الدولار يهبط لأدنى مستوى في سبعة أسابيع وسط رهانات قوية على خفض الفائدة الأمريكية

شهدت أسواق العملات العالمية يوم الثلاثاء ضغوطًا متزايدة على الدولار الأمريكي، حيث واصل مؤشر العملة الأمريكية خسائره ليصل إلى أضعف مستوياته في سبعة أسابيع، مدفوعًا ببيانات سلبية حول سوق العمل الأمريكي التي أثارت رهانات واسعة النطاق على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيقدم على خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل منتصف سبتمبر.

وفي المقابل، وجدت العملات الآسيوية دعمًا ملحوظًا من ضعف الدولار، مع تسجيل اليوان الصيني قفزة لافتة إلى أعلى مستوى له في عشرة أشهر بدعم مباشر من بكين.

أداء مؤشر الدولار الأمريكي اليوم

انخفض مؤشر الدولار وعقود مؤشر الدولار الآجلة بنسبة 0.1% يوم الثلاثاء إلى مستوى 97.33، وهو أدنى مستوى منذ أواخر يوليو، مواصلاً خسائر الجلسة السابقة.

وجاء هذا التراجع امتدادًا لمسار هبوطي بدأ منذ صدور بيانات الوظائف غير الزراعية الأمريكية الأسبوع الماضي، والتي أظهرت أن الاقتصاد الأمريكي بالكاد أضاف وظائف جديدة خلال شهر أغسطس، في إشارة واضحة إلى تباطؤ سوق العمل.

وقد عززت هذه البيانات الضعيفة رهانات المستثمرين على خفض أسعار الفائدة خلال الاجتماع المرتقب لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في 16 و17 سبتمبر، حيث اعتبر العديد من مسؤولي البنك المركزي أن تراجع قوة سوق العمل يُعدّ أحد العوامل الأساسية التي تبرر التوجه نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً.

وبحسب العقود الآجلة لصناديق الاحتياطي الفيدرالي، فإن المتداولين يتوقعون بنسبة 90.1% قيام الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، فيما يراهن 9.9% فقط على خفض أكبر بمقدار 50 نقطة أساس، وذلك استنادًا إلى أداة CME FedWatch التي ترصد توقعات السوق.

ومع ذلك، يبقى مسار السياسة النقدية الأمريكية مرتبطًا بنتائج بيانات التضخم المرتقبة هذا الأسبوع، حيث من المقرر صدور أرقام مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) والمنتجين (PPI) لشهر أغسطس.

وستكون هذه البيانات تحت المجهر من قبل المتداولين والمستثمرين، خاصة وأن الجزء الأكبر من الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب دخلت حيز التنفيذ الشهر الماضي، ما قد يظهر أثره في معدلات التضخم.

العملات الآسيوية تتعزز بدعم من ضعف الدولار

في ظل حالة الضعف التي يعاني منها الدولار، شهدت غالبية العملات الآسيوية ارتفاعًا طفيفًا يوم الثلاثاء فقد وجدت هذه العملات دعمًا إضافيًا من توقعات الأسواق بأن يؤدي خفض أسعار الفائدة الأمريكية إلى تدفق المزيد من رؤوس الأموال نحو المنطقة.

وكان اليوان الصيني من أبرز العملات الرابحة، حيث ارتفع زوج الدولار/يوان (USD/CNY) بنسبة 0.1% إلى 7.1242 يوان، وهو أقوى مستوى للعملة الصينية منذ نوفمبر 2024.

وجاء هذا الصعود بعد أن حدّد بنك الشعب الصيني أقوى نقطة وسطية لليوان منذ عشرة أشهر، في خطوة فسّرها محللون بأنها جزء من سياسة متعمدة لدعم العملة وتعزيز الثقة في السوق.

ووفقاً لتقديرات غولدمان ساكس، فإن القوة الأخيرة لليوان لم تنبع من تحركات السوق وحدها، بل كانت بالدرجة الأولى نتاج سياسات نقدية مقصودة من جانب بكين.

