اليورو في طريقه لتحقيق أول مكاسب أسبوعية منذ 3 أسابيع بدعم من المركزي الأوروبي

شهدت العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" تراجعاً مع افتتاح جلسات السوق الأوروبية يوم الجمعة، مقابل سلة من العملات العالمية، وعلى رأسها الدولار الأميركي، ليتكبد خسائره لليوم الثاني على التوالي.

 

هذا الانخفاض جاء بعدما لامس أعلى مستوياته في أسبوعين، حيث استمرت عمليات التصحيح وجني الأرباح بعد مكاسب قوية سجلها اليورو في الأيام الماضية.

 

ورغم هذا التراجع، لا يزال اليورو يتمتع بزخم عام قوي نسبيًا في السوق، إذ ما يزال قريبًا من أعلى مستوياته في أربعة أعوام، مما يشير إلى استمرار وجود قوة كامنة تدعم العملة الأوروبية، مدفوعة بتحولات السياسة النقدية الأوروبية والعوامل الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.

أداء الدولار الأمريكي اليوم

في المقابل، حافظ الدولار الأميركي على استقراره بالقرب من أدنى مستوياته في أسبوعين خلال تعاملات الجمعة، متجهًا نحو تكبّد أكبر خسارة أسبوعية له منذ أكثر من شهر.

 

يأتي هذا التراجع في ظل استمرار حالة الترقب في الأسواق العالمية لمجريات مفاوضات الرسوم الجمركية الأميركية، بالإضافة إلى تركيز المتعاملين على الاجتماعات المرتقبة للبنوك المركزية العالمية، والتي قد تحمل إشارات مفصلية حول المسارات المستقبلية للسياسات النقدية، وعلى رأسها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك اليابان.

أداء اليورو اليوم

سجل اليورو تراجعاً ملحوظاً مع افتتاح جلسة التداول الأوروبية يوم الجمعة، متراجعاً أمام سلة من العملات الرئيسية، وعلى رأسها الدولار الأميركي، ليواصل خسائره للجلسة الثانية على التوالي، مبتعداً عن أعلى مستوياته في أسبوعين. ويعود هذا التراجع إلى عمليات تصحيح فني وجني أرباح طبيعية بعد ارتفاعات قوية سجلها اليورو مؤخرًا.

 

كان البنك المركزي الأوروبي قد أعلن يوم الخميس تثبيت أسعار الفائدة عند مستوى 2%، في خطوة متوقعة على نطاق واسع من قبل الأسواق والمحللين، منهياً بذلك سلسلة من السياسات التيسيرية التي استمرت لعام كامل.

 

وأشار البنك إلى أنه سيعتمد نهج "الانتظار والترقب"، في ظل عدم وضوح المشهد الاقتصادي العالمي، خصوصاً ما يتعلق بالعلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.

 

كما أكدت المفوضية الأوروبية أن هناك احتمالاً حقيقياً للتوصل إلى حل تفاوضي بشأن النزاع التجاري القائم، قبل حلول الموعد النهائي المقرر في 1 أغسطس/آب، ما يدعم الرؤية المتفائلة لأسواق العملات الأوروبية.

سعر صرف اليورو أمام الدولار

ورغم تراجعه الطفيف يوم الجمعة، استقر تداول اليورو بالقرب من مستويات 1.1754 دولار، وهو مستوى لا يبتعد كثيراً عن الذروة التي سجلها مطلع الشهر عند 1.183 دولار، والتي تمثل أعلى مستوى للعملة الأوروبية الموحدة منذ نحو أربع سنوات.

 

منذ بداية العام الجاري، ارتفع اليورو بنسبة 13.5% مقابل الدولار الأميركي، في أداء يُعدّ من بين الأقوى بين العملات الرئيسية، مدفوعاً بتداعيات السياسات الجمركية الأميركية التي أضعفت الدولار، إلى جانب الدعم الذي وفرته السياسات النقدية الأوروبية المستقرة نسبياً مقارنة بنظيرتها الأميركية.

 

وعلى الرغم من تراجع اليورو في نهاية الأسبوع، إلا أنه يظل على مشارف تسجيل مكسب أسبوعي، مدفوعاً بنتائج اجتماع البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس، والذي اتسم بنبرة "متشددة نسبياً"، حيث قرر البنك التوقف مؤقتًا عن إجراءات التيسير النقدي، في انتظار رؤية أوضح لمسار الاقتصاد العالمي.

 

هذا الموقف المتشدد ساهم في تعزيز الثقة بالعملة الأوروبية، ودعمها أمام الدولار الأميركي، ما أدى إلى ارتفاعها بنحو 0.95% منذ بداية الأسبوع، وهو ما قد يمثل أول مكسب أسبوعي لليورو خلال الثلاثة أسابيع الماضية.

 

سجّل اليورو يوم الجمعة تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.1% أمام الدولار الأميركي، ليبلغ سعره 1.1734 دولار، مقارنة بسعر افتتاح اليوم عند 1.17477 دولار، في حين سجل أعلى مستوى يومي عند 1.1759 دولار.

