- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار السلع والمعادن والمؤشرات
- تراجع أسعار النفط وسط تصاعد التوترات التجارية مع الاتحاد الأوروبي وتأثير العقوبات على روسيا
تراجع أسعار النفط وسط تصاعد التوترات التجارية مع الاتحاد الأوروبي وتأثير العقوبات على روسيا

تراجعت أسعار النفط في التعاملات المبكرة ليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025، مواصلة خسائرها للجلسة الثالثة على التوالي، وسط أجواء من عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي تسيطر على الأسواق العالمية.
وجاء هذا التراجع نتيجة تقييم المستثمرين لتأثير العقوبات الأوروبية الجديدة ضد روسيا، والذي تبيّن أنه محدود حتى الآن، بالإضافة إلى تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما أثار مخاوف كبيرة بشأن تباطؤ الطلب العالمي على الطاقة خلال الفترة المقبلة.
أداء أسعار النفط اليوم
في بداية الجلسة الآسيوية، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت تسليم سبتمبر بنسبة 0.50% لتستقر عند 68.87 دولارًا للبرميل، في حين هبطت عقود خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.58% لتصل إلى 65.57 دولارًا للبرميل، وذلك بحلول الساعة 10:10 صباحًا بتوقيت تركيا.
ويأتي هذا التراجع رغم الضعف النسبي في أداء الدولار الأمريكي، والذي عادةً ما يُفترض أن يمنح أسعار السلع الأولية مثل النفط بعض الدعم الإيجابي، لكنه لم يكن كافيًا في ظل ضغوط التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
تأثير العقوبات الأوروبية على روسيا
العقوبات الأوروبية الأخيرة المفروضة على صناعة النفط الروسية، والتي شملت خفض سقف أسعار صادرات النفط الخام ومنتجات الوقود الروسية، لم تُظهر حتى الآن تأثيراً ملموساً على الإمدادات العالمية.
ويشير محللو بنك ANZ إلى أن الأسواق "استوعبت إلى حد كبير" الصدمات المحتملة المرتبطة بالإمدادات الروسية، نظرًا لأن النفط الروسي لا يزال يتدفق إلى أسواق آسيا، وتحديدًا الصين والهند، اللتين تشكلان أكبر المشترين لنفط موسكو منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية.
رغم تصعيد الغرب للعقوبات، إلا أن فعالية تلك الإجراءات تبدو محدودة على أرض الواقع، بسبب قدرة روسيا على إعادة توجيه صادراتها نحو أسواق بديلة، مما أبقى مستويات المعروض العالمي مستقرة نسبيًا، وهو ما حال دون صعود الأسعار بشكل كبير.
قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها
الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
بالتوازي مع العقوبات، تتصاعد حدة النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعد فشل جولات المفاوضات التجارية بين الجانبين في التوصل إلى حلول وسطية، ما دفع واشنطن إلى التهديد بفرض رسوم جمركية تصل إلى 30% على مجموعة واسعة من السلع الأوروبية اعتبارًا من الأول من أغسطس المقبل.
هذا التاريخ بات يُنظر إليه على نطاق واسع كـ"موعد نهائي صارم" بحسب مسؤولين في البيت الأبيض، ما يزيد من احتمالية تحوله إلى نقطة تحول اقتصادية رئيسية في العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.
وفي رد فعل مباشر، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه بصدد دراسة فرض رسوم انتقامية على صادرات أميركية محددة، تشمل سلعًا زراعية وصناعية وخدمية. وقالت مصادر أوروبية إن التكتل تفاجأ بمطالبة واشنطن بفرض تعريفات لا تقل عن 15% على وارداته من أوروبا، وهو ما دفع بروكسل لبحث خيارات تصعيد مقابلة.
تأثير الرسوم المقترحة على الشركاء التجاريين
ولم يقتصر الأمر على الاتحاد الأوروبي، إذ أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها تطبيق رسوم جمركية مرتفعة على دول عدة، تشمل اليابان (25%)، كندا (35%)، والبرازيل (50%)، ضمن سياسة تجارية عدوانية تهدف إلى "تعديل الميزان التجاري" بحسب تصريحات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وتُعد هذه الرسوم، في حال تنفيذها، تصعيدًا خطيرًا يُنذر بموجة جديدة من الحروب التجارية المتعددة الأطراف، والتي قد تؤدي إلى تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي العالمي وتقلص الطلب على الطاقة.
وحذّر خبراء في بنك ANZ من أن هذه الرسوم قد تؤدي إلى تقلص النشاط الصناعي والتجاري عالميًا، وهو ما ينعكس سلبًا على مستويات الطلب على النفط الخام، ما يعني أن الأسعار قد تتعرض لمزيد من الضغوط في الأسابيع المقبلة.
في تطور جيوسياسي مهم، ساعد وقف إطلاق النار المعلن بين إيران وإسرائيل بتاريخ 24 يونيو في تهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط، ما خفف من المخاوف السابقة حول إمكانية حدوث انقطاع كبير في إمدادات النفط.
ورافق ذلك ارتفاع في إنتاج كبار المنتجين العالميين، بما في ذلك بعض الدول الأعضاء في منظمة أوبك+، وهو ما أسهم في إبقاء السوق متوازنة نسبيًا من حيث العرض والطلب.
تحرك الأسواق رغم ضعف الدولار الأمريكي
عادةً ما يؤدي تراجع الدولار إلى ارتفاع أسعار السلع المقومة به، مثل النفط، لكن في هذه الحالة، لم تتمكن أسعار النفط من الاستفادة من التراجع الحاد الذي شهده الدولار الأميركي مؤخرًا، نتيجة الضغوط الأقوى المتمثلة في التوترات التجارية وغياب بوادر اتفاق بين القوى الاقتصادية الكبرى.
ويُعزى ذلك إلى أن تأثير الأحداث الجيوسياسية والاقتصادية الكبرى بات أكثر عمقًا من تأثير العوامل التقنية على المدى القصير.
أوضح وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في "آي إن جي غروب"، أن "مع اقتراب موعد الرسوم الجمركية الجديدة، تميل المخاطر إلى الجانب السلبي"، وأضاف أن "التوقعات بوجود سوق نفطي أكثر وفرة بالإمدادات في وقت لاحق من هذا العام تدعم الرؤية القائلة بأن الأسعار قد تشهد مزيدًا من التراجع".
وفي هذا السياق، أكد محللون أن استمرار تحالف "أوبك+" في ضخ مزيد من الإمدادات، بالتوازي مع ضعف الطلب المحتمل بسبب التوترات التجارية، قد يُدخل السوق في حالة من الفائض، ما قد يضغط على الأسعار نحو مستويات أكثر انخفاضًا، خاصة إذا لم يحدث تحسن مفاجئ في المشهد الاقتصادي العالمي.
أمريكا تلوّح بعقوبات على مستوردي النفط الروسي
وفي مؤشر على مزيد من التصعيد، أعلن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن بلاده قد تفرض رسومًا جمركية على الدول التي تواصل شراء النفط من روسيا، وتحديدًا الصين والهند، حيث أشار إلى أن هذا الموضوع سيكون محوراً في الجولة المقبلة من المفاوضات مع بكين.
وقد يُشكّل هذا النهج تحديًا إضافيًا أمام أي تقارب اقتصادي محتمل بين واشنطن وبكين، خاصة في ظل حساسية ملف الطاقة في العلاقات الدولية.
خلاصة: ضغوط متعددة تُضعف السوق النفطية
تُظهر المؤشرات مجتمعة أن سوق النفط يواجه مزيجًا من التحديات الهيكلية والجيوسياسية التي تضعف اتجاهه الصعودي. فعلى الرغم من وجود عوامل دعم مؤقتة مثل ضعف الدولار أو خفض الإنتاج في بعض الأحيان، فإن الأثر طويل المدى للعقوبات غير الفعالة على روسيا، وتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، خاصة الاتحاد الأوروبي، يظل العامل الحاسم الذي قد يدفع بأسعار النفط نحو مزيد من التراجع.
ولا تزال الرؤية غير واضحة بشأن كيفية تطور الوضع في الأسابيع المقبلة، مع بقاء الأسواق في حالة ترقّب حذرة لأي إشارات من المفاوضات التجارية أو قرارات جديدة من أوبك+ أو تطورات مفاجئة في الملف الإيراني أو الروسي.