اليورو يواصل خسائره مقابل الدولار مع ترقب اجتماع المركزي الأوروبي وبيانات التضخم الأمريكية
شهدت أسواق العملات الأوروبية يوم الأربعاء تراجعاً ملحوظاً لليورو أمام سلة من العملات الرئيسية، ليمدد خسائره للجلسة الثانية على التوالي أمام الدولار الأمريكي.
جاء هذا التراجع بعد ابتعاد العملة الأوروبية عن أعلى مستوياتها في سبعة أسابيع، وذلك بفعل استمرار عمليات جني الأرباح والتصحيح الفني، إلى جانب تحسن مستويات الدولار إثر انحسار المخاوف المتعلقة باستقرار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
أداء سعر صرف اليورو اليوم
تتجه الأنظار العالمية إلى فعاليات اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي، المقرر عقده اليوم وغداً، وسط توقعات واسعة النطاق بالإبقاء على أسعار الفائدة الأوروبية دون تغيير يُذكر للاجتماع الثاني على التوالي. ويُرجح أن يظل معدل الفائدة عند نطاق 2.15%، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر 2022.
كما تترقب الأسواق تصريحات المركزي الأوروبي بحثاً عن أي مؤشرات جديدة تتعلق باحتمالية استئناف دورة تخفيف السياسة النقدية خلال الفترة المتبقية من عام 2025، في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه منطقة اليورو.
أداء اليورو في سوق الصرف
-
انخفض اليورو أمام الدولار بنسبة تقارب 0.2% إلى مستوى 1.1689 دولار، مقارنة بسعر الافتتاح عند 1.1708 دولار، فيما سجل أعلى مستوى خلال الجلسة عند 1.1710 دولار.
-
أنهى اليورو تعاملات الثلاثاء متراجعاً بنسبة 0.5%، في أول خسارة خلال ثلاثة أيام، بعد أن بلغ في وقت سابق أعلى مستوياته في سبعة أسابيع عند 1.1780 دولار.
أداء الدولار الأمريكي اليوم
على الجانب الآخر، شهد الدولار الأمريكي ارتفاعاً طفيفاً يوم الأربعاء، مستقراً بعد الخسائر الأخيرة التي تكبدها، قبيل صدور بيانات التضخم الأمريكية التي من شأنها أن تحدد ملامح السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي.
-
عند الساعة 11:45 صباحاً بتوقيت السعودية، ارتفع مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية – بنسبة 0.1% إلى مستوى 97.820، بعد ارتفاع سابق بنسبة 0.3% يوم الثلاثاء.
-
رغم هذا التعافي، يبقى المؤشر منخفضاً بنحو 10% منذ بداية عام 2025، متأثراً بالسياسات التجارية الأمريكية المتقلبة وتوقعات خفض أسعار الفائدة، ما قلل من جاذبية الدولار عالمياً.
العوامل الجيوسياسية والاقتصادية المؤثرة
انتعش الدولار بعض الشيء هذا الأسبوع بعد التراجع الحاد الذي سجله بنهاية الأسبوع الماضي، مدعوماً بعودة التوترات الجيوسياسية إلى الواجهة، خصوصاً بعدما أعلنت بولندا استنفار دفاعاتها الجوية بالتعاون مع قوات الناتو لإسقاط طائرات مسيّرة روسية عقب هجوم استهدف غرب أوكرانيا.
إلا أن العملة الأمريكية لا تزال تحت ضغط عقب صدور تقرير سلبي عن الوظائف غير الزراعية، إضافة إلى اعتراف مكتب إحصاءات العمل الأمريكي بمبالغته في تقدير التوظيف بنحو 911 ألف وظيفة خلال الاثني عشر شهراً حتى مارس 2025.
هذا الخطأ عزز من التوقعات شبه المؤكدة بخفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل، فيما تبقى بيانات التضخم المرتقبة هذا الأسبوع حاسمة لتحديد حجم الخفض والمسار المستقبلي للسياسة النقدية.
توقعات خفض الفائدة الأمريكية
-
يتوقع المستثمرون خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع الفيدرالي المقبل، مع احتمالية ضعيفة (5%) لخفض أكبر يصل إلى 50 نقطة أساس.
-
أشار محللو بنك ING في مذكرة بحثية إلى أن احتمالية خفض الفائدة بمقدار يتراوح بين 125 و150 نقطة أساس خلال الأشهر التسعة المقبلة قد تخلق بيئة داعمة للأسواق المالية، لكنها ستكون سلبية على المدى الطويل بالنسبة لقوة الدولار.
في هذا السياق، من المنتظر صدور بيانات أسعار المنتجين لشهر أغسطس في وقت لاحق اليوم الأربعاء، تليها بيانات أسعار المستهلكين يوم الخميس، والتي ستشكل العامل الأهم في تحديد اتجاهات السياسة النقدية المقبلة.
تطورات السياسة الأمريكية والأوروبية
على صعيد السياسة الأمريكية، تراجعت المخاوف بشأن استقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بعد أن تم منع الرئيس السابق دونالد ترامب من إقالة عضو مجلس المحافظين "ليزا كوك"، رغم استمرار الدعوى القضائية.
أما في أوروبا، فيتصدر المشهد السياسي الفرنسي واجهة الأحداث مع اختيار الرئيس إيمانويل ماكرون لـ"سيباستيان ليكورنو" لتولي رئاسة الحكومة.
هذه الخطوة تعكس إصرار ماكرون على المضي قدماً في إدارة حكومة أقلية دون التفريط في أجندته الإصلاحية المؤيدة للأعمال، رغم ما سببه ذلك من حالة عدم استقرار سياسي خلال معظم العام الجاري.
وقد دعا مكتب ماكرون "ليكورنو" إلى بدء محادثات مع جميع القوى السياسية في البرلمان للتوصل إلى تسويات بشأن القضايا الجوهرية مثل الميزانية والسياسات الاقتصادية، قبل الإعلان الرسمي عن تشكيل الحكومة الجديدة.
في ضوء هذه التطورات، ظل فارق عائد السندات الحكومية الفرنسية لأجل 10 سنوات مستقراً فوق 80 نقطة أساس، لتتساوى تكاليف الاقتراض الفرنسي مع الإيطالي، وهو وضع غير معتاد في أسواق السندات الأوروبية.
تحركات العملات الأخرى
-
الجنيه الإسترليني/دولار استقر عند 1.3524 دون تغير يُذكر، وسط توقعات بأن اجتماع بنك إنجلترا الأسبوع المقبل سيبقي على دعم العملة البريطانية ما لم تصدر بيانات اقتصادية مفاجئة على الجانب السلبي.
-
الدولار/الين الياباني ارتفع بنسبة 0.1% إلى 147.48، مستقراً بعد تقلبات حادة أعقبت الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا.
-
الدولار/يوان تراجع بنسبة 0.1% إلى 7.1217، بعد سلسلة تدخلات قوية عززت اليوان لأعلى مستوى في 10 أشهر تقريباً.
بيانات التضخم الصينية واليوان
أظهرت بيانات رسمية أن التضخم في الصين لا يزال في حالة انكماش واضحة:
-
مؤشر أسعار المستهلكين انكمش بنسبة 0.4% في أغسطس، وهو أكبر من المتوقع، ما يعكس ضعف الطلب المحلي وتراجع الإنفاق الخاص رغم الدعم الحكومي.
-
مؤشر أسعار المنتجين انكمش بنسبة 2.8% للشهر الـ 35 على التوالي، مؤكداً استمرار الضغوط الانكماشية على ثاني أكبر اقتصاد في العالم وسط تنامي التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
الدولار الأسترالي والسلع الأساسية
ارتفع زوج الدولار الأسترالي/الأمريكي بنسبة 0.2% إلى 0.6602، مدعوماً بانتعاش أسعار السلع الأساسية. فقد شهدت أسعار النفط ارتفاعاً على خلفية تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، فيما ارتفعت أسعار النحاس بعد إغلاق أحد أكبر المناجم في إندونيسيا، الأمر الذي أثار مخاوف من نقص الإمدادات العالمية.