اليورو يسجل أعلى مستوى في 4 أسابيع ومؤشر الدولار يهبط لأدنى مستوى في عامين

شهدت الأسواق المالية بداية أسبوع ديناميكية تميزت بتغيرات ملحوظة في أسواق العملات الرئيسية، حيث قفز اليورو إلى أعلى مستوياته في أربعة أسابيع، وسط حالة من التفاؤل سادت الأسواق الأوروبية بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب تأجيل فرض رسوم جمركية جديدة على الاتحاد الأوروبي.

وفي المقابل، تراجع مؤشر الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى له منذ ما يقرب من عامين، مدفوعًا بمزيج من العوامل الجيوسياسية والمالية أبرزها تصاعد المخاوف بشأن مستقبل السياسة المالية الأميركية.

أداء سعر اليورو اليوم

افتتح اليورو تداولات الأسبوع يوم الاثنين على ارتفاع ملحوظ أمام معظم العملات الرئيسية، مواصلاً مكاسبه للجلسة الثانية على التوالي مقابل الدولار الأميركي، وسط حالة من التفاؤل في الأسواق الأوروبية والدولية بعد أن قرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب منح الاتحاد الأوروبي فرصة جديدة لإبرام اتفاق تجاري وتجنب التصعيد في الحرب التجارية.

بيانات التضخم الأوروبية 

تزامن هذا الارتفاع في قيمة اليورو مع صدور بيانات تضخم أوروبية متباينة خلال الأيام الأخيرة، ما أدى إلى انقسام في توقعات المستثمرين بشأن المسار المستقبلي للسياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي.

وفي هذا السياق، يترقب المشاركون في السوق تصريحات رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، في وقت لاحق اليوم، للحصول على إشارات أوضح بشأن توقيت وتوجهات أي خفض محتمل لأسعار الفائدة خلال اجتماع يونيو المقبل.

سعر صرف اليورو اليوم

• ارتفع اليورو مقابل الدولار بنسبة 0.5% ليصل إلى 1.1419 دولار، وهو أعلى مستوى تسجله العملة الأوروبية الموحدة منذ 29 أبريل.

• جاء هذا الارتفاع من مستوى افتتاح الجلسة عند 1.1365 دولار، بعد أن سجل أدنى مستوى خلال التداولات عند 1.1359 دولار.

الأداء الأسبوعي لليورو يعكس موجة صعود قوية

• أنهى اليورو تعاملات الجمعة الماضية على ارتفاع بنسبة 0.7% أمام الدولار، محققًا بذلك رابع مكاسب يومية خلال الجلسات الخمس الأخيرة.

• على المستوى الأسبوعي، حقق اليورو مكاسب بنسبة 1.8%، وهو أول ارتفاع أسبوعي له منذ خمسة أسابيع، وأكبر صعود أسبوعي في شهر ونصف، وسط تزايد المخاوف من اهتزاز الاستقرار المالي في الولايات المتحدة.

الدولار الأميركي يتراجع لأدنى مستوى له منذ عامين

في المقابل، شهد مؤشر الدولار الأميركي تراجعًا حادًا يوم الاثنين، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ يوليو 2023، عقب إعلان الرئيس ترمب تأجيل فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على صادرات الاتحاد الأوروبي حتى 9 يوليو المقبل وقد اعتُبر هذا القرار عاملًا محفزًا لارتفاع عملات كبرى مرتبطة بالتجارة العالمية، بما في ذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي، بالإضافة إلى اليورو.

• انخفض مؤشر الدولار الفوري بنسبة 0.2% يوم الاثنين الى 98.83، مما يشير إلى تراجع الطلب العالمي على العملة الأميركية في ظل الظروف الراهنة.

• أتى هذا الانخفاض بعد إعلان ترمب عن تمديد الموعد النهائي للرسوم الجمركية، عقب محادثة هاتفية مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، التي طلبت منح مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق تجاري شامل.

خلفيات القرار الأميركي وتأثيره على الأسواق

أوضح ترمب في تصريحاته للصحفيين يوم الأحد أن قرار التأجيل جاء استجابة لمطالب أوروبية خلال اتصال مع فون دير لاين، ليمدد المهلة التي تنتهي في 1 يونيو إلى تاريخ جديد هو 9 يوليو. ويُذكر أن هذه المهلة تمثل نهاية فترة التهدئة التي حددت بـ90 يومًا، والمتعلقة بما أسماه ترمب "رسوم يوم التحرير" على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي.

