الدولار الأمريكي يتراجع قليلاً بعد صعود قوي، والإسترليني يترقب قرار بنك إنجلترا بشأن الفائدة
شهد الدولار الأمريكي تراجعًا طفيفًا يوم الخميس بعد سلسلة من الارتفاعات القوية التي دفعته مؤخرًا إلى أعلى مستوياته في عدة أشهر. يأتي هذا التراجع وسط ترقّب حذر في الأسواق لقرارات السياسة النقدية القادمة، لا سيما من جانب بنك إنجلترا، بينما لا تزال التوقعات بشأن تحركات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي محور تركيز المتداولين والمستثمرين حول العالم.
أداء الدولار الأمريكي اليوم
في تعاملات الخميس، انخفض مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس أداء العملة الخضراء مقابل سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.3% إلى مستوى 99.772، بعد أن لامس في وقت سابق من الأسبوع أعلى مستوى له منذ شهر أبريل الماضي.
ويُعزى هذا الانخفاض الطفيف إلى عملية تصحيح فني بعد موجة ارتفاع قوية استمرت لعدة جلسات متتالية، بدعم من رهانات الأسواق على تأجيل خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
البيانات الأخيرة الصادرة عن سوق العمل الأمريكي جاءت أفضل من المتوقع، ما حفّز الإقبال على الأصول ذات المخاطر العالية وأضعف الطلب على الدولار كملاذ آمن. وقد أشار محللون في بنك ING إلى أن "ارتفاع الدولار بدأ يفقد زخمه تدريجيًا"، مضيفين أن الأسواق "ما زالت تفتقر إلى دوافع قوية لفتح مراكز بيع جديدة على الدولار، خاصة في ظل غياب بيانات مهمة وتواصل حذر من مسؤولي الفيدرالي".
وأشار البنك إلى أن "التداولات قد تبقى محدودة خلال الجلسة الحالية، مع بقاء مخاطر التصحيح قائمة على خلفية المبالغة في تقييم الدولار على المدى القصير".
الاحتياطي الفيدرالي يترك الأسواق في حالة ترقّب
كان رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قد شدّد مؤخرًا على أن خفض أسعار الفائدة في ديسمبر ليس أمرًا مؤكدًا، وهو ما ساهم في دعم الدولار خلال الأسابيع الماضية.
ومع ذلك، يعتقد العديد من المحللين أن الاقتصاد الأمريكي قد يواجه تباطؤًا تدريجيًا خلال الأشهر المقبلة، ما قد يفتح الباب أمام سياسات نقدية أكثر مرونة مع بداية العام الجديد.
الإسترليني تحت الأضواء قبل اجتماع بنك إنجلترا
في أوروبا، ارتفع زوج الجنيه الإسترليني/الدولار بنسبة 0.2% إلى 1.3072، مستفيدًا من تراجع الدولار، في وقت تستعد فيه الأسواق لقرار بنك إنجلترا بشأن السياسة النقدية.
ويتوقع معظم المحللين أن يبقي البنك المركزي البريطاني أسعار الفائدة دون تغيير عند 4.0%، نظرًا لأن معدل التضخم البريطاني لا يزال الأعلى بين اقتصادات مجموعة السبع.
لكن هذا القرار لا يزال محفوفًا بعدم اليقين، إذ ظهرت مؤشرات أولية على تراجع الضغوط التضخمية في المملكة المتحدة.
ومن جهة أخرى، تشير التقارير إلى أن المستشارة راشيل ريفز قد تتجه إلى رفع الضرائب في الميزانية القادمة، وهو ما قد يؤثر على النمو الاقتصادي ويزيد من الضغوط على بنك إنجلترا لمراجعة سياسته.
ووفقًا لبنك ING، فإن الأسواق تسعّر احتمالًا بنسبة 25% لخفض الفائدة في اجتماع اليوم، لكن البنك يرى أن الإبقاء على الفائدة هو الاحتمال الأكثر ترجيحًا، لأن "قراءة واحدة إيجابية للتضخم لا تكفي لإقناع لجنة السياسة النقدية بتغيير المسار".
وأضاف البنك أن انقسام الأصوات داخل اللجنة قد يكون 6-3 أو حتى 5-4 لصالح التيسير، ما يعني أن العتبة نحو خفض الفائدة في ديسمبر ليست بعيدة المنال.
اليورو يستفيد من ضعف الدولار
ارتفع زوج اليورو/الدولار بنسبة 0.2% إلى 1.1520 بعد أن لامس في وقت سابق من الأسبوع أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر وجاء الارتفاع مدفوعًا بتراجع الدولار وليس بتحسّن البيانات الأوروبية، إذ أظهرت بيانات الإنتاج الصناعي الألماني نموًا بنسبة 1.3% فقط في سبتمبر، أي أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى زيادة بنسبة 3%.
