تراجع الدولار وسط ارتفاع شهية المخاطرة بعد وقف إطلاق النار وصعود اليوان لأعلى مستوى في أسبوعين

سجل الدولار الأميركي تراجعاً ملحوظاً في تعاملات يوم الثلاثاء، متأثراً بموجة من الإقبال على الأصول ذات المخاطر المرتفعة، عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اتفاق لوقف إطلاق النار الشامل بين إسرائيل وإيران، وهو ما أنهى صراعاً استمر 12 يوماً أشعل التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأثار المخاوف من تصعيد عسكري إقليمي واسع النطاق.

وأعلن ترامب عبر منصته "تروث سوشيال" أن الهدنة بين الطرفين "كاملة وشاملة" وستدخل حيز التنفيذ فوراً، ما أعاد قدراً كبيراً من الثقة إلى الأسواق ودفع المستثمرين بعيداً عن الملاذات الآمنة مثل الدولار، لصالح الأصول ذات العوائد المرتفعة والمخاطر الأعلى.

أداء مؤشر الدولار الأمريكي 

تزامناً مع هذه التطورات، انخفض مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسية – بنسبة 0.29% ليصل إلى 97.71 نقطة عند الساعة 11:45 بتوقيت تركيا، مواصلاً بذلك خسائره لليوم الثاني على التوالي بعد أن كان قد استفاد الأسبوع الماضي من حالة الترقب والتوتر.

الدولار الأسترالي والنيوزيلندي يرتفعان بدعم من تحسن شهية المخاطرة

ارتفع الدولار الأسترالي، الذي يُعد من أكثر العملات ارتباطاً بشهية المخاطرة العالمية، بنسبة 0.35% ليصل إلى 0.6483 دولار أميركي، بينما صعد الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.37% إلى 0.5998 دولار. ويميل هذان العُملتان إلى الاستفادة من الأجواء الإيجابية في الأسواق العالمية، بسبب ارتباطهما الوثيق بالسلع والأسواق الآسيوية.

وقال رودريغو كاتريل، كبير محللي العملات في بنك أستراليا الوطني، في تصريح له:

"إنها بالتأكيد أخبار إيجابية بالنسبة لشهية المخاطرة... لكننا بحاجة إلى مزيد من التفاصيل بشأن شروط الاتفاق وإمكانية تحوّله إلى سلام دائم".

هذا التصريح يعكس تفاؤلاً حذراً في الأسواق، حيث ينتظر المستثمرون إشارات إضافية من إسرائيل وإيران تؤكد التزام الطرفين بالاتفاق.

الدولار يتراجع مقابل الين واليورو والجنيه الإسترليني

تراجع الدولار أيضاً أمام الين الياباني، حيث سجل انخفاضاً بنسبة 0.37% إلى 145.60 ين، ما يعكس عودة المستثمرين إلى بيع العملة الأميركية لصالح عملات تعتبر ملاذاً آمناً نسبياً ولكن بدرجة أقل تقلباً في أوقات الهدوء.

كما صعد اليورو بنسبة 0.12% إلى 1.1592 دولار، وارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.18% إلى 1.3551 دولار، مدعوماً بالتحول في المعنويات، وكذلك بتراجع أسعار النفط، الأمر الذي يُعتبر إيجابياً للدول الأوروبية واليابان المستوردتين للطاقة، بينما يُعد سلبياً نسبياً للولايات المتحدة التي تعتبر مصدّراً صافياً للطاقة.

وأرجع محللون هذا التراجع إلى تغير المزاج العام في الأسواق بعد الهدنة، بالإضافة إلى ضعف أداء الدولار على خلفية التصريحات المتباينة من صانعي السياسة النقدية في الولايات المتحدة.

تصريحات من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي تضغط على الدولار

إلى جانب التطورات الجيوسياسية، تأثر الدولار أيضاً بتصريحات عضوي مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ميشيل بومان وكريستوفر والر، اللذين ألمحا إلى إمكانية التفكير في خفض أسعار الفائدة قريباً في حال استمرت البيانات الاقتصادية في التباطؤ.

واستقر مؤشر الدولار لاحقاً عند 98.23 نقطة، بعد أن كان قد تراجع بأكثر من 0.5% في الجلسة السابقة، مما يعكس استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق بشأن توجهات السياسة النقدية الأميركية.

وقال المحلل توني سيكامور من IG: "الأسواق لا تزال لا تُسعّر بشكل كاف احتمالات خفض الفائدة في يوليو، وهناك انقسامات متزايدة داخل الفيدرالي قبيل شهادة جيروم باول المنتظرة".

وبحسب أداة FedWatch التابعة لمجموعة CME، فإن احتمالات قيام الفيدرالي بخفض الفائدة في اجتماعه المقبل ارتفعت إلى أكثر من 20% مقارنةً بـ 14.5% فقط يوم الاثنين.

اليوان الصيني يسجل أعلى مستوى في أسبوعين

في آسيا، استفاد اليوان الصيني من تحسّن شهية المستثمرين عالمياً، وسجل أعلى مستوى له منذ أسبوعين مقابل الدولار الأميركي خلال تعاملات الثلاثاء.

فقد صعد اليوان الداخلي إلى مستوى 7.1718 لكل دولار، وهو الأعلى منذ 12 يونيو، بينما بلغ اليوان الخارجي أعلى مستوى له منذ 13 يونيو، وسط حالة من الارتياح في الأسواق الآسيوية بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار.

وفي المقابل، حذر متعاملون في سوق العملات في شنغهاي من أن صعود اليوان قد يكون محدوداً بسبب استمرار الغموض بشأن المحادثات التجارية بين بكين وواشنطن، بالإضافة إلى تباطؤ التعافي الاقتصادي المحلي في الصين.

وسجّل اليوان مكاسب بنسبة 1.7% منذ بداية العام، في حين تراجع الدولار الأميركي بنحو 9.5% خلال نفس الفترة.

وقبل بداية الجلسة، حدّد بنك الشعب الصيني سعر التعادل الرسمي لليوان عند 7.1656 لكل دولار، وهو الأقوى منذ نوفمبر 2024، وجاء أقل بـ51 نقطة من تقديرات رويترز، ما يعكس رغبة البنك المركزي في دعم العملة المحلية.

وقد افتتح اليوان تداولاته الفورية عند 7.1718، وتم تداوله لاحقاً عند 7.1765 بحلول الساعة 03:11 بتوقيت غرينتش، في حين سجّل اليوان الخارجي 7.1751 لكل دولار.

الدولار الهونغ كونغي يواصل التراجع 

وفي تطور آخر، واصل الدولار الهونغ كونغي التراجع ليبلغ 7.85 لكل دولار أميركي، وهو الحد الأدنى المسموح به في نطاق تداوله، ولليوم الثالث على التوالي، مما دفع سلطة النقد في هونغ كونغ إلى مراقبة الأسواق عن كثب وسط توقعات بإمكانية تدخلها عبر سحب السيولة لدعم العملة.