يمثل هذا التراجع في حدة الخطاب التجاري الأميركي خلال 48 ساعة فقط من إصدار التهديد الأصلي، تذكيرًا بمدى قابلية السياسة التجارية الأميركية للتغيير السريع والمفاجئ. إلا أن ذلك شجع المتداولين والمستثمرين على التفاؤل بإمكانية إبرام اتفاقات تجارية مستقبلية، وهو ما خفف من المخاوف بشأن تباطؤ محتمل في النمو الاقتصادي العالمي.

الدولار الأسترالي والنيوزيلندي يقفزان بدعم من تحسن المعنويات

بحسب "فيليكس رايان"، المحلل في مجموعة "أستراليا ونيوزيلندا بانكينغ غروب" (ANZ)، فإن تأجيل فرض الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي أدى إلى تحسن كبير في المعنويات تجاه عملات السلع المرتبطة بالنمو العالمي، مما دعم أداء الدولارين الأسترالي والنيوزيلندي تحديدًا أمام الدولار الأميركي.

• ارتفع الدولار الأسترالي 65.37 سنت أميركي، إلى 0.6513 وهو أعلى مستوى له منذ نوفمبر.

• قفز الدولار النيوزيلندي 60.32 سنت أميركي، إلى 0.6019 مسجلاً بذلك أعلى مستوياته منذ عدة أشهر.

مؤشر الدولار يفقد مكاسب عام 2024 وسط توتر مالي أميركي

تُظهر المؤشرات أن الدولار الأميركي فقد أكثر من 7% من قيمته منذ بداية عام 2025، في ظل تنامي المخاوف بشأن السياسات المالية للولايات المتحدة، وخصوصًا تلك المتعلقة بخطط تمديد التخفيضات الضريبية التي تم تنفيذها خلال الولاية الأولى للرئيس ترمب. هذه التخفيضات التي تهدد بتفاقم عجز الموازنة الفيدرالية، تؤثر سلبًا على ثقة المستثمرين تجاه العملة الأميركية.

موقف المستثمرين من الدولار يصبح أكثر سلبية

أشار "رايان" إلى أن العوامل السلبية التي تواجه الدولار أصبحت واضحة، وتشمل بالإضافة إلى الرسوم الجمركية، تصاعد المخاوف بشأن السياسة المالية الأميركية. كما لفت إلى أن مراكز المتداولين أصبحت سلبية بالفعل تجاه الدولار، خاصة مقابل عملات مثل الين الياباني.

عملات الأسواق الناشئة تستفيد من تراجع الدولار

لم تقتصر تأثيرات قرار ترمب على عملات الدول الصناعية الكبرى، بل امتدت لتشمل عملات الأسواق الناشئة أيضًا، التي سجلت بدورها أداءً قوياً نتيجة تحسن شهية المخاطرة في الأسواق العالمية.

• ارتفع الدولار التايواني إلى أعلى مستوى له منذ أوائل مايو.

• صعد البيزو الفلبيني إلى أعلى مستوى له منذ عام 2023، ولو لفترة وجيزة.

سوق السندات الأميركية في عطلة

مع توقف التداول النقدي لسندات الحكومة الأميركية بسبب عطلة رسمية في الولايات المتحدة، أظهرت العقود الآجلة لسندات الخزانة لأجل عشر سنوات تراجعًا في الأسعار، وهو ما قد يُترجم إلى ارتفاع في العائدات بأكثر من ثلاث نقاط أساس عند استئناف التداولات.

خلاصة:

أدى قرار الإدارة الأميركية بتمديد مهلة فرض الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي إلى تحوّل لافت في مسار الأسواق المالية، مما انعكس بشكل واضح على أداء العملات العالمية. ففي الوقت الذي استفاد فيه اليورو من هذا التهدئة الدبلوماسية محققًا مكاسب قوية، واجه الدولار الأميركي ضغوطًا كبيرة وسط مخاوف متزايدة بشأن استقرار الأوضاع المالية في الولايات المتحدة.

وتظل الأنظار متجهة إلى تطورات السياسة النقدية الأوروبية والتصريحات المنتظرة من كريستين لاغارد، إضافة إلى المسار الذي ستتخذه إدارة ترمب في ملفها التجاري الحساس.