ويعكس هذا الأداء الضعيف استمرار التباطؤ في أكبر اقتصاد أوروبي، مما يعزز المخاوف بشأن مستقبل النمو في منطقة اليورو. ومع ذلك، يرى محللو ING أن "زوج اليورو/الدولار يتداول حاليًا في نطاق دون قيمته العادلة"، مشيرين إلى أن ارتفاع الدولار تجاوز ما يمكن تبريره بالأساسيات قصيرة الأجل مثل فروق أسعار الفائدة أو أداء الأسهم العالمية.
الين الياباني يستفيد من ارتفاع الأجور وتوقعات رفع الفائدة
في آسيا، تراجع زوج الدولار/الين بنسبة 0.3% إلى 153.74، مع تلقي الين دعمًا من بيانات قوية لنمو الأجور في اليابان، حيث ارتفعت الأجور الإجمالية بنسبة 1.9% في سبتمبر مقارنة بـ 1.3% في أغسطس، وهي أقوى قراءة منذ عدة أشهر.
هذا التحسّن في مستويات الدخل يعطي بنك اليابان مبررًا إضافيًا للنظر في رفع أسعار الفائدة قريبًا، خاصة بعد أن أظهر محضر اجتماعه في سبتمبر أن بعض صانعي السياسة أصبحوا يميلون إلى تطبيع السياسة النقدية تدريجيًا.
اليوان الصيني والأسترالي ضمن نطاق مستقر
على صعيد العملات الآسيوية الأخرى، انخفض زوج الدولار/اليوان بنسبة 0.1% إلى 7.1224 بعد أن حدد بنك الشعب الصيني نقطة منتصف أقوى قليلاً مقابل الدولار، في إشارة إلى استمرار رغبته في دعم العملة المحلية.
أما الدولار الأسترالي فقد ارتفع بنسبة 0.1% إلى 0.6510، مدعومًا ببيانات إيجابية للصادرات والميزان التجاري لشهر سبتمبر، ما يعكس تحسن الطلب الخارجي على السلع الأسترالية وخاصة المعادن والطاقة.
التحليل الفني لأزواج الدولار الرئيسية
1. اليورو/الدولار (EUR/USD):
يتداول الزوج حاليًا قرب مستوى 1.1520، والذي يمثل مستوى مقاومة محورية على المدى القصير. في حال اختراقه بإغلاق يومي واضح، فقد يتجه الزوج نحو 1.1600، بينما يبقى الدعم الرئيسي عند 1.1450.
على المدى المتوسط، ما زال الاتجاه العام هابطًا طالما ظل الزوج دون مستوى 1.1650، لكن إشارات التشبع البيعي قد تدعم تصحيحًا صعوديًا محدودًا في الأيام المقبلة.
2. الجنيه الإسترليني/الدولار (GBP/USD):
ارتفع الزوج إلى مستوى 1.3072 قبل اجتماع بنك إنجلترا، ويواجه مقاومة قوية عند 1.3100، والتي إن تم اختراقها فقد تفتح الطريق نحو 1.3180 – 1.3220.
أما في حال خيبة أمل الأسواق من قرار البنك، فقد يعود الزوج لاختبار الدعم عند 1.2970 ثم 1.2890.
الاتجاه الفني العام يميل إلى الحياد مع ميل إيجابي طفيف طالما استقر السعر فوق 1.2950.
3. الدولار/الين الياباني (USD/JPY):
تراجع الزوج إلى 153.74 مع تحسن الين عقب بيانات الأجور، ليقترب من منطقة دعم قوية بين 153.40 و153.00.
اختراق هذا النطاق نزولاً قد يفتح الباب لتراجع أوسع نحو 152.50، بينما تبقى المقاومة القريبة عند 154.30، يليها 155.00.
الميل الفني ما زال صاعدًا على المدى الطويل، لكن إشارات ضعف الزخم بدأت تظهر في المؤشرات الفنية القصيرة الأجل.
خلاصة:
يبدو أن الأسواق دخلت مرحلة انتظار وترقّب قبل حسم قرارات السياسة النقدية في إنجلترا واليابان، بينما يستمر الدولار الأمريكي في اختبار مدى قدرته على الحفاظ على مكاسبه وسط بوادر تصحيح فني.
وفي ظل غياب بيانات أمريكية رئيسية خلال الأيام القادمة، قد تبقى التحركات محدودة ضمن نطاقات ضيقة إلى أن تظهر إشارات جديدة من البنوك المركزية الكبرى حول اتجاه أسعار الفائدة العالمية.