- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار العملات والعملات الرقمية
- سوريا تستعد لإصدار أوراق نقدية جديدة مع حذف صفرين من الليرة السورية
سوريا تستعد لإصدار أوراق نقدية جديدة مع حذف صفرين من الليرة السورية

تستعد سوريا للدخول في مرحلة جديدة من تاريخها الاقتصادي عبر خطة لإصدار أوراق نقدية جديدة من الليرة السورية، بالتوازي مع حذف صفرين من العملة المحلية، في محاولة لإعادة ضبط النظام النقدي، وتسهيل عمليات التداول اليومية، وضبط سعر الصرف، وإعادة الثقة بالعملة الوطنية التي فقدت أكثر من 99% من قيمتها منذ اندلاع الحرب في عام 2011.
وبحسب وثيقة اطلعت عليها رويترز، أبلغ مصرف سوريا المركزي البنوك الخاصة، في منتصف أغسطس/ آب، بأنه يعتزم إصدار عملة جديدة مع "حذف أصفار"، في محاولة لتسهيل المعاملات، وتحسين الاستقرار النقدي.
تحدثت "رويترز" مع 5 مصادر في بنوك تجارية ومصدر في المصرف المركزي ومسؤول اقتصادي سوري، وقالوا إن المصرف المركزي أبلغهم، لاحقاً، بأنه سيتم حذف صفرين. وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأن الأمر يتعلق بقرار لم يُعلن بعد.
هذه الخطوة تأتي في سياق سياسي جديد بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول، وفي ظل تحديات اقتصادية عميقة أبرزها الانهيار الحاد في القوة الشرائية وصعوبة المعاملات النقدية اليومية.
طباعة أوراق نقدية جديدة من الليرة السورية
تستعد سوريا لإصدار أوراق نقدية جديدة من الليرة، وتدرس في الوقت نفسه حذف صفرين منها، في مسعى لتحسين التداول وضبط سعر الصرف وإعادة الثقة بالعملة المحلية.
قال مديران في بنكين تجاريين لرويترز إن المصرف المركزي وجه البنوك للتأهب لإصدار الأوراق الجديدة بحلول منتصف أكتوبر/ تشرين الأول.
وطلب تعميم المصرف المركزي، والذي اطلعت عليه رويترز، من البنوك إعداد تقارير مفصلة عن التجهيزات المتوفرة لديها، بما في ذلك عدد الكاميرات وماكينات عد النقود وسعة التخزين وإجراء اختبارات لضمان قدرة الأنظمة الآلية على التعامل مع الأوراق الجديدة.
وفقًا لما كشفته مصادر مطلعة ووثائق اطلعت عليها وكالة رويترز، فإن سوريا أبرمت اتفاقًا مع شركة "جوزناك" الروسية الحكومية المتخصصة في طباعة النقود، من أجل إصدار الأوراق النقدية الجديدة.
وبحسب مديري بنكين تجاريين، فقد وجّه مصرف سوريا المركزي البنوك المحلية بضرورة الاستعداد لإصدار الأوراق الجديدة بحلول منتصف أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وقد ورد في تعميم رسمي أصدره المصرف المركزي واطلعت عليه رويترز، مطالبة البنوك السورية بإعداد تقارير شاملة عن الإمكانيات المتوفرة لديها، بما في ذلك:
-
عدد الكاميرات الأمنية داخل الفروع.
-
ماكينات عد النقود ومدى جاهزيتها للتعامل مع الأوراق الجديدة.
-
سعة التخزين الآمنة المتاحة.
-
إجراء اختبارات تقنية للتأكد من قدرة الأنظمة الآلية على معالجة الفئات النقدية المعدلة.
أفاد خمسة مسؤولين في بنوك تجارية أن المصرف المركزي السوري أبلغهم بأن فترة انتقالية مدتها 12 شهرًا ستُعتمد بعد طرح العملة الجديدة، بحيث يُسمح بتداول الأوراق النقدية القديمة والجديدة معًا حتى 8 ديسمبر/ كانون الأول 2026.
كما كشف المسؤولون أن السلطات تخطط لإطلاق حملة إعلامية واسعة النطاق خلال الأسابيع المقبلة، قبل الطرح الرسمي للأوراق النقدية الجديدة في الذكرى السنوية الأولى لسقوط حكم بشار الأسد.
اقرأ أيضاً : عقب نية مصرف سوريا المركزي تطبيق نظام التعويم المدار لليرة السورية .. ماهو ؟
حذف الاصفار من الليرة السورية
توضح الخطط أن سوريا ستعتمد إعادة تقييم للعملة المحلية عبر حذف صفرين بمعنى أن:
-
الورقة النقدية الحالية من فئة 5000 ليرة ستُصبح قيمتها الاسمية 50 ليرة جديدة.
-
الورقة من فئة 1000 ليرة ستُصبح 10 ليرات جديدة.
مع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن هذه الخطوة لا تعني ارتفاعًا في قيمة العملة الشرائية أو تحسنًا مباشرًا في سعر الصرف، إذ إن الحذف يقتصر على تغيير الشكل والقيمة الاسمية فقط، بينما تبقى القوة الشرائية الحقيقية كما هي دون تغيير.
منذ اندلاع الحرب في عام 2011، تكبدت الليرة السورية خسائر تفوق 99% من قيمتها، إذ كان سعر الصرف قبل الحرب يقارب 50 ليرة للدولار الواحد، بينما وصل حاليًا إلى حدود 10 آلاف ليرة للدولار.
هذا الانهيار الحاد جعل المعاملات اليومية شديدة التعقيد، حيث تحتاج الأسر السورية لحمل أكياس بلاستيكية سوداء تحتوي على مئات الأوراق النقدية من فئة 5000 ليرة – وهي أعلى فئة متداولة حاليًا – لشراء احتياجاتها الأسبوعية من المواد الغذائية الأساسية.
فوائد حذف الأصفار من الليرة السورية
يرى خبراء الاقتصاد أن حذف صفرين من الليرة السورية قد يحقق مجموعة من الفوائد المحتملة، أبرزها:
-
تبسيط العمليات الحسابية اليومية.
-
تسهيل تسعير السلع والخدمات وتقليل الأخطاء الحسابية.
-
تيسير العمليات المصرفية والفواتير والمحاسبة.
-
تحسين المظهر النفسي للعملة بما يعزز الثقة العامة.
-
تسهيل حمل النقود وتخزينها، خاصة مع وجود فئات عالية.
-
إعادة ضبط النظام النقدي وإعطاء انطباع بإصلاح مالي شامل.
الخطوة تأتي في إطار محاولات لتعزيز مكانة الليرة السورية بعد انهيار قيمتها الشرائية إلى مستويات غير مسبوقة عقب صراع استمر أكثر من 14 عامًا، وانتهى بخروج بشار الأسد من الحكم.
وقد أوضح مصدر في المصرف المركزي أن الهدف من الإصلاحات هو إعادة هيكلة النظام النقدي ووقف الاعتماد المفرط على العملات الأجنبية داخل السوق المحلي.
قرار حذف الأصفار من الليرة السورية
بحسب وثيقة رسمية اطّلعت عليها رويترز، فإن مصرف سوريا المركزي أبلغ البنوك الخاصة في منتصف أغسطس/ آب أنه يخطط لإصدار عملة جديدة تتضمن "حذف أصفار" من النظام النقدي.
ووفقًا لخمسة مصادر في البنوك التجارية ومصدر اقتصادي سوري، فقد تم إبلاغهم رسميًا أن الخطة المعتمدة هي حذف صفرين.
وقد ترأس مخلص الناظر، نائب محافظ المصرف المركزي، اجتماعات متكررة مع ممثلي البنوك التجارية لمناقشة تفاصيل الإصلاح النقدي. لكن الناظر رفض التعليق على الأمر عندما تواصلت معه رويترز.
اقرأ أيضاً : سوريا تطلق أكبر مشروع إصلاح اقتصادي في تاريخها الحديث
كما امتنعت أمل المصري، مديرة مفوضية الحكومة لدى المصارف في المصرف المركزي، عن الإدلاء بأي تفاصيل مؤكدة أن الموضوع "سري للغاية". أما وزارة المالية السورية فلم ترد على طلبات التعليق.
