- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار العملات والعملات الرقمية
- الين الياباني يصعد بدعم من بيانات تضخم قوية والدولار الأميركي يتراجع وسط مخاوف مالية
الين الياباني يصعد بدعم من بيانات تضخم قوية والدولار الأميركي يتراجع وسط مخاوف مالية

شهدت العملات الآسيوية ارتفاعاً ملحوظاً خلال تعاملات يوم الجمعة، مدفوعة بتراجع الدولار الأميركي على خلفية مخاوف تتعلق بالاستقرار المالي للولايات المتحدة، بعد تمرير مشروع قانون ضريبي مثير للجدل وتصدر الين الياباني المشهد بصعود قوي بعد صدور بيانات تضخم تفوق التوقعات، مما عزز رهانات الأسواق على احتمال رفع بنك اليابان لسعر الفائدة خلال الأشهر المقبلة.
سجل الين الياباني ارتفاعاً ملحوظاً في تعاملات السوق الآسيوية أمام سلة من العملات الرئيسية والثانوية، ليستأنف بذلك مكاسبه التي توقفت مؤقتاً خلال جلسة أمس أمام الدولار الأميركي، بفعل عمليات تصحيح وجني أرباح.
ويُتداول الين حالياً بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين، في طريقه نحو تسجيل مكاسب أسبوعية واضحة، مدعوماً بارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة في ظل تصاعد المخاوف بشأن الاستقرار المالي في الولايات المتحدة.
بيانات التضخم في اليابان
أظهرت البيانات الاقتصادية الصادرة اليوم من طوكيو ارتفاع التضخم الأساسي في اليابان إلى أعلى مستوى له منذ عامين، في إشارة إلى تصاعد الضغوط التضخمية التي يواجهها صانعو السياسة النقدية في بنك اليابان.
ويزيد هذا الارتفاع من احتمالات أن يتجه البنك المركزي الياباني إلى رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في يونيو المقبل، في خطوة قد تعكس تحوّلاً تدريجياً في سياسته النقدية المتساهلة المعهودة.
تحركات سعر صرف الين الياباني
شهد سعر صرف الدولار مقابل الين تراجعاً بنسبة 0.4% اليوم، ليصل إلى 143.44 ين، مقارنة مع سعر افتتاح التعاملات عند 144.01 ين، بينما سجل الزوج أعلى مستوى خلال الجلسة عند 144.07 ين.
وكان الين الياباني قد فقد خلال تسوية يوم الخميس ما نسبته 0.25% أمام الدولار الأميركي، منهياً سلسلة مكاسب يومية استمرت سبعة أيام متتالية، وهي أطول موجة صعود يومي منذ أبريل 2021، نتيجة عمليات جني أرباح وتصحيح سعري، وذلك بعد أن بلغ في وقت سابق من الجلسة أعلى مستوياته خلال أسبوعين عند 142.80 ين.
الدولار الأميركي يتجه نحو تسجيل خسارة أسبوعية
سجل مؤشر الدولار الأميركي، الذي يقيس أداء العملة مقابل سلة من العملات الرئيسية، تراجعاً بنسبة 0.3% خلال الجلسة الآسيوية يوم الجمعة، مما يجعله في طريقه لتسجيل خسائر أسبوعية تتجاوز 1%، وهو ما يعكس القلق المتزايد في الأسواق حيال الوضع المالي في الولايات المتحدة.
كما هبطت عقود مؤشر الدولار الآجلة بنفس النسبة، مما يعزز من الاتجاه الهابط للدولار خلال هذا الأسبوع.
وقد ساهمت هذه التراجعات في دعم أداء معظم العملات الآسيوية، رغم استمرار أجواء عدم اليقين في الأسواق العالمية، وخصوصاً تلك المتعلقة بالتوترات التجارية والمخاوف المرتبطة بتباطؤ الاقتصاد العالمي.
أسباب تراجع الدولار
بعد أن خفضت وكالة موديز تصنيفها الائتماني للديون الأميركية الأسبوع الماضي، ركز المستثمرون هذا الأسبوع على ديون البلاد البالغة 36 تريليون دولار، ومشروع قانون الضرائب الذي اقترحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي قد يضيف تريليونات الدولارات إلى هذه الديون.
ووصفه ترامب بأنه «مشروع قانون ضخم وجميل»، وقد مُرر بفارق ضئيل في مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ويتجه الآن إلى مجلس الشيوخ لمناقشته على الأرجح لمدة أسابيع، ما يُبقي معنويات المستثمرين هشة على المدى القريب.
قال موه سيونغ سيم استراتيجي العملات في بنك سنغافورة: «شهدنا هذا الأسبوع تحولاً في التركيز من الرسوم الجمركية إلى المخاطر المالية، وقد تسبب ذلك في الكثير من التوتر في السوق».
وأضاف: «لقد وصل المسار المالي في الولايات المتحدة إلى نقطة يتساءل فيها السوق عما إذا كان يمكن أن يستمر هذا؟».
الين الياباني يتصدر مكاسب العملات الآسيوية
سجل الين الياباني مكاسب قوية أمام الدولار الأميركي، مع تراجع زوج الدولار/ين بنسبة 0.4% يوم الجمعة وتشير التقديرات إلى أن العملة اليابانية حققت ارتفاعاً أسبوعياً يقارب 1.5% مقابل الدولار، مدعومة ببيانات تضخم جاءت أقوى من المتوقع في أبريل 2025.
