الإسترليني عند أعلى مستوى في 5 أسابيع مدعوماً بالنمو الاقتصادي وتراجع احتمالات خفض الفائدة

ارتفع الجنيه الإسترليني خلال تداولات يوم الخميس مقابل سلة من العملات العالمية، مواصلاً مكاسبه لليوم الثالث على التوالي أمام الدولار الأمريكي، ليصل إلى أعلى مستوياته في خمسة أسابيع، وسط تراجع التوقعات بشأن استمرار بنك إنجلترا في انتهاج سياسة نقدية تيسيرية وخفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.

نمو الاقتصاد البريطاني يفوق التوقعات

أظهرت البيانات الاقتصادية الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني صباح الخميس أن الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة نما بنسبة 0.3% خلال الفترة من أبريل إلى يونيو 2024، متجاوزاً التوقعات التي أشارت إلى نمو لا يتعدى 0.1%، وهو ما يعكس أداءً أفضل مما كان متوقعاً رغم استمرار التحديات الاقتصادية.

 

وعلى الرغم من هذه النتيجة الإيجابية، فإن وتيرة النمو تباطأت مقارنة بالربع الأول من العام الذي سجل فيه الاقتصاد توسعاً قدره 0.7%.

 

ويعكس هذا التباطؤ جزئياً بعض العوامل المؤقتة التي دعمت النمو في بداية العام، ومنها اندفاع الصادرات إلى الولايات المتحدة قبل تطبيق بعض الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في أبريل، وهو تأثير بدأ يتلاشى في الربع الثاني.

 

على الصعيد الشهري، توسع الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.4% في يونيو، مقارنة بانكماش قدره 0.1% في مايو وتراجع بنسبة 0.3% في أبريل، وهو أكبر انخفاض شهري منذ أكتوبر 2023. ويُعد هذا الأداء الشهري أفضل بكثير من التوقعات التي كانت تشير إلى نمو قدره 0.1% فقط.

 

أما على أساس سنوي، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.2% خلال الربع الثاني، مقابل نمو سنوي بلغ 1.3% في الربع الأول، مما يشير إلى تباطؤ طفيف في وتيرة النمو العام.

 

تشير التقديرات إلى أن السياسات الحكومية مثل رفع الضرائب وزيادة الحد الأدنى للأجور فرضت ضغوطاً إضافية على الشركات، ما أدى إلى تراجع وتيرة خلق الوظائف وانخفاض الإنتاج في بعض القطاعات. كما أن حالة عدم اليقين العالمية، والتقلبات في التجارة الدولية، ما زالت تؤثر على ثقة المستثمرين والشركات في بريطانيا.

تحديات أمام وزارة الخزانة البريطانية

هذه النتائج تأتي في فترة حساسة بالنسبة لوزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز، التي أكملت عامها الأول في إدارة الاقتصاد البريطاني، حيث أكدت مراراً أن "الهدف الأول" لسياساتها هو "تحفيز النمو الاقتصادي".

 

ومع ذلك، فإن التباطؤ النسبي في النمو يفرض عليها تحديات إضافية في صياغة خطط التحفيز، خاصة في ظل التوقعات برفع الضرائب للعام الثاني على التوالي خلال بيان الموازنة وخطة الضرائب والإنفاق المقرر الإعلان عنها في أكتوبر أو نوفمبر.

 

جدير بالذكر أن الاقتصاد البريطاني كان قد دخل في حالة ركود في نهاية عام 2023، لكنه تمكن من العودة إلى النمو في النصف الأول من 2024. ومع ذلك، فإن التعافي ما زال هشاً، ويحتاج إلى محفزات قوية للحفاظ على وتيرة نمو مستدامة خلال الفترات القادمة.

أداء الجنيه الإسترليني في أسواق الصرف

سجل الجنيه الإسترليني ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.1% أمام الدولار الأمريكي ليصل إلى مستوى 1.3592 دولار، وهو الأعلى منذ 10 يوليو الماضي، مقارنة بسعر الافتتاح البالغ 1.3578 دولار، فيما بلغ أدنى مستوى خلال الجلسة 1.3570 دولار.

 

وكان الجنيه قد حقق يوم الأربعاء مكاسب قوية بلغت نحو 0.6% أمام الدولار، في ثاني ارتفاع يومي على التوالي، مدعوماً باستمرار عمليات بيع العملة الأمريكية في أسواق الصرف العالمية.

السياسة النقدية لبنك إنجلترا

في أعقاب الاجتماع الأخير لبنك إنجلترا الذي اتسم بنبرة تشددية، خفّض المتداولون من رهاناتهم على استمرار دورة التيسير النقدي، حيث تراجعت التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة بشكل كبير. وتشير تقديرات الأسواق حالياً إلى أن إجمالي التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة خلال العام قد لا يتجاوز 17 نقطة أساس.

 

أما بالنسبة لاجتماع سبتمبر المقبل، فتستقر احتمالات خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس عند حوالي 30%، وهو ما يعكس قناعة متزايدة لدى المستثمرين بأن البنك قد يفضل الإبقاء على السياسة النقدية الحالية لفترة أطول في ظل مؤشرات التعافي الاقتصادي.

 

خلاصة

يواصل الجنيه الإسترليني الاستفادة من البيانات الاقتصادية الإيجابية وتراجع التوقعات بشأن خفض الفائدة، في حين يظل المشهد الاقتصادي العام في بريطانيا مزيجاً من مؤشرات تحسن على المدى القصير وتحديات هيكلية تتطلب حلولاً استراتيجية لضمان استقرار النمو.

تم التحديث في: الخميس, 14 آب 2025 10:45
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول