- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار العملات والعملات الرقمية
- الين الياباني يتصدر مكاسب عملات الاقتصادات الكبرى مستفيدًا من ضعف الدولار الأميركي
الين الياباني يتصدر مكاسب عملات الاقتصادات الكبرى مستفيدًا من ضعف الدولار الأميركي

سجّل الين الياباني أداءً قويًا خلال جلسة التداول الآسيوية يوم الثلاثاء، متصدرًا مكاسب عملات الاقتصادات الكبرى، مستفيدًا من ضعف واسع النطاق في الدولار الأميركي، في وقتٍ كثّفت فيه السلطات اليابانية لهجتها التحذيرية بشأن التحركات غير المنضبطة في سوق الصرف، في إشارة واضحة إلى اقتراب احتمال التدخل المباشر لدعم العملة.
وجاء هذا التحسن اللافت في أداء الين بينما كانت التداولات تتسم بانخفاض السيولة، بالتزامن مع اقتراب عطلات نهاية العام، وهو ما عزز من تأثير التصريحات الرسمية الصادرة عن طوكيو، خاصة مع اقتراب العملة اليابانية من أدنى مستوياتها الأخيرة أمام العملات الرئيسية.
أداء الين الياباني اليوم
تفوق الين الياباني على نظرائه ضمن مجموعة العشر من الاقتصادات الكبرى خلال تعاملات الثلاثاء، بعدما تلقى دعمًا قويًا من تصريحات وزيرة المالية اليابانية، ساتسوكي كاتاياما، التي أكدت في مقابلة صحفية أن الحكومة اليابانية تمتلك حرية كاملة للتحرك واتخاذ إجراءات حاسمة إذا خرجت تحركات العملة عن المسار المتوافق مع الأساسيات الاقتصادية.
وأوضحت كاتاياما أن السلطات لن تتردد في مواجهة التقلبات المفرطة، في أحدث أشكال الضغط اللفظي الذي تمارسه طوكيو على الأسواق، والذي اعتُبر حتى الآن المؤشر الأكثر وضوحًا على الجاهزية للتدخل المباشر في سوق العملات.
وقال محللون إن هذا التهديد العلني نجح، ولو مؤقتًا، في كبح موجة المضاربات ضد الين، إلا أن التحديات لا تزال قائمة على المدى القريب، خاصة في ظل النبرة الحذرة التي تبناها بنك اليابان خلال اجتماعه الأخير، والتي أوحت بأن وتيرة رفع أسعار الفائدة خلال العام المقبل ستكون بطيئة ومتدرجة.
مكاسب واضحة أمام الدولار والعملات الرئيسية
وعلى صعيد الأداء السعري، ارتفع الين بنسبة 0.7% ليصل إلى مستوى 156.00 ين مقابل الدولار الأميركي، مواصلًا مكاسبه لليوم الثاني على التوالي، ومعوضًا معظم الخسائر التي تكبدها منذ يوم الجمعة الماضي، عقب قرار بنك اليابان رفع أسعار الفائدة في خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع.
كما عزز الين مكاسبه بنسبة 0.5% أمام كل من اليورو، والدولار الأسترالي، والجنيه الإسترليني، إلا أنه ظل قريبًا من مستوياته المتدنية الأخيرة أمام هذه العملات، ما يعكس استمرار حالة الحذر في السوق.
توقيت التدخل… السيولة المنخفضة سلاح طوكيو الخفي
من جانبه، قال مات سيمبسون، كبير محللي الأسواق في مؤسسة «ستون إكس»، إن السلطات اليابانية، إذا كانت تعتزم التدخل فعليًا، فإن الفترة الممتدة بين عطلة عيد الميلاد ورأس السنة تُعد التوقيت الأمثل لذلك، نظرًا لانخفاض السيولة، ما يمنح أي تحرك رسمي تأثيرًا أكبر على السوق.
وأضاف سيمبسون أنه غير مقتنع بضرورة التدخل ما لم يشهد السوق اختراقًا حادًا فوق مستوى 159 ينًا للدولار، مشيرًا إلى أن مستويات التقلب كانت أعلى بكثير في عام 2022، عندما بدا أن المتعاملين يستفزون وزارة المالية اليابانية بشكل مباشر، وهو ما لا يظهر بالحدة نفسها في الوقت الراهن.
ويُذكر أن اليابان كانت قد تدخلت في الأسواق لدعم الين خلال عامي 2022 و2024، في محاولات متكررة للحد من الانخفاضات الحادة للعملة.
في سياق متصل، تراجعت مكاسب السندات الحكومية اليابانية بعدما أفادت تقارير بأن إصدارات الديون الجديدة في السنة المالية 2026 قد تتجاوز قليلًا مستوى 28.6 تريليون ين المسجل في السنة المالية الحالية.
ومن المتوقع أن تُقر الحكومة اليابانية مشروع الموازنة للسنة المالية 2026 يوم الجمعة المقبل، وسط ترقب الأسواق لتوجهات السياسة المالية.
تراجع الين رغم ضعف الدولار… مفارقة السياسة النقدية
وجاء تراجع الين في الأسابيع الماضية رغم ضعف الدولار الأميركي، بعد أن خفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في وقت سابق من هذا الشهر، مع توقع تنفيذ خفض إضافي خلال عام 2026، في حين تسعّر الأسواق حاليًا خفضين إضافيين خلال العام المقبل.
وقالت تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في «ساكسو»، إن دورة رفع الفائدة البطيئة في اليابان، إلى جانب احتمال تخفيف السياسة النقدية الأميركية في 2026، قد يقللان من الاتجاه الأحادي لضعف الين، ويفتحان المجال أمام تحركات ضمن نطاقات محددة.
وأضافت أن الين قد يستعيد بعض قوته في فترات تراجع عوائد السندات الأميركية أو عند تدهور شهية المخاطرة عالميًا، محذّرة في الوقت ذاته من أن الخطر الأكبر يكمن في استمرار تشدد السياسة النقدية الأميركية لفترة أطول، بالتزامن مع عودة بنك اليابان إلى الحذر.
وأشارت إلى أن مفاوضات الأجور السنوية في اليابان، إلى جانب تطورات أسعار الفائدة الأميركية، ستكون من أبرز المحفزات المؤثرة على مسار الين خلال المرحلة المقبلة.
الدولار تحت الضغط… خسائر شهرية وسنوية ثقيلة
واصل الدولار الأميركي تعرضه للضغوط، حيث ارتفع اليورو بنسبة 0.1% إلى 1.1776 دولار، بينما صعد الجنيه الإسترليني 0.2% مسجلًا أعلى مستوى له في شهرين ونصف الشهر عند 1.3489 دولار.
وتراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.2% إلى 98.061 نقطة، مواصلًا خسائره لليوم الثاني على التوالي بعد هبوطه 0.5% يوم الاثنين. ويتجه المؤشر لتسجيل تراجع شهري بنحو 1.4%، وخسارة سنوية تقارب 9.6%، وهي أكبر خسارة سنوية منذ عام 2017.
وقال استراتيجيون في مؤسسة مالية يابانية كبرى إن تراجع الدولار هذا العام لا يُعد حدثًا استثنائيًا، مرجحين استمرار الاتجاه الهابط على مدى عدة أعوام، مع وصول العملة الأميركية إلى ذروتها بالفعل.
وتتركز أنظار المستثمرين على بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأميركي المقرر صدورها لاحقًا يوم الثلاثاء، رغم تأخرها بسبب الإغلاق الحكومي الذي استمر 43 يومًا، وهو ما يقلل من تأثيرها على الأسواق.
ومن المتوقع أن تؤكد البيانات نمط النمو غير المتكافئ للاقتصاد الأميركي، حيث تحقق الأسر ذات الدخل المرتفع أداءً أفضل، في حين تواجه الفئات المتوسطة والأدنى ضغوطًا متزايدة. وتشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي نما بمعدل سنوي 3.3% في الربع الماضي، مقارنة بنمو 3.8% في الربع الثاني.
قراءة فنية: الدولار/ين تحت ضغط سلبي
ويرى محللو «بلومبرغ» أن زوج الدولار مقابل الين يواصل التراجع مع تسارع الزخم السلبي، مدفوعًا بتصريحات وزيرة المالية اليابانية خلال ساعات الليل، إلى جانب مكاسب واسعة حققتها عملات مجموعة العشر والعملات الآسيوية، مع تصدر اليوان الصيني لهذه المكاسب.
وأشار التحليل إلى أن إغلاق التداولات دون مستوى 156 ينًا يُعد إشارة فنية إيجابية قوية للين، إذ يعني ذلك محو الارتفاع الحاد الذي شهده الزوج عقب المؤتمر الصحفي لمحافظ بنك اليابان الأسبوع الماضي.
وكانت وزارة المالية اليابانية قد تدخلت في السوق العام الماضي عندما تراجع الين إلى مستوى 160.17، كما نفذت تدخلات إضافية قرب مستويات 157.99 و161.76 و159.45. وشدد المسؤولون مرارًا على أن مصدر القلق الأساسي لا يتمثل فقط في المستويات السعرية، بل في حدة التقلبات وسرعة التحركات.
عملات أخرى تتحرك على وقع ضعف الدولار
وفي سوق العملات الأخرى، ارتفع الدولار الأسترالي 0.2% إلى 0.6669 دولار، وصعد الدولار النيوزيلندي 0.3% إلى 0.5814 دولار، بينما عزز الفرنك السويسري مكاسبه بنسبة 0.4% ليسجل أعلى مستوى في ستة أسابيع عند 0.7895 فرنك للدولار الأميركي.
تحذير رسمي مباشر: الحكومة مستعدة للتحرك
أكدت وزيرة المالية اليابانية، ساتسوكي كاتاياما، في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء، أن اليابان تتمتع بحرية مطلقة في التعامل مع التقلبات المفرطة في قيمة الين، موجهةً بذلك أقوى تحذير حتى الآن بشأن استعداد طوكيو للتدخل في سوق العملات لوقف الانخفاضات الحادة.
وقالت كاتاياما، في تعليقها على تراجع الين عقب المؤتمر الصحفي لمحافظ بنك اليابان كازو أويدا الأسبوع الماضي:
«هذه التقلبات لا تعكس بأي حال من الأحوال العوامل الأساسية للاقتصاد».
وأضافت:
«لا أعتقد أن التقلبات كانت لتصل إلى هذا الحد لولا وجود عمليات مضاربة، وستتخذ الحكومة الإجراءات المناسبة ضد هذه التحركات المفرطة»، مستندةً إلى اتفاقية اليابان مع الولايات المتحدة الموقعة في سبتمبر بشأن سياسة سعر الصرف.
وفي بيان مشترك صدر في سبتمبر الماضي، أكدت اليابان والولايات المتحدة مجددًا التزامهما بأسعار صرف تحددها آليات السوق، مع الاتفاق على أن يقتصر التدخل في سوق الصرف الأجنبي على مواجهة التقلبات المفرطة.
وعقب تصريحات كاتاياما، ارتفع الين إلى نحو 156 ينًا للدولار الأميركي، لكنه ظل قريبًا من أدنى مستوى له في 11 شهرًا عند 157.78 ين، المسجل يوم الجمعة.
وقد استند صناع السياسات اليابانيون مرارًا إلى بيان سبتمبر باعتباره الاتفاقية المرجعية التي تمنحهم الحق في التدخل عندما تنحرف تحركات الين عن الأساسيات الاقتصادية وتشهد تقلبات حادة.
ضعف الين… عبء على الأسر وصناع القرار
وكان آخر تدخل لحكومة طوكيو في سوق الصرف الأجنبي في يوليو 2024، عندما اشترت الين بعد أن سجل أدنى مستوى له في 38 عامًا عند 161.96 ين للدولار.
وقال هيرويوكي ماتشيدا، مدير تداول العملات الأجنبية والسلع في اليابان لدى بنك ANZ:
«إذا تجاوز الدولار حاجز 158 ينًا، فستتدخل الحكومة حتمًا».
وأوضح أن ضعف الين بات مصدر قلق حقيقي لصناع السياسات، لما يسببه من ارتفاع في أسعار الواردات وزيادة الضغوط التضخمية، وهو ما ينعكس مباشرة على تكلفة المعيشة للأسر اليابانية.
رفع الفائدة لا يكفي… الأسواق تريد المزيد
ورفع بنك اليابان أسعار الفائدة إلى 0.75% يوم الجمعة الماضي، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ 30 عامًا، في خطوة تاريخية أخرى نحو إنهاء عقود من السياسة النقدية فائقة التيسير.
ورغم أن هذه الخطوة أسهمت في تضييق فجوة أسعار الفائدة مع الولايات المتحدة، فإن الين واصل التراجع، إذ فسرت الأسواق تصريحات المحافظ أويدا على أنها إشارة إلى أن البنك المركزي ليس في عجلة من أمره لمزيد من الرفع.
وقال ماتشيدا إن ضعف الين الأخير يتعارض مع السياسات المالية الحكومية الداعمة للنمو، مؤكدًا أن السوق بحاجة إلى تشديد نقدي أكبر لتصحيح مسار العملة، في وقت تستعد فيه حكومة رئيسة الوزراء سناي تاكايتشي لإعداد ميزانية توسعية للسنة المالية المقبلة.
