أسعار البيتكوين تواصل الهبوط رغم تحسن شهية المخاطرة وتقدم جهود إنهاء الإغلاق الحكومي الأمريكي
تراجعت أسعار البيتكوين يوم الأربعاء لتواصل خسائرها الأخيرة، وسط تجاهل أسواق العملات المشفرة للتحسن الملحوظ في شهية المخاطرة بعد التقدم نحو إنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة.
ورغم صعود الأسهم العالمية مدفوعة بالتفاؤل، فإن المتداولين في العملات الرقمية ظلوا حذرين، بينما زادت الضغوط على السوق بعد اتهامات صينية مباشرة لواشنطن بسرقة بيتكوين بقيمة 13 مليار دولار، بالتزامن مع إعلان بنك "جي بي مورغان" عن بدء طرح رمز الإيداع الخاص به "JPM Coin".
أداء البيتكوين اليوم
انخفضت العملة المشفرة الأكبر في العالم البيتكوين بنسبة 1.8% لتصل إلى 103,393 دولار بحلول الساعة 10:39 صباحاً، بعد أن لامست أدنى مستوى لها خلال اليوم عند 102,737.9 دولار.
ويأتي هذا التراجع استكمالاً لسلسلة خسائر بدأت في أوائل نوفمبر، حين انخفضت البيتكوين مؤقتاً دون مستوى 100,000 دولار للمرة الأولى منذ عدة أشهر.
وعلى الرغم من تحسن شهية المستثمرين للمخاطرة بعد اقتراب الحكومة الأمريكية من إعادة فتح أبوابها، فإن أسواق العملات المشفرة لم تشهد تدفقات شراء قوية.
ويبدو أن المتداولين فضّلوا الاتجاه نحو الأسهم الأمريكية التي ارتفعت بفعل التفاؤل السياسي والاقتصادي، في حين بقيت الثقة في العملات الرقمية ضعيفة نتيجة الشكوك المتزايدة حول شفافية بعض الشركات الكبرى العاملة في هذا القطاع.
إعادة فتح الحكومة الأمريكية في الأفق
تعيش الولايات المتحدة أجواء من التفاؤل الحذر مع اقتراب نهاية أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد، والذي دخل يومه الـ42 يوم الثلاثاء.
فقد وافق مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الاثنين على مشروع قانون مؤقت لتمويل الحكومة حتى 30 يناير، ما يمهّد الطريق أمام مجلس النواب للتصويت عليه يوم الأربعاء، مع تأكيدات من الأغلبية الجمهورية بأنها ستقر المشروع.
وبعد التصويت، من المتوقع أن يُحال المشروع إلى الرئيس دونالد ترامب لتوقيعه ودخوله حيز التنفيذ.
وأدى هذا التطور إلى دعم واضح في الأسواق المدفوعة بالمخاطر، حيث ارتفعت مؤشرات الأسهم الأمريكية والعالمية، مدفوعة بآمال عودة النشاط الحكومي وإنهاء حالة الجمود السياسي التي أثرت في معنويات المستثمرين لأسابيع.
لكن، ورغم هذا التفاؤل العام، ظلت العملات المشفرة خارج دائرة الاستفادة من التحسن في المزاج الاستثماري، مما يعكس حالة انفصال متزايدة بين الأصول الرقمية وبقية فئات الأصول التقليدية.
اتهامات صينية خطيرة
في تطور مفاجئ أضاف مزيداً من التوتر إلى مشهد العملات الرقمية، اتهمت وكالة الأمن السيبراني الصينية يوم الثلاثاء الحكومة الأمريكية بالضلوع في سرقة نحو 13 مليار دولار من البيتكوين، في واحدة من أكبر عمليات السرقة في تاريخ القطاع.
وذكرت الوكالة أن العملية تعود إلى ديسمبر 2020، حين تم الاستيلاء على 127,272 بيتكوين من تجمع تعدين البيتكوين الصيني LuBian، مشيرة إلى أن العملية كانت "هجوماً سيبرانياً على مستوى الدولة" نفذته جهات أمريكية رسمية.
ويأتي هذا الاتهام في ظل تصاعد التوترات الرقمية والاقتصادية بين بكين وواشنطن، ويُتوقع أن يزيد الضغط على سوق العملات المشفرة العالمية، التي تشهد بالفعل تقلبات حادة وضعفاً في ثقة المستثمرين المؤسسيين.