 

وكانت تعاملات يوم الخميس قد شهدت انخفاض اليورو بنسبة 0.2% مقابل الدولار، وهي أول خسارة لليورو في خمسة أيام، بعد أن بلغ في وقت سابق من الجلسة مستوى 1.1775 دولار، وهو الأعلى في أسبوعين.

 

ويُعزى هذا التراجع بالدرجة الأولى إلى عمليات التصحيح الفني وجني الأرباح، بعد الارتفاعات القوية التي شهدها اليورو في الأسابيع السابقة.

تفاؤل بتقدم المحادثات التجارية الأميركية – الصينية

على صعيد العلاقات التجارية، زادت آمال المستثمرين بتحقيق انفراج في المحادثات الأميركية – الصينية، عقب إعلان وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسينت، أن مسؤولين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة والصين سيلتقون في ستوكهولم الأسبوع المقبل، بهدف مناقشة تمديد مهلة التفاوض بشأن الرسوم الجمركية.

 

هذا اللقاء المنتظر يأتي قبل أيام فقط من المهلة النهائية التي حددتها الإدارة الأميركية في الأول من أغسطس، والتي قد تشهد فرض رسوم جمركية جديدة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. وهو ما دفع الأسواق لتسعير احتمالات إيجابية، انعكست على استقرار العملات الخطرة نسبيًا، من ضمنها اليورو.

موقف المركزي الأوروبي والتضخم

في الاجتماع الأخير، أبقى البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة دون تغيير عند 2.15%، وهو أدنى مستوى له منذ أكتوبر 2022، بعد سلسلة خفض للفائدة استمرت على مدار سبعة اجتماعات متتالية.

 

وقد فُسّرت هذه الخطوة من قبل المحللين على أنها استراحة استراتيجية من التيسير النقدي، بانتظار تطورات جديدة على صعيد الاقتصاد الكلي والعلاقات التجارية الدولية.

 

وأوضح البنك في بيانه أن معدل التضخم الحالي مستقر حول 2%، وهو ما يتماشى مع هدف البنك متوسط الأجل، مضيفًا أن البيانات الاقتصادية الواردة لا تزال تدعم التقييم السابق بشأن اتجاهات التضخم.

 

وأكدت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أن البنك يفضّل التروي في اتخاذ القرارات، مضيفة أن الاقتصاد الأوروبي أثبت مرونة كبيرة رغم التحديات العالمية. وأشارت إلى أن القرارات المستقبلية ستُتخذ وفقًا للبيانات الاقتصادية، دون الالتزام بمسار محدد، مؤكدة أن سياسة البنك تعتمد على نهج "اجتماع بعد اجتماع".

تباين الآراء داخل المركزي الأوروبي بشأن الفائدة

وفقًا لما نقلته وكالة "رويترز"، فإن أغلبية واضحة من أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي أبدوا ميلاً إلى تثبيت الفائدة دون تغيير في اجتماع سبتمبر المقبل، وذلك للمرة الثانية على التوالي. وقد دفع هذا الموقف إلى تراجع احتمالات خفض الفائدة في أسواق المال الأوروبية من 50% إلى أقل من 30%.

 

من جانب آخر، تتجه الأنظار إلى اجتماعات البنوك المركزية العالمية، وعلى رأسها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك اليابان، وسط ترجيحات واسعة بأن يُبقي كلا البنكين على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعات الأسبوع المقبل.

 

ومع ذلك، فإن التركيز الأكبر سيكون على التصريحات التي ستلي الاجتماعات، والتي ستوفر إشارات دقيقة حول توقيت الخطوات المقبلة في السياسة النقدية. وتوقعت كارول كونغ، خبيرة العملات في بنك الكومنولث الأسترالي، أن يكون اجتماع بنك اليابان محل متابعة خاصة، خصوصاً بعد الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة الذي تضمن خفض الرسوم على واردات السيارات اليابانية إلى 15%.

 

سجل الين الياباني مستوى 147.10 مقابل الدولار، متجهاً نحو تحقيق مكاسب أسبوعية بنسبة 1%، في أقوى أداء له منذ منتصف مايو الماضي. وقد دعمت هذه المكاسب التوقعات المتزايدة بأن يقوم بنك اليابان برفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال العام الجاري، بحسب استطلاع "رويترز".

 

أما بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، فمن المتوقع أن يُبقي على سعر الفائدة الرئيسي عند نطاق يتراوح بين 4.25% و4.50%. وتشير توقعات السوق إلى احتمال خفض الفائدة بمقدار 43 نقطة أساس بحلول نهاية عام 2025.

 

ويرى محللو "إيه إن زد" أن الفيدرالي قد يبدأ خفض الفائدة فعلياً خلال اجتماعي سبتمبر وديسمبر، لكنهم أكدوا أن الغموض المتعلق بالرسوم الجمركية قد يكون عاملاً معطلاً لذلك المسار. كما أشاروا إلى ضعف سوق العمل، والانكماش المتسارع في أسعار الخدمات، وتباطؤ نمو الطلب، كعوامل قد تدفع المركزي الأميركي لاتخاذ خطوات تيسيرية في وقت أقرب من المتوقع.

تم التحديث في: الجمعة, 25 تموز 2025 11:00
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول