- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار العملات والعملات الرقمية
- الدولار الأمريكي يتراجع لأدنى مستوياته منذ أواخر يوليو وسط ضغوط متزايدة وتوقعات قوية بخفض الفائدة
الدولار الأمريكي يتراجع لأدنى مستوياته منذ أواخر يوليو وسط ضغوط متزايدة وتوقعات قوية بخفض الفائدة

شهد الدولار الأمريكي تراجعاً ملحوظاً يوم الخميس، حيث انخفض مؤشر العملة إلى أدنى مستوياته منذ أواخر يوليو الماضي، في ظل أسبوع اتسم بتقلبات حادة في الأسواق العالمية.
هذا التراجع جاء نتيجة سلسلة من التطورات الاقتصادية والسياسية، أبرزها ضعف بيانات سوق العمل الأمريكية، وتصريحات مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي التي عززت التوقعات بخفض أسعار الفائدة قريباً، إضافة إلى قرار قضائي يتعلق بالرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
أداء مؤشر الدولار الأمريكي اليوم
أظهرت بيانات حكومية صدرت يوم الأربعاء أن عدد الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة تراجع في يوليو 2025 إلى أدنى مستوى له في عشرة أشهر، وهو ما يعكس فتوراً في الطلب على العمالة.
وعلى الرغم من أن معدلات التسريح بقيت منخفضة نسبياً، فإن هذا المؤشر أثار قلق المستثمرين بشأن قوة سوق العمل، الذي يعد ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي الأمريكي.
هذا التراجع في الوظائف الشاغرة دفع الأسواق إلى إعادة النظر في مسار السياسة النقدية للفيدرالي، خاصة وأن سوق العمل يمثل أحد أبرز المعايير التي يعتمد عليها البنك المركزي في تحديد اتجاه أسعار الفائدة.
ترقب تقرير الوظائف الشهري
تتركز الأنظار حالياً على تقرير الوظائف غير الزراعية المقرر صدوره يوم الجمعة، والذي يعتبره المستثمرون والمحللون الاقتصاديون مؤشراً حاسماً لتوجهات الفيدرالي في الأجل القريب.
-
في حال جاءت البيانات أضعف من التوقعات: ستزداد الضغوط على الدولار مع ترجيح خفض الفائدة بوتيرة أسرع.
-
أما إذا جاءت البيانات قوية: فقد توفر دعماً مؤقتاً للعملة الأمريكية، وتدفع بعض المستثمرين إلى التراجع عن رهاناتهم بشأن خفض كبير للفائدة.
رهانات الأسواق: خفض الفائدة بات شبه محسوم
بحسب أداة فيد ووتش التابعة لمجموعة CME، تسعّر الأسواق حالياً احتمالية تقارب 97% لخفض الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل، ارتفاعاً من 89% فقط قبل أسبوع. كما تتوقع الأسواق أن يصل إجمالي خفض الفائدة إلى حوالي 139 نقطة أساس بحلول نهاية العام المقبل، وهو ما يعكس تحوّلاً سريعاً في توقعات المستثمرين بشأن السياسة النقدية.
هذا الاتجاه يعزز قناعة الأسواق بأن الفيدرالي سيعتمد نهجاً أكثر مرونة في مواجهة تباطؤ النمو وضعف سوق العمل، بعيداً عن سياسة التشديد النقدي التي اتبعها خلال العامين الماضيين لمواجهة التضخم.
تحركات العملات الرئيسية أمام الدولار
في ظل هذه التطورات، تراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من ست عملات رئيسية، إلى مستوى 98.178 نقطة بعد أن خسر 0.17% في الجلسة السابقة.
-
ارتفع اليورو إلى 1.1657 دولار، مستفيداً من ضعف الدولار.
-
استقرت العملة البريطانية الجنيه عند 1.3442 دولار.
-
أما الين الياباني فقد شهد مكاسب طفيفة ليصل إلى 148.12 ين لكل دولار.
هذا الأداء يعكس إعادة تموضع المستثمرين في أسواق الصرف الأجنبي، حيث يسعى الكثيرون إلى تقليص تعرضهم للدولار تحسباً لمرحلة جديدة من خفض الفائدة الأمريكية.
تصريحات مسؤولي الفيدرالي: إشارات واضحة على التحول
أكد عدد من مسؤولي الفيدرالي يوم الأربعاء أن ضعف سوق العمل يعزز موقفهم الداعي إلى خفض الفائدة بشكل تدريجي. وقد شددوا على أن التحدي الأكبر في المرحلة الحالية يتمثل في دعم الاقتصاد والحفاظ على استقرار التوظيف، في ظل غياب ضغوط تضخمية قوية.
