النفط يرتفع لكنه يتجه لخسائر أسبوعية تتجاوز 12% وسط انحسار مخاوف الإمدادات في الشرق الأوسط

ارتفعت أسعار النفط في تعاملات الجمعة مستفيدة من تراجع المخزونات الأمريكية وضعف الدولار، لكنها تتجه لتسجيل خسائر أسبوعية حادة تتجاوز 12%، في ظل تهدئة التوترات بين إيران وإسرائيل وتراجع المخاوف بشأن تعطل الإمدادات من الشرق الأوسط. كما ساهم وقف إطلاق النار وتطورات السياسة الأمريكية في تشكيل مسار الأسعار وسط توقعات وتحليلات متباينة بشأن مستقبل السوق.

 

شهدت أسعار النفط ارتفاعًا في التعاملات الآسيوية يوم الجمعة، مستفيدة من بعض المؤشرات الإيجابية حول مرونة الطلب الأمريكي، إلا أن هذه المكاسب اليومية لم تكن كافية لمحو الخسائر الحادة التي تكبدتها السوق هذا الأسبوع، والتي تجاوزت نسبتها 12%.

 

يعود هذا الاتجاه الهبوطي الأسبوعي إلى انحسار المخاوف بشأن اضطرابات الإمدادات في الشرق الأوسط، خاصة بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، الذي ساعد في تهدئة الأسواق وتقليل علاوة المخاطر الجيوسياسية التي كانت تضغط على الأسعار.

أسعار النفط في الأسواق العالمية

بحلول الساعة 10:05 صباحًا بتوقيت تركيا يوم الجمعة، كانت عقود النفط الآجلة على النحو التالي:

  • عقود خام برنت الآجلة لشهر أغسطس: ارتفعت بنسبة 0.57% إلى 68.10 دولار للبرميل.

  • عقود خام غرب تكساس الوسيط الآجلة: ارتفعت بنسبة 0.86% إلى 65.78 دولار للبرميل.

  • عقود نفط برنت الأخرى في تداولات لاحقة: ارتفعت بنسبة 0.84% إلى 67.25 دولار للبرميل.

هذه المكاسب اليومية جاءت عقب موجة بيع حادة دفعت الأسعار إلى أدنى مستوياتها في أكثر من أسبوع يوم الثلاثاء.

وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل يخفف من المخاوف الجيوسياسية

كان العامل الأساسي في تراجع أسعار النفط هذا الأسبوع هو إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، والذي بدا صامدًا وثابتًا حتى صباح الجمعة.

 

أدى الاتفاق إلى تهدئة المخاوف من حدوث اضطرابات كبرى في إمدادات النفط العالمية، ولا سيما المخاوف من احتمال إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خمس تجارة النفط البحرية العالمية.

 

وفي هذا السياق، أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أن إيران قد تواصل بيع النفط إلى الصين، وهو ما اعتبرته الأسواق إشارة سلبية إضافية تؤثر في التوازن العالمي بين العرض والطلب.

 

أثار ترامب أيضًا توقعات لمحادثات نووية جديدة مع طهران خلال الأسبوع المقبل، ما عزز التفاؤل بإمكانية تخفيف العقوبات وتقليل التوترات في المنطقة على المدى المتوسط.

 

من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن نتائج الحرب الأخيرة مع إيران تتيح فرصًا للسلام لا يجب على إسرائيل أن تضيعها، ما أضاف مزيدًا من الطمأنينة بشأن استقرار الإمدادات في الشرق الأوسط.

 

قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها

بيانات المخزونات الأمريكية تدعم الأسعار مؤقتًا

رغم الانخفاض الأسبوعي الكبير، تلقت الأسعار بعض الدعم في نهاية الأسبوع من بيانات أمريكية رسمية أظهرت انخفاضًا حادًا في مخزونات النفط الخام والوقود.

 

أشارت التقارير إلى زيادة في نشاط التكرير وارتفاع الطلب على الوقود في الولايات المتحدة، مدفوعًا بموسم القيادة الصيفي، ما ساعد على تقليص جزء من خسائر النفط.

 

وقال فيل فلين، كبير المحللين في مجموعة "برايس فيوتشرز"، إن السوق بدأت تستوعب حقيقة أن "مخزونات النفط الخام أصبحت محدودة للغاية فجأة"، في إشارة إلى القلق بشأن قدرة العرض على تلبية الطلب المستقبلي.