ولم يُعرف بعد ما إذا كانت هذه الخطوة ستحتاج إلى موافقة تشريعية من المجلس التشريعي الجديد، المقرر انتخابه في سبتمبر/ أيلول المقبل.
التحول السياسي بعد سقوط الأسد
في عهد الرئيس السابق بشار الأسد، كان استخدام العملات الأجنبية ممنوعًا داخل السوق المحلي. لكن القادة الجدد في سوريا أعلنوا التزامهم بإنشاء اقتصاد حر ورفع القيود المفروضة على حركة النقد الأجنبي، بما يسمح بتسهيل التدفقات النقدية.
ومع ذلك، تحول الاقتصاد السوري بسرعة إلى الاعتماد على الدولار، إذ باتت أسعار الصرف بالدولار تُعرض في المتاجر ومحطات الوقود، مما يثير مخاوف من أزمة سيولة بالليرة السورية خاصة مع محدودية البنية التحتية للمدفوعات الرقمية.
دوافع إضافية وراء الإصلاح النقدي
أوضح ثلاثة مصرفيين سوريين أن أحد أهم الأسباب الكامنة وراء خطة إصدار العملة الجديدة وحذف الأصفار هو القلق من حجم النقد المتداول خارج النظام المصرفي، والذي يُقدر بنحو 40 تريليون ليرة سورية.
إصدار أوراق نقدية جديدة سيتيح للحكومة فرصة تعزيز الرقابة على السيولة وتقليل التداول النقدي غير الرسمي.
أبعاد رمزية وسياسية
يحمل القرار أبعادًا رمزية بالغة الأهمية، إذ يمثل – بحسب مراقبين – نهاية فعلية لعهد عائلة الأسد الذي استمر أكثر من خمسة عقود.
فالعملة السورية الحالية ما زالت تحمل صور بشار الأسد على الورقة الأرجوانية من فئة 2000 ليرة، وصورة والده حافظ الأسد على الورقة الخضراء من فئة 1000 ليرة.
ويؤكد كرم شعار، الخبير الاقتصادي السوري والمستشار لدى الأمم المتحدة، أن تغيير الأوراق النقدية التي تحمل صور آل الأسد يُعد تحولًا سياسيًا ضروريًا يتماشى مع المرحلة الجديدة التي تمر بها البلاد.
تحذيرات من إرباك المستهلكين
مع ذلك، حذر خبراء من أن إعادة تقييم العملة قد تربك المستهلكين، خصوصًا كبار السن، في ظل غياب خطة تنظيمية واضحة لتطبيق الإصلاح على مستوى البلاد بشكل كامل، بالنظر إلى تباين السيطرة الحكومية على بعض المناطق.
ويرى كرم شعار أن خيار إصدار فئات نقدية أعلى – مثل 20 ألف ليرة أو 50 ألف ليرة – ربما كان أقل تكلفة وأكثر عملية من الناحية التقنية، إذ إن تكلفة إعادة إصلاح العملة بالكامل قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، في وقت يعاني فيه الاقتصاد السوري من ضائقة مالية خانقة.
وتسبب الانخفاض الحاد في قيمة العملة في زيادة صعوبة المعاملات اليومية والتحويلات المالية.
وعادة ما تحمل الأسر وهي تشتري طلباتها الأسبوعية من البقالة أكياساً بلاستيكية سوداء تحتوي على نصف كيلوجرام على الأقل من الأوراق النقدية من فئة 5 آلاف ليرة، وهي أعلى فئة حالياً.
خاتمة
خطوة حذف صفرين من الليرة السورية وإصدار أوراق نقدية جديدة تمثل محاولة شجاعة لإصلاح النظام النقدي وإعادة الثقة بالعملة المحلية، لكنها لا تزال محاطة بمخاطر كبيرة تتعلق بالقدرة على التنفيذ، والاستقرار الاقتصادي، والتكلفة المالية العالية.
وفي الوقت الذي يراها البعض إصلاحًا ضروريًا لإعادة هيكلة السوق وضبط السيولة النقدية، يراها آخرون مجرد إجراء رمزي لن يكون كافيًا وحده لإنقاذ الليرة من أزماتها العميقة ما لم يترافق مع إصلاحات اقتصادية شاملة.