- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار السلع والمعادن والمؤشرات
- تراجع أسعار النفط بعد قفزة تجاوزت 4% وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية والأنباء التجارية الأميركية
تراجع أسعار النفط بعد قفزة تجاوزت 4% وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية والأنباء التجارية الأميركية

شهدت أسواق النفط العالمية تقلبات حادة خلال اليومين الماضيين، حيث تراجعت أسعار النفط اليوم الخميس، بعد ارتفاع حاد تجاوز نسبة 4% في جلسة يوم الأربعاء، وهو الارتفاع الأكبر منذ أكتوبر الماضي.
ويأتي هذا التذبذب في الأسعار وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، خصوصاً بين الولايات المتحدة وإيران، إلى جانب تطورات متسارعة على صعيد السياسة التجارية الأميركية، الأمر الذي ساهم في خلق مناخ من عدم اليقين لدى المتداولين والمستثمرين في الأسواق العالمية.
أداء أسعار النفط
قفزت العقود الآجلة لخام برنت يوم الأربعاء بمقدار 2.90 دولار، أو ما يعادل 4.3%، لتغلق عند مستوى 69.77 دولاراً للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ أوائل أبريل/نيسان، بحسب بيانات وكالة "رويترز". أما خام غرب تكساس الوسيط الأميركي، فقد ارتفع بمقدار 3.17 دولار، أو بنسبة 4.9%، ليغلق عند 68.15 دولاراً للبرميل.
لكن اليوم، تراجعت أسعار النفط وسط عمليات جني أرباح، حيث انخفض خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.87% ليصل إلى 67.52 دولاراً للبرميل، فيما تراجع خام برنت بنسبة 0.95% ليُتداول عند 69.12 دولاراً.
ويُعزى هذا التراجع إلى انحسار الزخم الصعودي المؤقت بعد الارتفاع العنيف في الجلسة السابقة، إضافة إلى وصول الأسعار إلى مستويات مقاومة فنية دفعت بعض المتعاملين إلى البيع لجني الأرباح.
التهديدات الإيرانية والتصعيد الأميركي
أطلقت إيران تصريحات شديدة اللهجة عبر وزير الدفاع الإيراني العميد عزيز نصير زاده، الذي أعلن أن طهران "لن تتردد" في استهداف جميع القواعد الأميركية في المنطقة، وذلك في حال انهيار المحادثات النووية واندلاع صراع مع واشنطن. وأكد أن الجيش الإيراني في حالة جاهزية تامة لتنفيذ ضربات دقيقة ضد أي أهداف أميركية تُشكل تهديدًا مباشرًا للسيادة الإيرانية.
تصريحات ترامب المتصاعدة
من جانبها، صعّدت واشنطن من لهجتها. فقد قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الأربعاء إنه أمر بإجلاء بعض الأميركيين من الشرق الأوسط، واصفًا المنطقة بأنها "قد تكون مكاناً خطيراً".
وصرح ترامب في مقابلة مع صحيفة "نيويورك بوست" نُشرت الأربعاء، بأنه يفقد الثقة في إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، مؤكدًا أن "شيئاً ما حدث لهم، وأنا أقل ثقة بكثير الآن مما كنت عليه قبل شهرين". وأضاف: "لن نسمح لهم بامتلاك سلاح نووي. من الأفضل أن يتم ذلك دون حرب، لكننا سنرى".
كما كرر تهديده قائلاً: "إذا لم نتوصل إلى اتفاق، فإن قصف إيران يبقى خياراً مطروحاً"، في رسالة مباشرة إلى طهران بضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات وفق الشروط الأميركية، التي تشمل وقف تخصيب اليورانيوم وتفكيك البرنامج النووي الإيراني.
قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها
الإخلاء الأميركي من العراق والشرق الأوسط
في إطار التوترات المتصاعدة، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية أوامر بمغادرة جزئية لسفارة الولايات المتحدة في العاصمة العراقية بغداد. وأفاد تقرير نشرته شبكة "رووداو" الإعلامية نقلاً عن مسؤول أميركي، أن الوزارة قررت "تقليص" حجم البعثة الدبلوماسية في العراق، وأصدرت تحذيراً بتحديث حالة السفر إلى العراق، مؤكدة أنه لا يزال مصنفًا ضمن المستوى الرابع – لا تسافر.
كما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن وزير الدفاع بيت هيغسيث فوّض بالمغادرة الطوعية لعائلات العسكريين المنتشرين في قواعد عسكرية مختلفة ضمن نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط، مما يشير إلى جدية الاستعدادات لمواجهة تطورات أمنية محتملة.