ويُرجّح أن تستمر السلطات الصينية في تعزيز اليوان نظرًا لأهمية دوره كمرجعية لعدد كبير من العملات في الأسواق الآسيوية. كما أن رفع قيمة اليوان مقابل الدولار قد يخدم أهدافًا سياسية واقتصادية في آن واحد، إذ يجعل الصادرات الأمريكية إلى الصين أكثر جاذبية، ما قد يُستخدم كورقة لاسترضاء الولايات المتحدة وسط التوترات التجارية.

تحركات العملات الآسيوية الأخرى

• الين الياباني (USD/JPY):
  تراجع الزوج بنسبة 0.29% إلى مستوى 147.07 ين للدولار. وقد شهدت العملة اليابانية تقلبات حادة منذ يوم الاثنين، مدفوعة بالصدمة السياسية التي أحدثتها الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا. هذا التطور ألقى بظلال من عدم اليقين السياسي على البلاد، ومن المتوقع أن يؤدي إلى تأجيل أي خطط لرفع أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان.

• الدولار الأسترالي (AUD/USD):
  ارتفع بنسبة 0.28% إلى 0.6610، وهو أعلى مستوى في سبعة أسابيع. وجاء هذا الصعود بالرغم من نتائج استطلاع خاص أظهر تدهور ثقة المستهلك الأسترالي في سبتمبر، ما يعكس استمرار حالة القلق بشأن مستقبل أسعار الفائدة وتباطؤ النمو الاقتصادي المحلي.

• الدولار السنغافوري (USD/SGD):
  تراجع بشكل طفيف ليستقر عند 1.2820، في حركة محدودة مقارنة ببقية العملات الآسيوية.

• الوون الكوري الجنوبي (USD/KRW):
  صعد بنسبة 0.2% إلى 1,389، مستفيدًا من ضعف الدولار والتوقعات بزيادة تدفقات رؤوس الأموال إلى كوريا الجنوبية مع اتساع الفجوة في أسعار الفائدة لصالحها.

• الروبية الإندونيسية (USD/IDR):
  كانت الاستثناء الأبرز في المنطقة، حيث تراجعت بشدة بأكثر من 1.2% ليسجل الزوج مستوى 16,463. وجاء هذا الهبوط الحاد عقب الإقالة المفاجئة لوزيرة المالية سري مولياني إندراواتي، الأمر الذي أثار قلق المستثمرين بشأن استقرار السياسات الاقتصادية في البلاد. وقد تدخل البنك المركزي الإندونيسي بشكل مباشر في سوق الصرف للحد من مزيد من التدهور في قيمة الروبية.

• الروبية الهندية (USD/INR):
  ارتفعت بنسبة 0.18% لتسجل 88.109، بعد أن تعافت قليلًا من مستويات قريبة من أعلى مستوى قياسي لها أمام الدولار.

خلاصة المشهد

تعيش الأسواق العالمية لحظة دقيقة تتقاطع فيها الضغوط الاقتصادية الأمريكية مع التطورات السياسية في آسيا.

• على الجانب الأمريكي، يبدو أن ضعف سوق العمل والاحتمالات الكبيرة لخفض الفائدة يشكلان ضغطًا مستمرًا على الدولار، في انتظار الحسم عبر بيانات التضخم القادمة.

• أما في آسيا، فقد استفادت العملات عمومًا من هذا الضعف، مع بروز اليوان الصيني كأقوى المستفيدين بفضل دعم سياسي واضح من بكين، في حين واجهت بعض العملات مثل الروبية الإندونيسية ضغوطًا داخلية سياسية واقتصادية فاقمت خسائرها.

ومع استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق، يبقى السؤال الأساسي: هل ستؤكد بيانات التضخم المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي وتدفع الفيدرالي نحو خفض أكبر للفائدة، أم أنها ستعطي الدولار بعض الدعم المؤقت وتعيد التوازن في سوق العملات العالمية؟