سعر البيتكوين اليوم يسجل أدنى مستوى في 6 أشهر دون 100,000 دولار وسط ضبابية اقتصادية
شهدت أسواق العملات المشفرة في نهاية الأسبوع واحدة من أكثر جلسات التداول ضغطًا منذ أشهر، حيث انخفض البيتكوين أكبر عملة مشفرة في العالم من حيث القيمة السوقية إلى ما دون مستوى 100,000 دولار الذي يُعد حاجزًا نفسيًا محوريًا لكل من المستثمرين على المدى القصير والمضاربين على المدى الطويل.
هذا الهبوط لم يكن مجرد تراجع عابر، بل جاء امتدادًا لانكماش أوسع يضرب مختلف فئات الأصول عالية المخاطر، وذلك نتيجة تزايد الرهانات في الأسواق العالمية على أن الاحتياطي الفيدرالي لن يخفض أسعار الفائدة خلال اجتماع ديسمبر.
ومع انحسار الآمال التي كانت تحتفظ بها الأسواق بشأن تحول السياسة النقدية الأمريكية، شهدت العملات المشفرة موجة بيع دفع أسعار البيتكوين لكسر مستوى دعم كان يحافظ عليه لأسابيع.
أداء سعر البيتكوين
انخفض سعر البيتكوين إلى ما دون 100 ألف دولار، وهو مستوى كان يُعتبر في الأسابيع الماضية نقطة تمركز للمشترين وبداية حركة تجميع جديدة. إلا أن ضعف التدفقات المؤسسية وغياب المحفزات الاقتصادية الإيجابية جعلا هذا المستوى هشًا، وساهم في دفع العملة إلى التراجع مسرعة نحو مستويات لم تشهدها الأسواق منذ ستة أشهر.
نتيجة هذا الهبوط، تراجعت القيمة السوقية الإجمالية للبيتكوين إلى ما دون عتبة 2 تريليون دولار، ما يعكس حجم عمليات التخارج وموجة البيع التي اجتاحت السوق. هذا المستوى تحديدًا يكتسب أهمية كون القيمة السوقية للبتكوين كانت قد شكلت دعامة رئيسية أثناء الارتفاعات القوية التي شهدها الربع الثاني من عام 2025.
في سياق متصل، أصدر بنك مورغان ستانلي تحذيرًا مهمًا، مشيرًا إلى أن البيتكوين دخل ما يسمى بـ “موسم الخريف”—وهو مفهوم يستخدمه البنك لوصف الفترات التاريخية التي تفقد خلالها العملة زخمها، وتميل للتحرك في نطاقات أضعف تسبق عادةً تقلبات أعلى أو مراحل تصحيح ممتدة.
التحذير أثار نقاشًا واسعًا بين المستثمرين حول إمكانية حدوث تراجع أعمق، خصوصًا وأن التحليل الموسمي للعملات المشفرة غالبًا ما كان دقيقًا خلال السنوات الأخيرة.
قبل هذا الهبوط الكبير، كان البيتكوين أصلاً متجهًا نحو الأسبوع الثالث على التوالي من الخسائر، وهي أطول سلسلة خسائر منذ فترات الركود التي شهدها السوق سابقًا. هذا التتابع الزمني من الانخفاضات يعكس تغيرًا في ديناميكية السوق، خاصة بعد فترة طويلة من التداول في نطاق ضيق خلال شهري أكتوبر وأوائل نوفمبر.
بحلول الساعة 10:00 صباحًا بتوقيت تركيا:
-
هبط البيتكوين بنسبة -6.13%
-
وصل إلى سعر 97,139 دولار
-
سجل أدنى مستوى يومي عند 96,866 دولار
هذه الأرقام لا تعكس مجرد هبوط سعري، بل تغيرًا هيكليًا في الاتجاه اليومي، مع كسر مستويات دعم ومغادرة مناطق تداول مهمة.
تراجع رهانات خفض الفائدة في ديسمبر
شهدت الأسواق الأمريكية خلال الأسبوع الأخير تحولاً جوهرياً في توقعات المستثمرين بشأن مسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، حيث استبعدت الأسواق بسرعة احتمالات خفض أسعار الفائدة في ديسمبر بعد أن كانت التوقعات في الأسبوع السابق تميل بقوة إلى خفض بواقع 25 نقطة أساس. هذا التحوّل كان عاملاً مركزياً في الضغط على الأصول المضاربة وفي مقدمتها البيتكوين.
من أبرز العوامل التي دفعت الأسواق لإعادة تقييم توقعات الفائدة هو الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي استمر نحو 43 يوماً، وهو واحد من أطول الإغلاقات في التاريخ الحديث. وبالرغم من انتهاء الإغلاق يوم الأربعاء، إلا أن مسؤولي الحكومة صرّحوا بأنهم قد لا يتمكنون من نشر قراءات التوظيف والتضخم لشهر أكتوبر.
غياب هذه البيانات يمثل ضربة قوية لصناع القرار في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إذ يعتمد البنك المركزي بشكل كامل على البيانات الشهرية لتقييم اتجاه الاقتصاد، وتحليل قوة سوق العمل، ومسار الأسعار، وضغوط التضخم.
بسبب غياب بيانات أكتوبر، يدخل الفيدرالي اجتماع ديسمبر في وضع يُشبه “العمل في الظلام”، ما يقلل من احتمالية اتخاذ أي خطوة غير محسوبة، وخاصة خفض الفائدة.
ومع ضعف البيانات وغياب مؤشرات واضحة عن التضخم أو التوظيف، تميل البنوك المركزية عادةً إلى تثبيت أسعار الفائدة بدلاً من اتخاذ قرارات توسعية قد تكون مبنية على معلومات غير كاملة.
انعكست هذه المستجدات بشكل مباشر على توقعات الأسواق:
-
بلغ احتمال خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع 10-11 ديسمبر حوالي 45.4% فقط،
-
وهو ما يمثل انخفاضًا حادًا مقارنة بـ 63.8% في الأسبوع السابق.
هذا التحول الحاد في التوقعات كان له تأثير مباشر على شهية المخاطرة، ما أدى إلى تراجع واسع في أسواق الأصول عالية التقلب، بما في ذلك العملات المشفرة.
الضبابية الاقتصادية تضرب شهية المستثمرين
نقص البيانات الرسمية أدى إلى زيادة حالة عدم اليقين بشأن قوة الاقتصاد الأمريكي. ومع تزايد المخاوف من:
-
احتمال تباطؤ النمو،
-
ضعف سوق العمل،
-
تباطؤ التضخم أو ارتفاعه خارج التوقعات،
-
وتأثير الإغلاق الحكومي على النشاط الاقتصادي الفعلي،
فضّل المستثمرون الابتعاد عن الأصول المضاربة، لتتجه التدفقات بدلاً من ذلك إلى أصول أكثر أمانًا مثل السندات أو النقد.
كيف أثّر ذلك على العملات المشفرة؟
العملات المشفرة، وعلى رأسها البيتكوين، تتأثر بشدة بتغير توقعات الفائدة لأنها:
-
تعتمد على التدفقات النقدية الجديدة،
-
تحتاج بيئة سيولة وفيرة،
-
عادةً ما تستفيد من الفائدة المنخفضة،
-
تتراجع قيمتها مع قوة الدولار وارتفاع العوائد.
ومع تزايد التوقعات بتثبيت الفائدة أو حتى احتمال رفعها في المستقبل إذا ارتفع التضخم لاحقًا، أصبح البيتكوين في موقع ضعيف، ودخلت الأسعار مرحلة ضغط بيعي مكثف.
العملات البديلة (Altcoins)
كما هو الحال عادةً، فإن أي هبوط كبير في البيتكوين ينعكس بقوة أكبر على العملات البديلة ذات المخاطر الأعلى.
-
الإيثر ETH انخفض بنسبة 9.3% إلى 3,161.68 دولار، وتراجع بأكثر من 7% خلال الأسبوع.
-
بينانس BNB انخفضت بنسبة 5.4% وهبطت بنحو 7% أسبوعيًا.