وأشار مسؤول أميركي إلى أن هذه الإجراءات قد تشمل أيضاً مغادرة عائلات العسكريين الأميركيين من البحرين، حيث توجد قاعدة بحرية أميركية استراتيجية، وذلك في ظل ما وصفته واشنطن بارتفاع المخاطر الأمنية في المنطقة.
انعكاسات الأزمة النووية على سلوك الأسواق المالية
قال كلفن وونج، كبير محللي السوق لدى شركة "أواندا"، إن صعود أسعار النفط الحاد يوم الأربعاء جعلها تقترب من مستويات مقاومة فنية، وهو ما تسبب في حدوث تراجع فني للأسعار اليوم. وأشار إلى أن بعض المتعاملين يراهنون على أن اجتماع الأحد المقبل بين الولايات المتحدة وإيران قد يسهم في تهدئة التوترات، خاصة في حال تحقق تقدم دبلوماسي ملموس.
ومن المقرر أن يلتقي المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في سلطنة عمان، حيث سيناقشان الرد الإيراني على المقترح الأميركي بشأن العودة إلى اتفاق نووي جديد ويُعد هذا اللقاء المرتقب نقطة مفصلية في المسار التفاوضي، وقد يكون له تأثير كبير على منحنى أسعار الطاقة خلال الفترة المقبلة.
الأسواق النفطية تتحسس الطريق وسط تقلبات حادة
قال محللون إن قفزة الأسعار يوم الأربعاء تجاوزت النطاق الضيق الذي ظلت العقود الآجلة تتحرك فيه على مدى الأسابيع الماضية، مما يشير إلى أن الأسواق باتت أكثر حساسية تجاه الأخبار الجيوسياسية والتصريحات السياسية، خاصة من جانب الولايات المتحدة وإيران.
ويُنتج الشرق الأوسط نحو ثلث الإمدادات النفطية العالمية، ويشمل ذلك إنتاج إيران وعدد من أعضاء منظمة "أوبك+"، وهو ما يزيد من أهمية استقرار الأوضاع السياسية في هذه المنطقة الحيوية بالنسبة لأسواق الطاقة العالمية.
البيانات الاقتصادية الأميركية تضيف دعماً مؤقتاً للأسعار
أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة انخفضت بمقدار 3.6 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، لتصل إلى 432.4 مليون برميل. وجاء هذا الانخفاض أكبر من التوقعات التي أشارت إلى تراجع بمقدار مليوني برميل فقط، مما ساهم في تعزيز أسعار الخام خلال جلسة الأربعاء.
ويُعد هذا التراجع في المخزونات عاملاً مساهماً في تخفيف مخاوف العرض المفرط، كما يعكس زيادة في وتيرة السحب من المخزون تزامناً مع موسم الصيف وارتفاع الطلب على الوقود في الولايات المتحدة.
التفاؤل التجاري الأميركي الصيني يوفّر دعماً جزئياً للأسواق
في سياق موازٍ، قالت مصادر مطلعة إن هناك تفاؤلاً حذراً بشأن احتمال توصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق تجاري، قد يعزز الطلب العالمي على الطاقة من خلال دعم النمو الاقتصادي في أكبر اقتصادين في العالم.
وصرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يعتزم إرسال رسائل إلى شركاء تجاريين خلال أسبوع إلى أسبوعين لتحديد معدلات الرسوم الجمركية المتبادلة، قبيل مهلة 9 يوليو المقررة لإعادة فرض رسوم أعلى على عشرات الاقتصادات.
وقد أدى هذا الإعلان إلى تراجع شهية المخاطرة لدى المستثمرين، مما ضغط على الأسهم والأسواق المالية، لكنه في المقابل وفّر دعماً جزئياً لأسعار النفط عبر بوابة توقعات تحسّن الطلب العالمي إذا تم التوصل لاتفاق.
خاتمة وتحليل مستقبلي
تُعد الأحداث الأخيرة مؤشراً على أن أسواق النفط دخلت مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، مدفوعةً بالتشابك المعقد بين الملفات النووية الإيرانية والتحركات العسكرية الأميركية والتحولات الاقتصادية العالمية. وبينما قد تسهم المفاوضات المقبلة في سلطنة عمان في تهدئة الأوضاع، فإن أي تعثر فيها قد يؤدي إلى موجة جديدة من التقلبات في أسعار النفط.
في ظل استمرار تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، وتزايد المخاوف بشأن أمن الإمدادات، يبقى السوق تحت ضغط شديد من كل من المخاطر الجيوسياسية والتقلبات في البيانات الاقتصادية، وهو ما يجعل المرحلة المقبلة بالغة الحساسية والتأثير في مسار أسعار الطاقة عالمياً.