ضعف الدولار يساهم في دعم أسعار النفط

أحد العوامل الأخرى التي دعمت أسعار النفط في نهاية الأسبوع كان انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته في أكثر من ثلاث سنوات يوم الخميس.

 

يُذكر أن ضعف الدولار يجعل النفط المقوم بالدولار أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى، ما يزيد الطلب ويعزز الأسعار.

 

وقد ارتبط تراجع الدولار بتقارير أفادت بأن ترامب يدرس اختيار رئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في وقت مبكر، ما أثار رهانات على خفض أسعار الفائدة في الفترة المقبلة.

آفاق السياسة النقدية الأمريكية ودورها في سوق النفط

تتجه الأنظار أيضًا إلى البيانات الاقتصادية الأمريكية، خاصة مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي كان من المقرر صدوره لاحقًا يوم الجمعة، وسط توقعات بأن يوفر مزيدًا من الإشارات حول توجهات الفيدرالي الأمريكي في السياسة النقدية.

 

خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة قد يؤدي إلى ضعف إضافي للدولار، ما قد يدعم أسعار النفط على المدى القصير.

سياسة الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأمريكي

في تطور آخر، قالت وزارة الطاقة الأمريكية إن الولايات المتحدة لن تُكمل عمليات تسليم النفط الخام المجدولة إلى الاحتياطي البترولي الاستراتيجي حتى نهاية العام الجاري، بسبب أعمال صيانة، ما يمثل تأخرًا قد يصل إلى سبعة أشهر عن الجدول الزمني المقرر.

 

ويُشار إلى أن الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأمريكي حالياً عند أدنى مستوياته منذ الثمانينيات، بعد السحوبات الكبيرة التي أجرتها إدارة بايدن لمحاولة استقرار أسعار البنزين في الولايات المتحدة خلال الحرب الروسية الأوكرانية في 2022.

 

هذا الانخفاض في المخزون الاستراتيجي يقلص قدرة الحكومة الأمريكية على التعامل مع صدمات الإمدادات المستقبلية أو ارتفاعات مفاجئة في الأسعار.

 

رغم ذلك، دعا الرئيس ترامب إلى زيادة إنتاج النفط الأمريكي لتعويض هذا النقص وتعزيز أمن الطاقة.

توقعات السوق وتحليلات البنوك العالمية

قال بنك جولدمان ساكس في مذكرة يوم الخميس إن تحليلاته تشير إلى أن سعر خام برنت قد يصل إلى 90 دولارًا للبرميل بنهاية العام في حالة توقف التجارة عبر مضيق هرمز نتيجة أي تصعيد عسكري جديد.

 

وأشار البنك إلى أن المضيق يظل نقطة اختناق استراتيجية، وأي تهديدات بإغلاقه أو عرقلته قد تؤدي إلى ارتفاعات حادة في الأسعار.

 

كما بقيت الأنظار مركزة على آثار الضربات الأمريكية الأخيرة ضد منشآت نووية إيرانية. وذكرت تقارير عدة هذا الأسبوع أن هذه الضربات لم تقض تمامًا على برنامج إيران النووي، وهي مزاعم رفضها البيت الأبيض بشدة.

 

هذا التوتر المستمر في العلاقات الأمريكية الإيرانية يضيف عنصرًا من عدم اليقين الجيوسياسي الذي قد يؤثر على أسعار النفط في الأشهر المقبلة.

 

خلاصة: سوق النفط بين التهدئة الجيوسياسية والعوامل الاقتصادية

في النهاية، يواجه سوق النفط توازناً دقيقًا بين مؤثرات متناقضة:

  • من جهة، ساعد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل على تهدئة مخاوف الإمدادات ودفع الأسعار إلى الانخفاض الحاد هذا الأسبوع.

  • من جهة أخرى، تبقى التوترات في الخليج قائمة، إلى جانب بيانات الطلب الأمريكي القوي وانخفاض المخزونات وضعف الدولار، وكلها عوامل تقدم دعمًا محدودًا للأسعار.

مع استمرار هذه العوامل المتداخلة، من المتوقع أن تبقى أسعار النفط حساسة جدًا للأحداث الجيوسياسية والبيانات الاقتصادية العالمية في المستقبل القريب.

تم التحديث في: الجمعة, 27 حزيران 2025 10:33
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول