الين الياباني يسجل أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من اتفاق تجاري مع واشنطن

واصل الين الياباني ارتفاعه خلال تعاملات السوق الآسيوية يوم الخميس، مسجلاً مكاسب جديدة للجلسة الرابعة على التوالي مقابل الدولار الأمريكي، ليصل إلى أعلى مستوياته في أسبوعين، وسط نشاط ملحوظ في عمليات شراء العملة كملاذ آمن.

جاء هذا الارتفاع على خلفية الأنباء السياسية المتوترة في اليابان والتي تتعلق بإمكانية استقالة رئيس الوزراء "شيغيرو إيشيبا"، إضافةً إلى الدعم الذي تلقاه الين من إعلان اتفاق تجاري واسع النطاق بين طوكيو وواشنطن، والذي كان له أثر مباشر على تحركات العملات الآسيوية الأخرى والأسواق الإقليمية.

أداء الين الياباني أمام الدولار اليوم

شهد الين الياباني يوم الخميس أداءً قوياً في سوق العملات الآسيوية، حيث وسّع من مكاسبه لليوم الرابع على التوالي مقابل الدولار الأمريكي، مدفوعاً بتزايد الطلب عليه كأحد أبرز الملاذات الآمنة عالمياً في ظل تصاعد حالة عدم اليقين السياسي في اليابان.

وبحسب بيانات السوق، فقد تراجع الدولار مقابل الين بنسبة 0.21% إلى مستوى 146.22 ين، وذلك بعد أن افتتح تداولاته عند 146.50 ين، في حين سجّل أعلى مستوى خلال الجلسة عند 146.52 ين.

وكان الين قد أنهى تعاملات الأربعاء على ارتفاع بنسبة 0.1% مقابل الدولار، مواصلاً تحقيق المكاسب لليوم الثالث على التوالي، بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق تجاري كبير بين الولايات المتحدة واليابان، مما عزز الثقة بالاقتصاد الياباني بشكل مؤقت على الرغم من المشهد السياسي المضطرب داخلياً.

تزامن ارتفاع الين مع تداول تقارير إعلامية محلية تشير إلى نية رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا تقديم استقالته، وذلك في أعقاب الهزيمة الساحقة التي مني بها الحزب الحاكم خلال انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة، وهو ما اعتُبر سبباً محتملاً في تعزيز مكانة الين كملاذ آمن، مع سعي المستثمرين للابتعاد عن الأصول عالية المخاطر.

ورغم انتشار تلك الأنباء على نطاق واسع، سارع إيشيبا إلى نفيها خلال تصريحات صحفية يوم الأربعاء، حيث قال:

"لقد شاركت شعورًا قويًا بالأزمة مع رؤساء الوزراء السابقين، ولكنني لم أناقش استقالتي على الإطلاق."

ومع أن إيشيبا نفى بشكل قاطع أي نية للاستقالة، إلا أن حالة الغموض السياسي لا تزال تسيطر على المشهد الداخلي في اليابان، لا سيما في ظل تزايد الضغوط داخل الحزب الحاكم عقب نتائج الانتخابات الأخيرة، ما يدفع الأسواق المالية إلى التحوط عبر تفضيل الأصول الآمنة.

اتفاق تجاري أمريكي–ياباني يعزز استقرار الأسواق

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأربعاء أن الولايات المتحدة واليابان توصلتا إلى صفقة تجارية واسعة النطاق، تتضمن فرض تعريفة جمركية بنسبة 15% فقط على جميع السلع اليابانية المستوردة، مقارنةً بالمعدل السابق المقترح الذي بلغ 25%، مما ساهم في تهدئة التوترات التجارية بين البلدين.

ووفقاً لتصريحات ترامب، فإن الصفقة تتضمن استثماراً يابانياً ضخماً في الاقتصاد الأمريكي بقيمة 550 مليار دولار، ما اعتُبر دلالة واضحة على متانة العلاقة الاقتصادية بين الطرفين، وساهم في رفع المعنويات في الأسواق الآسيوية.

هذا الاتفاق أدى إلى تحسين شهية المستثمرين للمخاطرة بشكل طفيف، ورفع من تقييمات العملات الآسيوية، وعلى رأسها الين الياباني، الذي استفاد أيضاً من كونه عملة ملاذ آمن في أوقات الاضطراب السياسي.

تحليلات الأسواق

رغم أن الين يواصل تحقيق المكاسب، إلا أن محللين ومراقبين اقتصاديين حذروا من أن استمرار حالة عدم اليقين السياسي قد يقود إلى تذبذبات مستقبلية في سعر الصرف، إضافة إلى احتمال تأثير السياسات النقدية لبنك اليابان.

