الجنيه الإسترليني يتراجع لليوم الرابع وسط ضغوط التضخم وتحوّل توقعات السياسة النقدية لبنك إنجلترا

يواصل الجنيه الإسترليني خسائره أمام الدولار بفعل قوة العملة الأمريكية وتزايد الرهانات على خفض الفائدة البريطانية في ديسمبر، بعد صدور بيانات تضخم أقل من المتوقع، ونمو ضعيف، وضغط سياسي واقتصادي متزايد قبل ميزانية الخريف.

تراجع الجنيه الإسترليني في السوق الأوروبية خلال تداولات يوم الأربعاء مقابل سلة من العملات العالمية، ليعمّق خسائره للجلسة الرابعة على التوالي أمام الدولار الأمريكي، في ظل استمرار ارتفاع العملة الأمريكية قبل صدور محضر الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

ويأتي هذا الهبوط وسط حالة من الحذر في الأسواق نتيجة البيانات الاقتصادية الضعيفة الصادرة من المملكة المتحدة، والتي أعادت رسم توقعات المستثمرين بشأن مستقبل أسعار الفائدة البريطانية.

بعد صدور بيانات قاتمة حول سوق العمل والنمو الاقتصادي، ارتفعت احتمالات قيام بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر هذه البيانات التي أكدت ضعف الزخم الاقتصادي زادت من قلق المستثمرين بشأن قدرة الاقتصاد البريطاني على تحمل فائدة مرتفعة لفترة أطول، خصوصاً مع استمرار التباطؤ في الأجور وارتفاع حالات البطالة وتراجع قطاعات حيوية مثل الصناعات التحويلية والخدمات.

تراجع التضخم في المملكة المتحدة

التضخم يتراجع إلى 3.6%… أدنى مستوى منذ مايو

انخفض معدل التضخم السنوي في المملكة المتحدة خلال أكتوبر إلى 3.6% مقارنة بـ 3.8% في سبتمبر، ليسجّل أدنى مستوى له منذ مايو. ورغم أن قراءة التضخم جاءت أقل من الشهر الماضي، فإنها جاءت أعلى قليلاً من توقعات المحللين الذين رجّحوا انخفاضه إلى 3.5%.

ورغم التراجع النسبي، لا يزال التضخم أعلى بكثير من هدف البنك المركزي البالغ 2%، مما يترك المجال مفتوحاً أمام احتمالات أنّ تباطؤ أسعار المستهلك يسير بوتيرة غير كافية لإعطاء البنك الثقة الكاملة لخفض الفائدة بشكل سريع وقوي.

تفاصيل التضخم: تباينات بين القراءة الشهرية والأساسية

• القراءة الشهرية ارتفعت بنسبة 0.4%، مقارنة باستقرار في الشهر السابق.

• التضخم الأساسي – الذي يستثني الطاقة والغذاء – ارتفع 0.3% شهرياً، بينما تباطأ سنوياً إلى 3.4% من 3.5%.

وتُظهر الأرقام أن الضغوط التضخمية ما زالت متجذّرة داخل الاقتصاد البريطاني، خصوصاً في الخدمات، رغم تراجع أسعار السلع.

أسعار المنتجين تسجّل انخفاضاً جديداً

انخفضت أسعار مدخلات المنتجين بنسبة 0.3% على أساس شهري، في مؤشر إيجابي نسبيًا على أن ضغوط التكلفة تتراجع ببطء، وقد تنعكس على أسعار المستهلك خلال الأشهر المقبلة، لكنها لم تتحول بعد إلى عامل كاف لطمأنة البنك المركزي.

شهد الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية انقساماً حاداً، حيث جاءت نتيجة التصويت 5–4 لصالح الإبقاء على الفائدة دون تغيير. وكان صوت المحافظ أندرو بيلي حاسماً في هذا القرار، إذ أكد أنه بحاجة إلى مزيد من “الأدلة المقنعة” على تباطؤ التضخم قبل تأييد أي خفض.

