شهدت أسعار الذهب تراجعًا ملحوظًا مع بداية تعاملات الأسبوع، في ظل تطورات السياسة الأمريكية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي يأتي ذلك نتيجة المخاوف من تأثير السياسات التجارية للرئيس الأمريكي المنتخب "دونالد ترامب" وتوجهاته الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي وتوقعات بتباطؤ في قرارات الاحتياطي الفيدرالي لتيسير السياسة النقدية.
وترقب المستثمرين لبيانات اقتصادية وتصريحات من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) هذا الأسبوع تلمسا لمزيد من الوضوح بخصوص الاتجاه المستقبلي لأسعار الفائدة.
أثر الانتخابات الأمريكية على أسعار الذهب
منذ فوز "دونالد ترامب" في الانتخابات الرئاسية، شهدت الأسواق المالية تحركات كبيرة، منها ارتفاع الدولار على خلفية سياساته الاقتصادية المتوقعة يُعتقد أن سياسات ترامب ستؤدي إلى تعزيز الاقتصاد المحلي، مما ساهم في رفع قيمة الدولار وتقليل جاذبية الذهب كملاذ آمن.
السياسات الأمريكية الجديدة التي يتوقع أن ترفع التعريفات الجمركية، خاصة مع الصين، ساهمت في تصاعد التوترات التجارية وقد أدى ذلك إلى مخاوف المستثمرين من احتمالات رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، ما يزيد من الضغوط على الذهب.
أداء الذهب خلال الأسبوع الماضي
سجلت أسعار الذهب خلال الأسبوع الماضي أكبر خسارة أسبوعية منذ أكثر من خمسة أشهر يأتي ذلك مع توقعات بأن ارتفاع التعريفات الجمركية سيؤدي إلى بقاء أسعار الفائدة مرتفعة، مما يضعف جاذبية الذهب كأداة استثمارية.
هذه السياسات الأمريكية المتوقعة تسببت في تصاعد مخاوف المستثمرين تجاه ارتفاع التضخم في أكبر اقتصادات العالم مجدداً، ومن ثم إبطاء أو حتى توقف الاحتياطي الفيدرالي عن تيسير سياسته النقدية وخفض أسعار الفائدة.
مع ارتفاع أسعار الفائدة، تزداد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، والذي لا يُدر أي عائد استثماري بحد ذاته، بل يُعتبر وسيلة للتحوط والحفاظ على الثروة. هذا الأمر أدى إلى زيادة الضغوط على المستثمرين، حيث أصبح الاحتفاظ بالذهب أقل جاذبية مقارنة بالاستثمارات الأخرى ذات العوائد الثابتة.
ردود فعل المستثمرين والتوقعات
تصريحات خبراء الأسواق
صرّح "ييب جون رونغ"، محلل الأسواق في "آي جي ماركتس"، أن الذهب كان يُنظر إليه كوسيلة للتحوط ضد المخاطر السياسية التي قد تنشأ من الانتخابات الأمريكية ومع ذلك، فإن استقرار الانتخابات بشكل أسرع مما كان متوقعًا ساهم في تقليل المخاوف، خاصة مع قوة الدولار الأمريكي التي قللت من الطلب على الذهب.
وأضاف ييب، "قد نتوقع أن يكون الاحتياطي الفيدرالي أكثر حذرًا في عملية التيسير المقبلة، مما قد يحد من ارتفاع أسعار الذهب."
بيانات هامة مرتقبة
تترقب الأسواق تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، وخاصة من الرئيس "جيروم باول"، حيث من المتوقع أن توفر هذه التصريحات إشارات حول توجهات أسعار الفائدة المستقبلية كما أن البيانات الاقتصادية المنتظرة مثل مؤشر أسعار المستهلكين، ومبيعات التجزئة ستساهم في توضيح الرؤية حول قوة الاقتصاد الأمريكي وتوجهات التضخم.
تأثير الدولار على الذهب
استقر مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية عند 105.21 نقطة، بعد تحقيق مكاسب بنسبة 0.6% الأسبوع الماضي. وقد ساهم هذا الارتفاع في جعل الذهب أقل جاذبية لحائزي العملات الأخرى، حيث تصبح تكلفة شرائه أعلى بالدولار القوي.
على الرغم من أن الذهب يُعتبر وسيلة تحوط جيدة ضد التضخم، فإن ارتفاع أسعار الفائدة يجعل تكلفة الاحتفاظ به أعلى ولذلك، فإن استمرار سياسات الاحتياطي الفيدرالي الحالية يمكن أن يعزز قوة الدولار ويضعف بالتالي الطلب على الذهب.
اقرأ أيضاً : سعر البيتكوين يصل لمستويات غير مسبوقة مع توقعات بدعم إدارة ترامب القادمة للأصول الرقمية
البيانات الاقتصادية وتأثيرها على الذهب
أظهرت بيانات جامعة "ميشيغان" ارتفاعًا في مؤشر ثقة المستهلكين بنسبة 3.5% في القراءة الأولية لشهر نوفمبر، لتصل إلى 73 نقطة، وهو ما يفوق التوقعات هذا الارتفاع يعكس ثقة المستهلكين في الاقتصاد الأمريكي، مما يزيد من الضغوط على أسعار الذهب، حيث يدعم قوة الدولار ويقلل من جاذبية الذهب.
تشير التوقعات إلى احتمالية بنسبة 65% بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر، في حين تظل هناك احتمالية بنسبة 35% للإبقاء على الأسعار دون تغيير. هذه التوقعات تؤثر بشكل كبير على حركة أسعار الذهب والدولار، حيث يتأثر الذهب بقرارات الفائدة بشكل مباشر.
أداء أسعار الذهب والمعادن الأخرى
انخفضت أسعار العقود الآجلة للذهب خلال تعاملات يوم الجمعة، لتسجل أعمق وتيرة انخفاض أسبوعية منذ نهاية مايو، بضغط من ارتفاع الدولار مع زيادة ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة لأعلى مستوى منذ أبريل.
تراجعت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 0.4%، أي ما يعادل 11 دولارًا، ليصل إلى 2694.80 دولار للأوقية. هذا التراجع يمثل الأسبوع الثاني على التوالي من الخسائر، حيث انخفض الذهب بنسبة 2% خلال الأسبوع.
سعر الذهب والدولار اليوم
في الوقت نفسه، تراجع الذهب الفوري بنسبة 0.51% ليصل إلى 2,669 دولار للأوقية، بينما انخفضت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.69% إلى 2,675.90 دولار. على الجانب الآخر، ارتفعت عقود مؤشر الدولار بنسبة 0.31%، إلى 105.21 نقطة. مما أثر على جاذبية الذهب كملاذ آمن.
أداء المعادن الأخرى
- الفضة: تراجعت الفضة بنسبة 0.4% لتصل إلى 31.16 دولار للأوقية.
- البلاتين: شهد البلاتين ارتفاعًا بنسبة 0.6% ليصل إلى 973.99 دولار.
- البلاديوم: صعد البلاديوم بنسبة 0.9% ليصل إلى 997.41 دولار.
خاتمة : تواجه أسعار الذهب ضغوطًا قوية نتيجة السياسات الأمريكية المتوقعة، وارتفاع الدولار، وتوجهات الفيدرالي. يُعتبر الذهب أداة للتحوط ضد المخاطر والتضخم، ولكن الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة يعزز من جاذبية الدولار ويضعف جاذبية الذهب. ومع ترقب الأسواق للتطورات المقبلة من قبل الاحتياطي الفيدرالي والبيانات الاقتصادية، يبقى مستقبل أسعار الذهب معلقًا بيد هذه القرارات والسياسات المؤثرة.