في المقابل، تواصل المؤسسات المالية الكبرى في الولايات المتحدة توسيع حضورها في قطاع الأصول الرقمية، حيث أعلن بنك جي بي مورغان تشيس وشركاه (NYSE:JPM)، أحد أكبر بنوك وول ستريت، عن بدء طرح رمز الإيداع الرقمي JPM Coin للمستثمرين المؤسسيين هذا الأسبوع.
ويرتبط هذا الرمز مباشرة بودائع الدولار الأمريكي في البنك، ويتيح للمستخدمين إجراء تحويلات مالية فورية عبر شبكة البلوكشين الخاصة بمنصة Base التابعة لشركة Coinbase، وفقاً لما نقلته وكالة بلومبرج يوم الأربعاء.
تُعد هذه الخطوة جزءاً من توجه أوسع بين البنوك الكبرى نحو دمج التقنيات اللامركزية مع الأنظمة المالية التقليدية، في محاولة للجمع بين أمان البنوك وسرعة البلوكشين.
خسائر جماعية للعملات البديلة
امتدت موجة الخسائر في سوق العملات المشفرة لتشمل جميع العملات البديلة (Altcoins)، في ظل استمرار المزاج السلبي العام.
فقد انخفضت الإيثر (ETH)، ثاني أكبر عملة مشفرة في العالم، بنسبة 2.8% إلى 3,448.93 دولار، بينما تراجعت الريبلXRP بنسبة 3.1% إلى 2.3986 دولار.
كما هبطت عملة بينانس BNB بنسبة 2.5%، وتراجع كاردانو (ADA) بنسبة 3.7%، بينما تكبّد سولانا (SOL) خسارة حادة بلغت 5.9%.
أما رموز الميم فقد شهدت تراجعاً مماثلاً، حيث انخفض دوجكوين (DOGE) بنسبة 3.4%، وتراجع الرمز $TRUMP بنسبة 8.8%، في ظل تراجع الإقبال على الأصول عالية المخاطر.
التحليل الفني للبيتكوين
يشير محللون إلى أن ضعف أداء البيتكوين وسائر العملات المشفرة في ظل تحسن شهية المخاطرة يعكس استمرار حالة عدم اليقين التنظيمي والشكوك حول مستقبل القطاع، خاصة مع تزايد التدقيق الحكومي في الأصول الرقمية وعمليات التعدين حول العالم.
كما أن الاتهامات الصينية الأخيرة ضد واشنطن قد تضيف بُعداً جيوسياسياً جديداً لمخاطر السوق، مما قد يدفع المستثمرين نحو مزيد من الحذر في التعامل مع الأصول الرقمية على المدى القصير.
من الناحية الفنية، لا تزال البيتكوين تتحرك في نطاق هبوطي واضح على المدى القصير، بعدما فشلت محاولات الأسعار الأخيرة في الثبات فوق مستوى 106,000 دولار، والذي يمثل حالياً منطقة مقاومة رئيسية تحد من أي ارتداد صعودي مؤقت.
ويُلاحظ أن الزخم البيعي ظل مسيطراً على السوق منذ كسر مستوى 105,000 دولار في بداية نوفمبر، ما دفع المؤشرات الفنية، مثل مؤشر القوة النسبية (RSI)، إلى البقاء في مناطق قريبة من التشبع البيعي دون أن تظهر إشارات انعكاس قوية بعد.
على الجانب السفلي، يشكل مستوى 100,000 دولار دعماً محورياً للأسعار، إذ يُعد حاجزاً نفسياً مهماً للمتداولين والمستثمرين المؤسسيين على حد سواء.
وكسر هذا المستوى بإغلاق يومي واضح قد يفتح الباب أمام تراجع أعمق باتجاه 97,500 دولار ثم 95,000 دولار، وهي مستويات يُتوقع أن يجري عندها اختبار جديد لقوة المشترين.
أما في حال تمكنت الأسعار من الاستقرار فوق 104,000 دولار خلال الجلسات المقبلة، فقد يحاول البيتكوين استعادة الزخم الصعودي تدريجياً نحو 107,500 – 109,000 دولار، إلا أن الاتجاه العام سيظل سلبياً ما لم يتم اختراق واضح لمنطقة 110,000 دولار التي تمثل الحد العلوي للنطاق التصحيحي الحالي.
ويشير محللون تقنيون إلى أن استمرار حالة التباين بين الأسواق التقليدية وأسواق العملات المشفرة قد يعزز من ضعف السيولة في سوق الكريبتو مؤقتاً، ما يجعل أي تحركات حادة مرشحة للحدوث في اتجاه واحد دون تصحيحات كبيرة، خاصة مع ارتفاع حساسية السوق للأخبار السياسية والتنظيمية.