-
الريبيل XRP تراجعت بنسبة 8%.
-
سولانا وكاردانو خسرتا بين 8.5% و9%.
-
دوجكوين و $TRUMP هبطتا بأكثر من 7% لكل منهما.
هذا الهبوط يعكس ضعفًا عامًا في سوق العملات المشفرة ككل.
لماذا تأثرت العملات البديلة بشكل أكبر؟
-
ضعف السيولة مقارنة بالبيتكوين
مما يعني أن أي ضغط بيعي يؤدي إلى هبوط أسرع وأعمق. -
الاعتماد على البيتكوين كمؤشر رئيسي
فإذا فقد البيتكوين مستوى دعم مهم، تتعرض Altcoins لموجات بيع أقوى. -
تراجع الطلب المؤسسي يضرب العملات البديلة بشدة
لأن أغلب المؤسسات تفضل البيتكوين والإيثر فقط. -
غياب محفزات كل عملة على حدة
حيث أن أكتوبر وأوائل نوفمبر لم يشهدا أخبارًا إيجابية جوهرية لمعظم المشاريع. -
زيادة الارتباط بين العملات
في الفترات الهبوطية يتزايد الترابط correlation، وتتحرك السوق كوحدة واحدة.
مشتريات الشركات من بيتكوين تهبط لأدنى مستوى لها خلال العام
أضافت الشركات 14,447 بيتكوين في أكتوبر، وهي أقل زيادة شهرية في عام 2025، وفقاً لموقع "BitcoinTreasuries" يمثل هذا التباطؤ تراجعاً حاداً عن سبتمبر، عندما اشترت شركات خزينة بيتكوين أكثر من 38,000 عملة وسط ارتفاع الأسعار وتحسن معنويات السوق.
بلغ إجمالي الحيازات المتتبعة 4.05 مليون بيتكوين بنهاية أكتوبر، بقيمة تقارب 444 مليار دولار. استحوذت الشركات العامة على ما يزيد قليلاً عن 1.05 مليون بيتكوين، بينما امتلكت الحكومات 644,329 بيتكوين، وامتلكت صناديق الاستثمار المتداولة والبورصات 1.54 مليون بيتكوين أخرى.
ظلت عمليات البيع محدودة، حيث تخلصت الشركات من 39 عملة فقط خلال الشهر. كما تراجع إقبال الشركات على بيتكوين حتى مع وصول إجمالي حيازات الشركات والحكومات وصناديق الاستثمار المتداولة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، في إشارة إلى تحول القطاع من التراكم السريع إلى موقف أكثر دفاعية في الميزانيات العمومية.
أصبح تأمين التمويل أصعب مع انخفاض تقييمات الأسهم وارتفاع علاوات المخاطر، مما أجبر الشركات على الاعتماد على عروض الأسهم الممتازة باهظة الثمن أو خطوط الائتمان بدلاً من إصدارات الأسهم الرخيصة. ويأتي هذا التباطؤ في الوقت الذي تحول فيه العديد من شركات الخزانة تركيزها نحو أدوات كفاءة رأس المال، بما في ذلك إعادة شراء الأسهم، بدلاً من عمليات الشراء المتكررة الكبيرة.
أكد المسؤولون التنفيذيون أن هذه الإجراءات تهدف لحماية مقاييس بيتكوين للسهم الواحد ومواجهة انخفاض تقييمات نسبة السوق إلى صافي قيمة الأصول التي أثرت على أسعار الأسهم.
تقدر شركة "فيديليتي" أن الشركات العامة تمثل الآن ما يقرب من 5% من المعروض غير السائل من الأصول، وهي فئة من المتوقع أن تصل إلى حوالي 42% من البيتكوين المتداولة بحلول عام 2032.
ومع تشكيل شركات الخزانة والمستثمرين طويلي الأجل والكيانات ذات سلوك الإنفاق المنخفض جوهر هذه المجموعة، فإن التباعد بين التدفقات الأبطأ والحيازات القياسية يشير إلى أن قطاع بيتكوين المؤسسي ينتظر المزيد من علامات تجدد شهية المستثمرين.