الدولار يتجه نحو تكبد خسارة أسبوعية والجنيه الإسترليني يواصل مكاسبه مدعوماً بخفض الفائدة

تعرّض الدولار الأميركي لضغوط قوية يوم الجمعة، متجهاً لتسجيل خسارة أسبوعية، وسط مزيج من التطورات السياسية والاقتصادية التي أثرت على معنويات المستثمرين.

فقد أدى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بترشيح شخصية اقتصادية يُنظر إليها على أنها ميّالة إلى السياسات النقدية التيسيرية لشغل مقعد في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إلى إثارة توقعات بإمكانية إحداث تغيير في توجهات السياسة النقدية الأميركية خلال الفترة المقبلة، وربما استبدال رئيس المجلس جيروم باول بعد انتهاء ولايته.

وفي المقابل، أظهر الجنيه الإسترليني قوة ملحوظة مدعوماً بقرار بنك إنجلترا خفض أسعار الفائدة، رغم الانقسام داخل لجنة السياسة النقدية، فيما تلقى اليورو دعماً من احتمالات انفراج جيوسياسي بين الولايات المتحدة وروسيا.

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الخميس عن ترشيح ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين، لملء مقعد شاغر في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وذلك بعد الاستقالة المفاجئة للحاكمة السابقة أدريانا كوغلر الأسبوع الماضي.

هذا التعيين المؤقت لعضو يُنظر إليه على أنه يميل إلى خفض الفائدة جاء في وقت حساس للغاية، إذ يقترب موعد انتهاء ولاية جيروم باول في مايو المقبل، ما دفع بعض المحللين إلى اعتبار ميران مرشحاً محتملاً لخلافة باول.

وقال جوزيف كابورسو، رئيس قسم الاقتصاد الدولي في بنك الكومنولث الأسترالي:

"نتوقع أن يدعو ميران إلى خفض أسعار الفائدة، لكنه لن يدفع اللجنة الفيدرالية لاتخاذ قرار فعلي ما لم تدعمه البيانات الاقتصادية."

يُذكر أن ترامب كان قد وجه انتقادات متكررة لباول في السنوات الماضية بسبب عدم خفض الفائدة بالوتيرة التي كان يراها مناسبة، وعلى الرغم من أنه تراجع لاحقاً عن تهديده بإقالته، فإنه سرّع عملية البحث عن بديل، ما يفتح الباب أمام احتمالات كبيرة لتغيير قيادة الفيدرالي.

أداء مؤشر الدولار الأمريكي اليوم

شهد مؤشر الدولار الأميركي، الذي يقيس أداء العملة أمام سلة من العملات الرئيسية، انخفاضاً بنسبة تقترب من 0.8% منذ بداية الأسبوع، ليستقر عند 97.94 عند الساعة 11:25 بتوقيت تركيا .

ويعكس هذا التراجع تنامي التوقعات بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة، في ظل مؤشرات على تباطؤ النشاط الاقتصادي، وخاصة في سوق العمل، وهو ما قد يدفع صناع السياسة النقدية إلى اتخاذ خطوات تحفيزية.

وفي المقابل، استقر الين الياباني عند مستوى 147.20 ين لكل دولار، وسط حالة من الحذر في الأسواق الآسيوية، حيث يترقب المستثمرون توجهات بنك اليابان وسياساته القادمة.

توقعات خفض الفائدة الأميركية وأثرها على الأسواق

وفقاً لـ آدم غروتزينغر، مدير محفظة السندات في شركة نيوبيرغر بيرمان، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتنفيذ أربعة تخفيضات متتالية للفائدة بمقدار إجمالي يصل إلى 100 نقطة أساس، تبدأ في وقت لاحق من العام الجاري وتمتد حتى أوائل العام المقبل.

هذه الرؤية تتماشى مع توجهات السوق، حيث يُسعّر المتداولون حالياً احتمالية تبلغ 93% لخفض الفائدة في اجتماع سبتمبر، مع توقع خفضين على الأقل قبل نهاية العام.

على صعيد الأسهم الأميركية، جاءت جلسة الخميس متباينة النتائج:

• مؤشر داو جونز تراجع بنحو 0.5% نتيجة ضغوط على أسهم القطاعات الصناعية والمالية.

• مؤشر إس آند بي 500 أغلق دون تغيير يُذكر، مما يعكس حالة الحذر والترقب.

• مؤشر ناسداك ارتفع بنسبة 0.3% بدعم من أسهم التكنولوجيا.

وقال غروتزينغر:

"لا نستبعد ظهور بيانات اقتصادية أضعف في الربع الثالث من العام، لكننا نتوقع نمواً معقولاً لبقية السنة، وإن كان بوتيرة أبطأ من السنوات السابقة."

أكد رافائيل بوستيك، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، يوم الخميس، أن المخاطر على سوق العمل الأميركي قد ارتفعت مؤخراً، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن القرار بشأن خفض الفائدة في اجتماع 16-17 سبتمبر سيعتمد بشكل أساسي على البيانات الاقتصادية التي ستصدر في الأسابيع المقبلة، وخاصة تقارير التوظيف والتضخم.

أداء الجنيه الاسترليني اليوم

حافظ الجنيه الإسترليني على مكاسبه، ليستقر عند مستوى 1.3439 دولار يوم الجمعة، بعد صعوده الحاد يوم الخميس في أعقاب إعلان بنك إنجلترا عن خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.

اللافت في القرار كان الانقسام الحاد داخل لجنة السياسة النقدية، حيث جاء التصويت بنتيجة 5 مقابل 4، وهو ما يعكس وجود تيار قوي داخل البنك ما زال يفضل التريث في التيسير النقدي، بسبب المخاوف المستمرة من معدلات التضخم المرتفعة.

وبحسب محللي غولدمان ساكس:

"هذه النتيجة تعبر عن واحدة من أكثر عمليات التخفيض تحفظاً مقارنة بما كان يمكن أن يتوقعه السوق."

اليورو يستفيد من التطورات الجيوسياسية

حقق اليورو تقدماً ملحوظاً واقترب من أعلى مستوى له في أسبوعين، بدعم من أنباء عن احتمال إجراء محادثات بين الولايات المتحدة وروسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

فقد أكد يوري أوشاكوف، مستشار الكرملين، يوم الخميس، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقي بالرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال الأيام المقبلة، في أول قمة بينهما منذ يونيو 2021.

ويرى محللو بنك ANZ أن هذه الخطوة تعكس بوضوح كيف يمكن للجغرافيا السياسية أن تكون محركاً رئيسياً لتحركات أسواق الصرف الأجنبي، خاصة مع اقتراب عطلة نهاية الأسبوع وحرص المستثمرين على تقليل المخاطر.

خلاصة المشهد وتأثيراته المحتملة

المشهد الحالي في الأسواق العالمية يتسم بدرجة عالية من التداخل بين السياسة النقدية والاعتبارات الجيوسياسية:

• الدولار الأميركي يواجه ضغوطاً متزايدة بفعل توقعات التيسير النقدي وتغييرات محتملة في قيادة الاحتياطي الفيدرالي.

• الجنيه الإسترليني يجد دعماً من خفض الفائدة، لكن استمرار التضخم يمثل تحدياً أمام المزيد من التيسير.

• اليورو يستفيد من احتمالات الحوار بين القوى الكبرى، وهو ما قد ينعكس إيجاباً على المعنويات في السوق الأوروبية.

تظل الأنظار مركزة على البيانات الاقتصادية المقبلة وتصريحات مسؤولي البنوك المركزية، مع ترقب لاجتماعات السياسة النقدية في سبتمبر، والتي قد تحدد المسار المستقبلي للعملات العالمية.