النفط يتجه نحو انخفاض أسبوعي وسط مخاوف من تخمة المعروض وتقارير أوبك+ لزيادة الإنتاج

تشهد أسعار النفط ضغوطاً متزايدة في الأسواق العالمية، وسط مؤشرات على أول خسارة أسبوعية منذ ثلاثة أسابيع، مدفوعة بتقارير حول احتمالية رفع تحالف أوبك+ لمستويات الإنتاج في اجتماعه المرتقب.

تأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه المخاوف من فائض في الإمدادات، مدعومة بارتفاع غير متوقع في مخزونات الخام الأمريكية، ومحادثات نووية بين إيران والولايات المتحدة قد تفتح الباب أمام زيادة جديدة في الصادرات الإيرانية من النفط.

أداء أسعار النفط اليوم

سجلت أسعار النفط تراجعاً ملحوظاً خلال التداولات الآسيوية ليوم الجمعة، متجهة نحو أول خسارة أسبوعية لها منذ قرابة ثلاثة أسابيع، وسط تنامي القلق في الأسواق بشأن تخمة محتملة في المعروض العالمي من الخام وجاء هذا التراجع بعد تقارير أفادت بأن تحالف الدول المنتجة للنفط "أوبك+" يدرس خياراً جديداً لزيادة الإنتاج خلال الأشهر المقبلة.

وأظهرت بيانات السوق حتى الساعة 11:30 صباحًا بتوقيت تركيا، تراجع عقود خام برنت تسليم يوليو بنسبة 0.61% لتصل إلى 64.02 دولارًا للبرميل، في حين انخفضت عقود خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.57% إلى 60.84 دولارًا للبرميل. ومع هذا الأداء، يتجه كلا الخامين إلى تسجيل انخفاض أسبوعي يُقدَّر بحوالي 2%.

أوبك+ اجتماع حاسم وتوجه نحو زيادة جديدة في الإنتاج

أفادت وكالة بلومبرغ، نقلًا عن مصادر مطلعة داخل أروقة تحالف أوبك+، أن المنظمة تدرس خيار زيادة الإنتاج بمقدار 411,000 برميل يوميًا بدءًا من شهر يوليو، وهو القرار الذي لم يُحسم بعد، لكنه يُعد مؤشراً واضحاً على تحول محتمل في استراتيجية التحالف من الدفاع عن مستويات الأسعار إلى تعزيز الحصة السوقية.

وذكر محللو "ING" في مذكرة تحليلية أن "هذه الخطوة المرتقبة من أوبك+ قد تُمثل نقطة تحول في سياسة الإنتاج، مع تحوّل ملحوظ من هدف دعم الأسعار إلى هدف الحفاظ على النفوذ داخل السوق النفطية العالمية". ومن المقرر أن يُعقد الاجتماع المقبل للتحالف في الأول من يونيو، في لحظة مفصلية قد تترك آثارًا ملموسة على موازين العرض والطلب العالمية.

وكان تحالف أوبك+ قد بدأ بالفعل في تقليص القيود المفروضة على الإنتاج تدريجياً خلال شهري مايو ويونيو، في محاولة لتحقيق توازن بين دعم الأسعار وحماية الحصص السوقية للدول الأعضاء.

ضغوط إضافية من المخزونات الأمريكية

إلى جانب احتمالية زيادة إنتاج أوبك+، ساهمت البيانات الأمريكية الأخيرة في تعزيز المخاوف المتعلقة بتخمة المعروض. فقد أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) ارتفاعاً غير متوقع في مخزونات الخام بمقدار 1.3 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 16 مايو، في حين أشار معهد البترول الأمريكي (API) إلى ارتفاع أكبر قدره 2.5 مليون برميل في نفس الفترة.

قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها

وتعكس هذه الأرقام اتجاهاً معاكساً للتوقعات السابقة التي رجّحت انخفاضاً في المخزونات، ما يثير القلق بشأن انخفاض الطلب في الأسواق الأمريكية، التي تُعد من أكبر مستهلكي الطاقة في العالم.

مفاوضات حاسمة قد تعيد النفط الإيراني للأسواق

في موازاة التطورات المتعلقة بأوبك+، تتجه الأنظار أيضاً نحو الجولة الخامسة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، والتي ستُعقد يوم الجمعة 23 مايو في العاصمة الإيطالية روما، برعاية سلطنة عمان التي تلعب دور الوسيط بين الطرفين.

وتتمحور المفاوضات حول الأنشطة النووية الإيرانية، حيث تطالب واشنطن بوقف كامل لتخصيب اليورانيوم، بينما تؤكد طهران على حقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية ضمن إطار معاهدة عدم الانتشار النووي. وإذا تم التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى تخفيف العقوبات الأمريكية، فقد تعود الصادرات النفطية الإيرانية بقوة إلى الأسواق العالمية، مما يعزز سيناريو تخمة المعروض.

وقد أشار وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في مجموعة "آي إن جي"، إلى أن "التركيز الرئيسي في الأسواق منصبٌّ الآن على نتائج اجتماع أوبك+ المقبل، لا سيما ما يتعلق بقرار المجموعة بشأن إنتاج شهر يوليو"، مضيفًا أن "أي زيادة كبيرة في الإمدادات ستُعد تحولاً واضحاً في سياسة التحالف تجاه أولويته الحالية: الحصة السوقية بدلاً من الأسعار".

دعوات أوروبية لخفض سقف أسعار النفط الروسي

وفي تطور سياسي له أبعاده الاقتصادية، دعا مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي فالديس دومبروفسكيس إلى خفض سقف أسعار النفط الروسي من 60 دولاراً إلى 50 دولاراً للبرميل، في ظل ما وصفه بتراجع فاعلية الحد الحالي في الضغط على موسكو.

وأوضح دومبروفسكيس أن مستوى السعر المعتمد لم يعد مؤثراً في ظل التراجع المستمر في أسعار النفط الخام، ما يدفع نحو مراجعة هذا السقف كأداة من أدوات العقوبات الاقتصادية.

خلاصة: سوق النفط أمام مفترق طرق

تشير المؤشرات الحالية إلى أن سوق النفط العالمية تقف على أعتاب مرحلة جديدة من التقلبات، حيث تتشابك العوامل الجيوسياسية (مثل الملف الإيراني والعقوبات الروسية) مع التوجهات الإنتاجية لتحالف أوبك+، في ظل ضغوط متزايدة من بيانات المخزونات الأمريكية.

وفي حال أقرّ أوبك+ زيادة إضافية في الإنتاج، وتم إحراز تقدم في الملف النووي الإيراني، فإن المعروض العالمي قد يشهد زيادة كبيرة خلال النصف الثاني من العام، ما قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط على الأسعار في غياب محفزات قوية على جانب الطلب.