البيتكوين تحت ضغط البيانات الأمريكية والتنظيمات البريطانية… تراجع حاد رغم تراكم تاريخي

شهدت أسواق العملات المشفّرة يوم الثلاثاء موجة هبوط جديدة، قادها تراجع البيتكوين، في ظل ضعف واضح في شهية المخاطرة وترقّب المستثمرين لحزمة من البيانات الاقتصادية الأمريكية المفصلية، وعلى رأسها بيانات سوق العمل والتضخم، والتي قد ترسم ملامح السياسة النقدية للفيدرالي خلال المرحلة المقبلة.

البيتكوين يواصل الهبوط مع تراجع المعنويات

انخفضت عملة البيتكوين بنسبة 4% لتتداول قرب 86,320 دولارًا بحلول الساعة 12:40 بتوقيت تركيا، مقتربة من أدنى مستوياتها في أسبوعين، كما بقيت قريبة من القاع المسجّل قبل سبعة أشهر في أواخر نوفمبر.

 

وجاء هذا التراجع امتدادًا لمسار هبوطي مستمر خلال الأسبوع الماضي، وسط دعم محدود من خفض أسعار الفائدة الأمريكية، ما يعكس أن الأسواق لا تزال متحفظة تجاه الأصول عالية المخاطر، وعلى رأسها العملات الرقمية.

أسهم التكنولوجيا تضغط على سوق الكريبتو

تحرّكت العملات المشفّرة بالتوازي مع التراجع الحاد في أسهم التكنولوجيا العالمية، حيث دفعت الشكوك المتزايدة حول تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي المستثمرين إلى جني الأرباح. هذا التراجع في قطاع التكنولوجيا انعكس مباشرة على العملات المشفّرة، التي تُصنّف ضمن فئة الأصول المضاربية المرتبطة بالمخاطر المرتفعة.

الأنظار على بيانات الوظائف والتضخم الأمريكية

تتجه أنظار المتداولين إلى بيانات الوظائف غير الزراعية لشهر نوفمبر، تليها بيانات مؤشر أسعار المستهلك للتضخم، باعتبارهما العاملين الأكثر تأثيرًا على قرارات الاحتياطي الفيدرالي المقبلة.

 

أي إشارات على تباطؤ في سوق العمل أو تراجع التضخم قد تعزّز التوقعات بخفض إضافي للفائدة، وهو سيناريو يُعد داعمًا تقليديًا للبيتكوين والعملات المشفّرة، نظرًا لأن انخفاض العوائد يزيد من جاذبية الأصول البديلة.

 

رغم شروع الاحتياطي الفيدرالي خلال الأسبوع الماضي في إعادة شراء سندات الخزانة قصيرة الأجل، ما عزز مستويات السيولة في الأسواق، فإن تأثير ذلك لم يظهر بعد على سوق العملات المشفّرة.

 

ويُذكر أن موجة الصعود الكبرى في عام 2021 كانت مدفوعة إلى حد كبير بسياسات نقدية فائقة التيسير، إلا أن المستثمرين حاليًا يتعاملون بحذر شديد في انتظار وضوح المسار النقدي الأمريكي.

العملات البديلة تتكبد خسائر واسعة

لم يقتصر التراجع على البيتكوين فقط، بل امتد إلى معظم العملات الرقمية الكبرى:

 

وتتداول غالبية العملات البديلة قرب أدنى مستوياتها في عدة أشهر، متأثرة بعمليات بيع ممتدة وفقدان الزخم الشرائي.

 

محا البيتكوين ومعظم العملات المشفّرة مكاسبها المسجّلة منذ بداية عام 2025، حيث تتداول الآن في المنطقة السلبية سنويًا، بعد انهيار سعري بدأ منذ منتصف أكتوبر، دون ظهور إشارات واضحة على قرب انتهاء هذا المسار الهابط.

بريطانيا تتجه لتنظيم شامل لسوق العملات المشفّرة

في تطور تنظيمي لافت، تستعد المملكة المتحدة لفرض إطار رقابي شامل على سوق العملات المشفّرة بحلول عام 2027، بعد أن أطلقت هيئة السلوك المالي البريطانية (FCA) مشاورات رسمية تهدف إلى إدماج الأصول الرقمية ضمن المنظومة التنظيمية للأسواق المالية التقليدية.

وتشمل المقترحات:

  • تنظيم إدراج العملات الرقمية

  • إخضاع منصات التداول لإشراف مباشر

  • فرض متطلبات رأس مال مماثلة لتلك المعمول بها في شركات الاستثمار

  • مكافحة التلاعب السعري والتداول بناءً على معلومات داخلية

  • فرض إفصاحات صارمة عن المخاطر، خاصة في خدمات التخزين (Staking)

كما تسعى الهيئة إلى تنظيم التمويل اللامركزي (DeFi) وفق قواعد مشابهة للتمويل التقليدي، في محاولة لسد الثغرات التنظيمية.

تراكم تاريخي من البيتكوين رغم الهبوط

على الرغم من التراجع السعري، سجّل السوق أكبر وتيرة تراكم منذ عام 2012، حيث ارتفعت حيازات المستثمرين الذين يمتلكون بين 100 و1,000 بيتكوين إلى نحو 3.575 مليون BTC خلال أسبوع واحد فقط، وفق بيانات Glassnode.

 

وجاء هذا التراكم رغم انخفاض السعر بنحو 30% عن قمته الأخيرة عند 126,200 دولار، مع تداول البيتكوين حاليًا فوق مستوى دعم حساس قرب 85,000 دولار.

 

وسُجّلت أنماط تراكم مشابهة في 2011 و2012، سبقت ارتفاعات تاريخية بنسبة 350% و900%، ما يفتح الباب أمام احتمالية تكرار السيناريو على المدى المتوسط إلى الطويل.

ضغوط من الحيتان وتحذيرات فنية

في المقابل، يواصل كبار المستثمرين الذين يمتلكون أكثر من 10,000 بيتكوين عمليات بيع مكثفة، ما يحدّ من أي صعود قصير الأجل.

 

وحذّر بيتر براندت من أن كسر البيتكوين لدعمه البارابولي قد يفتح الباب أمام هبوط قد يصل إلى 80% في حال تكرار الأنماط التاريخية، وهو ما قد يدفع السعر نحو 25,000 دولار. كما أشار تشارلز إدواردز إلى أن عمليات الشراء المؤسسية تُمتص سريعًا من قبل الحائزين طويلَي الأجل.

خلاصة

سوق العملات المشفّرة يقف حاليًا عند مفترق طرق حاسم:

  • قصير الأجل: ضغوط قوية من البيانات الاقتصادية، ضعف شهية المخاطرة، وعمليات بيع من الحيتان.

  • متوسط وطويل الأجل: تراكم تاريخي، سيولة محتملة من الفيدرالي، واحتمال عودة الزخم في حال تراجع التضخم والفائدة.

يبقى الاتجاه المقبل مرهونًا ببيانات الاقتصاد الأمريكي وسلوك كبار المستثمرين، وسط بيئة تنظيمية عالمية تتجه نحو مزيد من التشدد والوضوح.

تم التحديث في: الثلاثاء, 16 كانون الأول 2025 13:10
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول