنفت" و**"لوك أويل"** الروسيتين حيّز التنفيذ خلال أيام، في إطار الجهود الغربية للضغط على موسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

 

وقد دفع ذلك بعض المشترين الآسيويين إلى تعليق جزء من مشترياتهم تحسباً لتعقيدات قانونية محتملة، بينما شهدت أسواق الديزل الأوروبية تحسناً قوياً في الهوامش نتيجة مخاوف نقص الإمدادات من روسيا.

الهجمات الأوكرانية تزيد مخاوف تعطل الإمدادات

شهدت الفترة الأخيرة تصاعداً في الهجمات الأوكرانية التي تطال المصافي الروسية ومراكز التصدير الرئيسية. وقد ساهم ذلك في ارتفاع هوامش ربح إنتاج الديزل في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ سبتمبر 2023، إضافة إلى ارتفاع هوامش التكرير عالمياً.

 

ومع ذلك، فإن تأثير هذه المخاوف يبقى محدوداً، لأن السوق تواجه في الوقت ذاته دلائل متزايدة على وفرة الإمدادات العالمية.

توقعات تخمة المعروض

خلال الأشهر الماضية، فقد النفط زخمه بشكل تدريجي، مسجلاً ثلاثة أشهر متتالية من التراجع حتى أكتوبر، وذلك وسط تنامي المخاوف من أن الإنتاج العالمي يفوق مستويات الطلب.

 

ووفقاً لتوقعات وكالة الطاقة الدولية (IEA)، من المرجح أن يسجل العالم فائضاً قياسياً في الإمدادات خلال العام المقبل، مدفوعاً بزيادة الإنتاج من دول «أوبك+» وكذلك من دول خارج التحالف، في مقدمتها الولايات المتحدة والبرازيل وكندا.

 

المحللة في "فاندا إنسايتس"، فيندانا هاري، أكدت أن السوق "لا تزال عالقة بين ضغوط فائض المعروض والمخاوف المتعلقة بالاضطرابات الروسية"، مشيرة إلى أن "عامل علاوة المخاطر يرتفع وينخفض بسرعة تبعاً للأحداث الجيوسياسية".

 

تشير بيانات شركة "فورتكسا" إلى أن حجم الخام المحمول على الناقلات بلغ مستوى مرتفعاً جديداً، إذ جرى نقل نحو 1.4 مليار برميل عبر البحار في اتجاهات مختلفة أو في التخزين العائم، في إشارة واضحة إلى وفرة الإمدادات قبيل بدء تنفيذ العقوبات على روسيا.

 

بعد انتهاء الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، يستعد السوق لوصول دفعات من البيانات المتراكمة. وفي وقت لاحق اليوم، ستستأنف لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) نشر بيانات التزامات المتداولين، وسيتم إصدار ما يصل إلى تقريرين أسبوعياً حتى 23 يناير، قبل أن يعود الجدول الزمني لطبيعته.

 

هذه البيانات ستوفر رؤية أوضح لاتجاهات المضاربة والتمركزات المالية في سوق النفط، ما قد ينعكس مباشرة على حركة الأسعار خلال الأيام المقبلة.

تم التحديث في: الأربعاء, 19 تشرين الثاني 2025 12:13
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول