البيتكوين تسجل مستويات قياسية وسط إغلاق حكومي أميركي وتدفقات قياسية لصناديق الاستثمار

سجلت عملة البيتكوين (Bitcoin) رقمًا قياسيًا جديدًا متجاوزة مستوى 126,000 دولار للمرة الأولى في تاريخها، بدعم من تدفقات مؤسساتية غير مسبوقة إلى صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة (ETFs)، وبحث المستثمرين عن ملاذات آمنة في ظل استمرار الإغلاق الحكومي الأميركي وتزايد حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

 

هذا الارتفاع التاريخي جاء ليكرّس موقع البيتكوين كأصل استراتيجي ينافس الذهب، ويعكس التحول الكبير في موقف المؤسسات المالية العالمية من الأصول الرقمية.

أداء سعر البيتكوين اليوم

انطلق سعر عملة بيتكوين بقوة غير مسبوقة، مسجلًا مستويات قياسية جديدة فوق 126,000 دولار، لتواصل العملة الرقمية الأبرز في العالم توسّع مكاسبها بشكل لافت.

 

وجاء هذا الارتفاع في سياق بحث المستثمرين عن الملاذات الآمنة وسط تصاعد حالة انعدام اليقين الاقتصادي والسياسي في الولايات المتحدة والعالم، وهو ما جعل البيتكوين تتصدر المشهد المالي العالمي كأصل دفاعي في الأوقات المضطربة.

 

ورغم أن العملة تراجعت قليلًا من أعلى مستوياتها على الإطلاق لتستقر قرب 124 ألف دولار، إلا أنها ما زالت محافظة على مكاسبها الكبيرة، خصوصًا في ظل استمرار الإغلاق الحكومي الأميركي لليوم السابع على التوالي، ما عزز الإقبال على الأصول الرقمية كبديلٍ آمن.

 

يُعرف شهر أكتوبر تاريخيًا بأنه شهر الصعود في أسواق العملات الرقمية، وغالبًا ما تطلق عليه الأوساط المالية اسم "Uptober"، نظرًا لارتفاعات البيتكوين خلاله عامًا بعد عام.
هذا العام لم يكن استثناءً، إذ افتتحت البيتكوين أكتوبر بموجة صعود قوية، لتتجاوز 126,000 دولار لأول مرة.


ويرى المتداولون أن هذه الارتفاعات تعود إلى تدفقات ضخمة من رؤوس الأموال إلى صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة (ETFs)، بالإضافة إلى تغيرات واسعة في السياسة الاقتصادية العالمية، جعلت الأصول الرقمية أكثر جاذبية مقارنة بالأصول التقليدية.

 

رغم المكاسب القوية، فقد خسرت البيتكوين حوالي 1.19% من قيمتها خلال التداولات اللاحقة، لتتداول عند 123.969 ألف دولار بعد أن تجاوزت 126 ألف دولار في اليوم السابق.


وكان السعر قد بلغ 126,080 دولارًا عقب اختراق الحاجز النفسي الهام عند 125,000 دولار يوم الأحد الماضي، ما يؤكد الاتجاه الصعودي القوي رغم بعض عمليات جني الأرباح قصيرة الأمد.

 

جاءت القفزة الحالية بعد شهر شهد موجات هبوط حادة، إذ كانت البيتكوين تتداول دون مستوى 110,000 دولار خلال سبتمبر.


ويرى محللون أن هذا التعافي السريع يعكس قوة الطلب المؤسسي على العملة الرقمية، وتزايد الثقة بأنها أصبحت فئة أصول رئيسية لا يمكن تجاهلها في المحافظ الاستثمارية.

تراجع العملات الرقمية الأخرى

بالتوازي مع مكاسب البيتكوين، شهدت العملات الرقمية الأخرى أداءً متباينًا:

  • الإيثريوم (ETH) انخفض بنسبة 0.66% ليصل إلى 3,682.1 دولارًا.

  • ريبل (XRP) تراجعت بنحو 1.28% لتسجل 2.9715 دولارًا.

  • دوجكوين (DOGE) هبطت بنسبة 2.54% إلى 26.12 سنتًا، نتيجة عمليات تصحيح وجني أرباح بعد الارتفاعات الأخيرة.

ورغم ذلك، فإن السوق بشكل عام ما يزال في حالة تفاؤل، خصوصًا بعد عودة التدفقات المؤسسية بقوة.

الإغلاق الحكومي الأميركي يدعم الطلب على الأصول الآمنة

دخلت الحكومة الأميركية حالة إغلاق كامل منذ الأول من أكتوبر، ما تسبب في حالة من القلق في الأسواق.


هذا الإغلاق دفع المستثمرين إلى إعادة توجيه محافظهم الاستثمارية نحو الأصول الآمنة مثل الذهب والعملات المشفرة.


ووفق بيانات السوق، فقد تم تدوير استثمارات تتجاوز 6 مليارات دولار نحو العملات الرقمية خلال الأسبوع الأول من الإغلاق.

 

ويرى المحللون أن استمرار هذه الحالة من الجمود السياسي سيُبقي الطلب مرتفعًا على البيتكوين بوصفها "الذهب الرقمي"، خصوصًا مع تجاوز الذهب نفسه حاجز 4,000 دولار للأونصة، في إشارة إلى تصاعد الطلب على أدوات التحوط.

تدفقات ضخمة إلى صناديق البيتكوين

بحسب البيانات، شهدت صناديق الاستثمار المتداولة الفورية (Spot ETFs) تدفقات صافية بلغت 3.24 مليار دولار خلال الأسبوع الماضي، وهو ثاني أكبر تدفق أسبوعي على الإطلاق منذ إطلاق هذه الصناديق.


وقد ساهم هذا الطلب المؤسسي الضخم في دفع سعر البيتكوين نحو أعلى مستوياته التاريخية، بينما سجلت العملات الأخرى مثل إيثريوم وسولانا (SOL) ودوجكوين (DOGE) مكاسب تراوحت بين 1% و12% خلال الأسبوع ذاته.


في حين حققت BNB أداءً استثنائيًا بارتفاع تجاوز 20% لتسجل رقمًا قياسيًا جديدًا فوق 1,240 دولارًا.

 

تزامن هذا الصعود القوي للعملات الرقمية مع استمرار ضعف الدولار الأميركي (USD)، إذ استقر مؤشر الدولار (DX-Y.NYB) عند 98.18 نقطة، متراجعًا بنحو 10% منذ بداية العام.


هذا التراجع عزز شهية المستثمرين لتنويع محافظهم نحو الأصول البديلة، خصوصًا البيتكوين، في ظل السياسات الأميركية الأكثر دعمًا للقطاع الرقمي في عهد الرئيس دونالد ترامب.

 

أظهرت بيانات شركة كوينشيرز (CoinShares) أن صناديق المؤشرات المتداولة المرتبطة بالأصول الرقمية جذبت تدفقات قياسية بلغت 5.95 مليارات دولار خلال الأسبوع المنتهي في 4 أكتوبر 2025.


وقادت الولايات المتحدة هذه الموجة بحصة بلغت 5 مليارات دولار، تلتها سويسرا بـ563 مليون دولار، وألمانيا بـ312 مليون دولار.


وتوزعت التدفقات على الأصول كالتالي:

  • البيتكوين استحوذت على 3.55 مليار دولار.

  • الإيثريوم جذب 1.48 مليار دولار.

  • سولانا تلقت 706.5 مليون دولار.

  • ريبل حصدت 219.4 مليون دولار.

وصرح جيمس باترفيل، رئيس الأبحاث في كوينشيرز، أن "هذا الحجم من الاستثمار يعكس الاعتراف المتزايد بالأصول الرقمية كخيار بديل في أوقات الاضطراب الاقتصادي".

قفزة في صناديق البيتكوين الأميركية

وفق بيانات منصة SoSoValue، شهدت صناديق البيتكوين الفورية في الولايات المتحدة ثاني أكبر تدفقات يومية منذ إطلاقها في يناير 2024، حيث جذبت 1.19 مليار دولار في يوم واحد (6 أكتوبر).


وتصدر صندوق iShares Bitcoin Trust التابع لشركة بلاك روك (BlackRock) القائمة بتدفقات بلغت 967 مليون دولار، ليقترب من حاجز 100 مليار دولار من الأصول المدارة — وهو رقم غير مسبوق في تاريخ صناديق المؤشرات خلال العقود الثلاثة الماضية.

دعم سياسي واحتياطي استراتيجي للبيتكوين

على الصعيد السياسي، تتزامن هذه التطورات مع مؤشرات على قرب إطلاق الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي للبيتكوين، وهو مشروع مدعوم بأمر تنفيذي من الرئيس ترامب لتأسيس إطار رسمي لتخزين العملة الرقمية ضمن احتياطات الخزانة الأميركية.


وأكدت السيناتور سينثيا لوميس أن التمويل قد يبدأ قريبًا جدًا، مع استخدام أصول البيتكوين المصادرة كنقطة انطلاق، وخطط لشراء كميات إضافية بآليات محايدة لا تُحمّل دافعي الضرائب أي أعباء جديدة.

 

تواصل البيتكوين مكاسبها في ما يُعرف بـ"صعود أكتوبر"، مدعومة بعوامل متداخلة تشمل تراجع الدولار، تحسن السياسات الاقتصادية، وتزايد ثقة المؤسسات المالية العالمية بالأصول الرقمية.


وقد بلغت القيمة السوقية للعملة نحو 2.47 تريليون دولار، ما يجعلها منافسًا فعليًا للذهب في فئة التحوط العالمية.

 

ويتوقع دويتشه بنك أن تدخل البيتكوين بحلول عام 2030 ضمن ميزانيات البنوك المركزية العالمية إلى جانب الذهب، وهو تحول تاريخي يعكس انتقالها من أصل مضاربي إلى فئة أصول استراتيجية.

 

خلاصة

إن تجاوز البيتكوين حاجز 126,000 دولار لا يُعد مجرد ارتفاع سعري عابر، بل يمثل تحولًا جوهريًا في بنية النظام المالي العالمي.


ومع تدفقات مؤسساتية قياسية، ودعم سياسي متزايد، وتراجع الدولار، فإن العملة الرقمية الأولى في العالم تبدو ماضية بثبات نحو مرحلة جديدة من الاعتراف الرسمي والاعتماد المؤسساتي، لتصبح بحق "الذهب الرقمي" لعصر الاقتصاد الجديد.

تم التحديث في: الثلاثاء, 07 تشرين الأول 2025 15:49
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول