الدولار يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية مدعومًا باتفاق تجاري أمريكي بريطاني وآمال انفراجة مع الصين

اتجه الدولار الأمريكي نحو تحقيق مكاسب أسبوعية مقابل معظم العملات الرئيسية، في ختام تداولات الأسبوع، وسط تصاعد التفاؤل حيال التطورات التجارية الدولية. وجاء هذا الزخم الإيجابي مدفوعًا بتوقيع اتفاق تجاري محدود بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إضافة إلى ترقب الأسواق لمحادثات مرتقبة بين واشنطن وبكين.

ويأتي ذلك في وقت تراجعت فيه توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية بعد لهجة متحفظة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وفي المقابل، شهدت العملات الرئيسية والآسيوية تراجعات متفاوتة، بينما صعدت العملات الرقمية بقوة، مدفوعة بتحسن شهية المخاطرة عالمياً.

أداء مؤشر الدولار الأمريكي اليوم

تلقت العملة الأمريكية دفعة قوية بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التوصل إلى اتفاقية تجارية مع المملكة المتحدة ورغم أن الاتفاق وُصف بأنه محدود من حيث الأثر الاقتصادي المباشر، إلا أنه أنعش آمال المستثمرين في إمكانية التوصل إلى اتفاقيات تجارية إضافية مع قوى اقتصادية كبرى، وفي مقدمتها الصين وسجل 100.21 عند الساعة 10:45 بتوقيت تركيا.

ويُشار إلى أن الاتفاق الجديد يتضمن "الشروط العامة" لتوسيع نطاق الوصول إلى المنتجات الزراعية بشكل متواضع، فضلاً عن خفض الرسوم الجمركية على صادرات السيارات البريطانية، إلا أن الرسوم الأساسية البالغة 10% ظلت قائمة.

ورغم أن الأثر الاقتصادي الفعلي لهذه الاتفاقية يبدو محدوداً، إلا أن الأسواق قرأت فيها إشارة إيجابية من حيث النية الأمريكية لخفض التصعيد التجاري مع الشركاء الدوليين، وهو ما انعكس بشكل مباشر على ارتفاع الدولار.

تراجع توقعات خفض الفائدة الأمريكية يدعم صعود العملة

ساهمت التصريحات الأخيرة الصادرة عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في دعم العملة الأمريكية، حيث أشار المجلس إلى أنه لا يرى حاجة ملحة لخفض أسعار الفائدة في المدى القريب. واعتبر المتعاملون أن هذه النبرة الحذرة تعني أن الفيدرالي قد يتريث في اتخاذ قرارات تيسيرية إضافية، ما زاد من جاذبية الدولار في الأسواق المالية العالمية.

وقد علّق "ستيف إنجلاندر"، رئيس أبحاث العملات العالمية لمجموعة العشر في "ستاندرد تشارترد"، قائلاً: "قد يعكس رد فعل السوق بشراء الدولار تفاؤلاً أكبر بإمكانية إبرام اتفاقيات تجارية مستقبلية تتعلق بالرسوم الجمركية، كما أن تلويح ترامب بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع الصين يحد من مخاوف الأسواق من استمرار التوترات التجارية".

ترقب واسع لمحادثات أمريكية صينية في سويسرا

تتوجه أنظار المستثمرين نحو المحادثات التجارية المرتقبة بين الولايات المتحدة والصين، المقرر عقدها يوم السبت في جنيف، وفقاً لوكالة "رويترز". وقد أبدى ترامب تفاؤلاً بإمكانية التوصل إلى تفاهمات جديدة مع بكين، ملمّحاً إلى احتمال خفض التعريفات الجمركية على الواردات الصينية، والتي تبلغ حالياً 145%.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة نيويورك بوست عن مصادر لم تسمّها أن الإدارة الأمريكية تدرس خفض تلك الرسوم إلى أكثر من النصف، فيما نفى البيت الأبيض تلك الأنباء لاحقاً.

من جهتها، أكدت نائبة وزير الخارجية الصيني، "تشونينغ هوا"، أن الرسوم الجمركية الأمريكية غير مستدامة على المدى الطويل، وأن بكين مستعدة لجميع السيناريوهات المحتملة في المفاوضات القادمة.

اليورو والين والإسترليني تحت الضغط

سجل اليورو تراجعاً بنسبة 0.6% خلال الأسبوع، ليستقر عند مستوى 1.1217 مقابل الدولار الأمريكي، متأثراً بقوة العملة الأمريكية وغياب محفزات جديدة من منطقة اليورو.

أما الين الياباني، فقد انخفض بنحو 0.7% خلال الأسبوع، ولامس أدنى مستوى له في شهر عند 146.18 للدولار، قبل أن يتعافى قليلاً ويستقر حول 145.78. وجاء هذا التراجع وسط بيانات يابانية أضعف من المتوقع بشأن نمو الأجور، ما أثار الشكوك بشأن رواية بنك اليابان حول ارتفاع التضخم.

من جانبه، شهد الجنيه الإسترليني حالة من التقلبات، إذ ارتفع في البداية عقب إعلان الاتفاق التجاري مع واشنطن، لكنه سرعان ما فقد زخمه، ليتراجع إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع عند 1.3220 للدولار، بعد أن تبين أن الاتفاق محدود للغاية من حيث الأثر الفعلي.

أداء العملات الآسيوية

تراجعت معظم العملات الآسيوية في تعاملات الجمعة، متأثرة بصعود الدولار واستمرار المخاوف الجيوسياسية. وسجل اليوان الصيني أداءً مستقرًا رغم صدور بيانات تجارية أقوى من المتوقع لشهر أبريل، حيث أظهرت الأرقام أن صادرات الصين استمرت بالنمو رغم الحرب التجارية مع واشنطن، في حين كانت وارداتها أقل تراجعًا من التقديرات، ما ساهم في تحسين الميزان التجاري نسبياً.

انخفض زوج الين الياباني USDJPY بنسبة 0.1% إلى 145.29، لكنه ظل بالقرب من أعلى مستوى في شهر بعد بيانات دخل الأجور الإجمالية الأضعف من المتوقع، والتي تعارضت مع رواية بنك اليابان عن ارتفاع الأجور والتضخم اللزج.

وظل زوج الدولار الأسترالي AUDUSD مستقراً عند 0.6407، بينما انخفض زوج الوون الكوري الجنوبي USDKRW بنسبة 0.1% الى 1,400.

وظل زوج الدولار السنغافوري USDSGD مستقراً عند 1.2987، بينما انخفض زوج الدولار التايواني USDTWD بنسبة 0.3% الى 30.089بعد تسجيل تقلبات حادة خلال الأسبوع الماضي.

تصاعد التوترات بين الهند وباكستان يضغط على الروبية

تراجعت الروبية الهندية وسط تصاعد التوتر العسكري بين الهند وباكستان، حيث أبقت المخاوف بشأن تدهور العلاقات بين الجارتين المسلحتين نووياً على مستويات المخاطرة منخفضة. وارتفع زوج USDINR بنسبة 0.2%، بعد أن تجاوز مستوى 86 روبية، ليصبح من بين أسوأ العملات أداءً خلال اليوم.

العملات الرقمية تواصل الصعود بقيادة بيتكوين وإيثريوم

في الأسواق الرقمية، شهدت العملات المشفرة أداءً قوياً خلال الساعات الأخيرة، مدفوعة بتوقعات تخفيف التوترات التجارية العالمية، وتحسن شهية المستثمرين نحو الأصول البديلة.

• قفزت بيتكوين لتتجاوز حاجز الـ100,000 دولار لأول مرة منذ فبراير، ويتم تداولها حالياً عند 103,770 دولار عند الساعة 10:37 بتوقيت تركيا، بارتفاع قدره 4.50% خلال 24 ساعة.

• سجلت إيثريوم أداءً أكثر إثارة، حيث ارتفعت بنسبة 20.25% لتصل إلى 2,203 دولارات، ثم قفزت لاحقاً بنسبة إضافية 7.65% إلى 2,250.83 دولار.

• في المقابل، تراجعت ريبل بشكل طفيف بنسبة 0.1%، لتسجل حوالي 2.3078 دولار.

كما ارتفعت القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية إلى 3.22 تريليون دولار، بزيادة نسبتها 3.66% خلال 24 ساعة، ما يعكس تعافيًا عامًا في هذا السوق.

خلاصة :

يبدو أن الدولار الأمريكي يستفيد حالياً من تحولات في السياسة التجارية الأمريكية، وتباطؤ التوجه نحو التيسير النقدي من قبل الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب ضعف في العملات المنافسة.

ورغم أن بعض المحللين يشككون في مدى استدامة هذه المكاسب ما لم تُترجم الاتفاقات التجارية إلى نتائج فعلية، فإن الأسواق تبقي أعينها على نتائج محادثات نهاية الأسبوع بين الولايات المتحدة والصين، والتي قد تشكل نقطة تحوّل في مشهد التجارة العالمية وأسواق العملات.