وفي هذا السياق، قالت "كارول كونغ"، خبيرة استراتيجيات العملات لدى بنك الكومنولث الأسترالي:

"سيظل الين يواجه رياحًا معاكسة بسبب استمرار حالة عدم اليقين السياسي. ما زلنا لا نعرف ما سيفعله رئيس الوزراء إيشيبا... لذا أعتقد أنه لا يزال هناك بعض الغموض فيما يتعلق بالتوقعات المالية في اليابان وسياسة بنك اليابان."

وبدورهم، أكد محللو بنك ING في مذكرة تحليلية أن:

"الين أقل تأكداً مما تعنيه كل هذه التطورات، خاصة في ظل احتمال استقالة وشيكة من رئيس الوزراء إيشيبا. مع وجود الكثير من عدم اليقين واستمرار انخفاض التقلبات لصالح عمليات المراجحة، لا نرى سبباً قوياً لتداول الين بقوة أكبر من هنا."

ورغم أن إيشيبا نفى رسمياً نيته الاستقالة، إلا أن محللي السوق يرون أن مجرد تداول هذه الأنباء من شأنه زعزعة استقرار الأسواق وتغيير سلوك المستثمرين، خاصة مع حساسية السوق اليابانية لأي إشارات على عدم استقرار حكومي.

العملات الآسيوية تستفيد من الصفقة الأمريكية–اليابانية

إلى جانب الين الياباني، حققت معظم العملات الآسيوية مكاسب ملحوظة خلال تداولات الخميس، مدفوعة بالتفاؤل الذي خلقه الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة واليابان، والذي فتح الباب أمام إمكانية إبرام صفقات مماثلة مع دول آسيوية أخرى، قبل الموعد النهائي المعلن للتعريفات الأمريكية الجديدة في 1 أغسطس.

وبحلول الساعة 09:30 صباحاً بتوقيت تركيا، سجل زوج الدولار/الوون الكوري انخفاضاً بنسبة 0.48% إلى 1,367، وهو أدنى مستوى له في أسبوعين، حيث عززت الصفقة الأخيرة الآمال بإمكانية التوصل إلى اتفاقيات أخرى مع كوريا الجنوبية أو الصين.

كما انخفض زوج الدولار/اليوان في السوقين الصينيين المحلي والخارجي بنسبة 0.1% إلى 7.1501، في حين تراجع زوج الدولار/الدولار السنغافوري بنسبة 0.2% إلى 1.2759.

وشهدت ماليزيا أيضاً ارتفاعاً في عملتها، حيث تراجع زوج الدولار/الرينجيت الماليزي إلى 4.2175، بينما ارتفع زوج الدولار الأسترالي/الدولار الأمريكي بنسبة 0.3% إلى 0.6615، ما يعكس تحسناً نسبياً في أداء العملات ذات المخاطر الأعلى.

وفي السياق ذاته، انخفض زوج الدولار/الروبية الهندية بنسبة 0.1% إلى 86.31، وسط استمرار تدفق رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الناشئة في آسيا.

على الجانب الآخر، واصل مؤشر الدولار الأمريكي – الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية – تراجعه لليوم الخامس على التوالي بنسبة 0.1% خلال التعاملات الآسيوية، ليصل إلى مستوى 96.94.

وجاء هذا الانخفاض في ظل استمرار الضغوط على الدولار الأمريكي نتيجة تزايد التوقعات بتباطؤ الاقتصاد الأمريكي، واحتمالات إقدام مجلس الاحتياطي الفيدرالي على مزيد من التيسير النقدي خلال الأشهر القادمة، ما يقلل من جاذبية الدولار مقارنةً بعملات أخرى.

خلاصة

يستمر الين الياباني في تقديم أداء قوي بدعم من حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد، ما يعزز من مكانته كملاذ آمن في أعين المستثمرين. وفي الوقت ذاته، عزز الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة من الثقة في الاقتصاد الياباني، وساهم في دعم العملات الآسيوية بشكل عام.

لكن على الرغم من المكاسب المسجلة، فإن عدم اليقين السياسي في اليابان، والغموض بشأن مصير رئيس الوزراء إيشيبا، لا يزالان يلقيان بظلالهما على التوقعات المستقبلية للين، مما يجعل المستثمرين في حالة ترقب لأي تطورات مفاجئة قد تؤثر على مسار الأسواق الآسيوية.