وفي هذا السياق، صرّح جيمس نايتلي، كبير الاقتصاديين الدوليين لدى بنك "آي إن جي"، بأن الفيدرالي قد يلجأ إلى خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعات سبتمبر وأكتوبر وديسمبر على التوالي، إذا استمرت المؤشرات الاقتصادية في إظهار ضعف سوق العمل دون ضغوط تضخمية.
أما ماري دالي، عضو الفيدرالي الأمريكي، فقد أدلت بتصريحات أثرت بقوة على الأسواق، حين أكدت أن الوقت يقترب لإعادة معايرة السياسة النقدية بما يتناسب مع واقع الاقتصاد الأمريكي.
وقد فُسرت هذه التصريحات على أنها إشارة مباشرة إلى نية الفيدرالي خفض الفائدة قريباً، الأمر الذي دفع الأسواق لتسعير خفض محتمل بنسبة تقارب 90% في سبتمبر المقبل.
القرار القضائي بشأن رسوم ترامب: عامل سياسي يزيد الضبابية
إلى جانب العوامل الاقتصادية، ساهمت التطورات السياسية أيضاً في إضعاف الدولار. فقد أصدرت محكمة الاستئناف الفيدرالية في واشنطن قراراً بإلغاء غالبية الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب، معتبرة أن "قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية" لعام 1977 لا يمنحه السلطة الكاملة لفرض تلك الرسوم.
هذا القرار ألقى بظلال من عدم اليقين على المشهد الاقتصادي الأمريكي، حيث يرى المحللون أنه قد يفتح الباب أمام مزيد من الطعون القانونية في السياسات التجارية الأمريكية، ما يزيد من حالة الغموض التي تؤثر سلباً على ثقة المستثمرين وتضعف أداء الدولار في الأسواق العالمية.
تقلبات أسواق السندات العالمية
لم تقتصر الضغوط على سوق العملات، بل امتدت أيضاً إلى أسواق السندات العالمية. فقد شهدت العوائد طويلة الأجل ارتفاعات قوية في وقت سابق من الأسبوع، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عدة أسابيع، وسط مخاوف بشأن الأوضاع المالية في اقتصادات كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان.
غير أن البيانات الضعيفة وتصريحات الفيدرالي دفعت المستثمرين إلى شراء السندات باعتبارها ملاذاً آمناً، ما ساعد على تراجع العوائد مجدداً. وتترقب الأسواق عن كثب مزاد السندات اليابانية لأجل 30 عاماً، الذي يمثل اختباراً حقيقياً لشهية المستثمرين تجاه أدوات الدين طويلة الأجل.
ويقول خبراء اقتصاديون إن استمرار ارتفاع العوائد العالمية يعكس ضعف الأوضاع المالية في الاقتصادات الكبرى، خصوصاً بعد أن تجاوزت نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي حاجز 100% في العديد منها، في وقت تعرقل فيه الضغوط الاجتماعية والسياسية أي محاولات جادة لخفض الإنفاق أو زيادة الإيرادات.
مستقبل الدولار: رهينة البيانات والتصريحات
في ضوء هذه التطورات، بات من الواضح أن مستقبل الدولار الأمريكي مرتبط بشكل وثيق بالبيانات الاقتصادية المقبلة، وعلى رأسها بيانات سوق العمل، إضافة إلى تصريحات مسؤولي الفيدرالي خلال الفترة التي تسبق اجتماع سبتمبر.
-
أي إشارات جديدة من البنك المركزي ستزيد من حساسية الأسواق.
-
أي مفاجآت في البيانات قد تؤدي إلى تقلبات حادة في مؤشر الدولار، سواء صعوداً أو هبوطاً.
الخلاصة: الدولار في مرحلة دقيقة
يمكن القول إن الدولار الأمريكي يمر بمرحلة دقيقة تتداخل فيها العوامل الاقتصادية والسياسية بشكل غير مسبوق ضعف سوق العمل، تصريحات الفيدرالي المائلة إلى التيسير، القرار القضائي بشأن الرسوم الجمركية، وتقلبات أسواق السندات، كلها عناصر شكلت ضغوطاً متزامنة على العملة الأمريكية.
ومع اقتراب اجتماع سبتمبر للفيدرالي، تتجه أنظار الأسواق إلى كل تفصيل جديد في البيانات والتصريحات الرسمية. وبينما يراهن معظم المستثمرين على خفض مؤكد للفائدة، يبقى الدولار في مهب تقلبات عنيفة، مرهوناً بمستجدات المشهد الاقتصادي العالمي والداخلي على حد سواء.