وأظهرت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الياباني أن التضخم الأساسي للمستهلكين (باستثناء الأغذية الطازجة) ارتفع إلى 3.5% على أساس سنوي، متجاوزاً التوقعات التي أشارت إلى 3.4%، ومحققاً أسرع وتيرة نمو منذ أكثر من عامين.
كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي الذي يستثني الأغذية الطازجة والطاقة إلى 3.0% في أبريل، مقارنة بـ 2.9% في مارس. ويعد هذا المؤشر من أهم الأدوات التي يستخدمها بنك اليابان لتقييم الاتجاهات التضخمية في الاقتصاد، نظراً لقدرته على قياس التضخم الأساسي بعيداً عن تقلبات أسعار المواد الغذائية والطاقة.
ويُعزى تسارع التضخم في اليابان جزئياً إلى نتائج مفاوضات العمل الربيعية، حيث نجحت النقابات العمالية في تأمين زيادات كبيرة في الأجور، مما ساعد في دعم الإنفاق المحلي وبالتالي الضغط التصاعدي على الأسعار.
تزايد التوقعات برفع أسعار الفائدة من قبل بنك اليابان
أشارت مذكرة تحليلية صادرة عن بنك ING إلى أن بيانات التضخم القوية قد تفتح الباب أمام رفع جديد لسعر الفائدة من قبل بنك اليابان في يوليو المقبل، في خطوة تعكس تغيراً تدريجياً في السياسة النقدية اليابانية وجاء في المذكرة:
"التضخم الأساسي الأعلى من المتوقع يعزز احتمال أن يقوم بنك اليابان برفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يوليو، ثم التوقف لفترة ممتدة بسبب حالة عدم اليقين المحيطة بالرسوم الجمركية الأميركية."
ومن المرجح أن تظل السياسة النقدية اليابانية حذرة، نظراً لعدد من العوامل، من بينها تأثير الرسوم الأميركية المحتملة على الصادرات اليابانية، بالإضافة إلى التحديات الداخلية التي قد تحد من قدرة البنك على تشديد السياسة بوتيرة سريعة.
مشروع قانون ضريبي أميركي يُضعف الدولار
تزامن تراجع الدولار مع تمرير مجلس النواب الأميركي مشروع قانون شامل لخفض الضرائب قدمه الرئيس السابق دونالد ترامب، ويحمل اسم "مشروع قانون واحد كبير جميل". ويتضمن التشريع تخفيضات ضريبية كبيرة، وزيادات في الإنفاق العسكري، إلى جانب تقليصات حادة في الحوافز المتعلقة بالطاقة المتجددة والبرامج الاجتماعية.
وبحسب تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي (CBO)، يُتوقع أن يؤدي هذا المشروع إلى زيادة الدين الوطني الأميركي بنحو 3.8 تريليون دولار خلال العقد المقبل، مما زاد من مخاوف الأسواق بشأن الاستدامة المالية للولايات المتحدة.
ويأتي هذا التطور بعد أن قامت وكالة موديز للتصنيف الائتماني بتخفيض التصنيف السيادي للولايات المتحدة من Aaa إلى Aa1، مستشهدة بارتفاع مستويات الدين العام، مما زاد من الضغوط على العملة الأميركية وأدى إلى خسائر متواصلة على مدار الأسبوع.
الاقتصاد الياباني بين ضغوط خارجية وديناميكيات داخلية
رغم قوة بيانات التضخم، أشار بنك اليابان في اجتماعه السابق إلى أنه يتوقع تباطؤاً في النمو الاقتصادي والتضخم خلال الفترة المقبلة، بسبب عدم اليقين المتعلق بالسياسات التجارية الأميركية. ومع ذلك، فإن الإنفاق الخاص في اليابان لا يزال يشهد زخماً قوياً، مدفوعاً بارتفاع الأجور، مما قد يحافظ على مستويات التضخم المرتفعة نسبياً في المستقبل القريب وقد صرح محللو ING:
"مع استمرار ارتفاع التضخم، من المتوقع أن يقوم بنك اليابان برفع الفائدة في يوليو، ولكن في ظل ضعف الطلب العالمي والرسوم الجمركية الأميركية، فإن أي تشديد إضافي سيكون تدريجياً وربما يتم تأجيله حتى أوائل العام المقبل."
خلاصة: الأسواق تترقب تحولات السياسة النقدية في آسيا وأميركا
تشير التحركات الأخيرة في العملات الآسيوية، وتحديداً الين الياباني، إلى أن الأسواق بدأت تستعد لاحتمالات تغير السياسة النقدية في المنطقة، مقابل استمرار الضغوط المالية والسياسية في الولايات المتحدة التي تؤثر سلباً على الدولار.
وفيما تبقى البيانات الاقتصادية والقرارات السياسية محور اهتمام الأسواق العالمية، فإن الآفاق المستقبلية للعملات الرئيسية ستظل رهناً بمزيج من العوامل، بما في ذلك معدلات التضخم، قرارات البنوك المركزية، والتطورات الجيوسياسية والمالية.