ميزانية الخريف وتأثيرها المتوقع على السياسة النقدية

تنتظر الأسواق ميزانية الخريف التي ستقدّمها وزيرة المالية راشيل ريفز في 26 نوفمبر. وتشير التوقعات إلى إمكانية:

• رفع بعض أنواع الضرائب، لكن بدون المساس بضريبة الدخل،

• تقديم دعم لتخفيف عبء تكلفة المعيشة، مثل خفض فواتير الطاقة.

ويشكل ذلك خليطاً من العوامل التي قد تدعم الاقتصاد من جهة، وتزيد من الضغوط على بنك إنجلترا من جهة أخرى.

توقعات الاقتصاديين

بحسب استطلاع رويترز:

• الأغلبية تتوقع خفض الفائدة في ديسمبر،

• وخفضاً آخر في أوائل العام المقبل،
  بفعل توقعات بتراجع التضخم بشكل أكثر وضوحًا، واستمرار النمو الضعيف.

تحركات الجنيه الإسترليني وسوق العملات اليوم

أداء الجنيه الإسترليني

• تراجع الجنيه مقابل الدولار بنسبة 0.2% إلى 1.3114 دولار.

• وكان قد سجّل أعلى مستوى عند 1.3151 دولار.

• في تداولات الثلاثاء، خسر الجنيه 0.1% للجلسة الثالثة على التوالي.

ويعكس الأداء الضعيف تركّز المستثمرين على شراء الدولار كملاذ آمن وسط غياب محفزات بريطانية قوية.

الدولار الأمريكي يواصل التفوق

ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.1%، مواصلاً مكاسبه للجلسة الرابعة، ومسجلاً أعلى مستوى في أسبوع، نتيجة:

• تعليقات متشددة من مسؤولي الفيدرالي،

• تراجع توقعات خفض الفائدة الأمريكية من 67% إلى 47% لخفض بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر.

عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لانتقاد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قائلاً:

"أودّ حقًا إزاحة الرجل الموجود هناك الآن… لكن هناك من يعيقني."

ومن المقرر أن تنتهي ولاية باول في مايو، ما يجعل قرار التجديد له أو استبداله ملفًا حساسًا في الأسواق.

قال وزير الخزانة سكوت بيسنت إن ترامب سيلتقي المرشحين النهائيين لرئاسة الفيدرالي بعد عطلة عيد الشكر، وقد يعلن قراره قبل عيد الميلاد، وهو توقيت شديد الحساسية سياسياً واقتصادياً.

التحليل الفني لزوج الجنيه الإسترليني مقابل الدولار (GBP/USD)

يشهد زوج GBP/USD موجة هبوط تصحيحية ممتدة، مع استمرار الضغط البيعي للجلسة الرابعة على التوالي، بالتزامن مع:

• قوة الدولار الأمريكي المدعوم بتراجع توقعات خفض الفائدة الأمريكية.

• ضعف بيانات التضخم البريطانية التي عززت احتمالات خفض الفائدة من بنك إنجلترا.

هذا التفاعل الأساسي دعم الاتجاه الهابط فنياً الزوج ما يزال في اتجاه صاعد متوسط المدى، لكن الحركة الحالية تمثل تصحيحًا هابطًا قصير المدى داخل القناة الصاعدة.

المستويات الفنية الرئيسية

المقاومات (Resistance Levels):

1️⃣ 1.3150
▫️ أعلى مستوى اليوم — اختبره ولم يستطع الإغلاق فوقه.
▫️ اختراقه يعني عودة المشترين بقوة.

2️⃣ 1.3205
▫️ مقاومة محورية.
▫️ تجاوزها يفتح الطريق نحو 1.3270.

3️⃣ 1.3270 – 1.3300
▫️ منطقة عرض قوية.
▫️ اختراقها يغيّر الاتجاه القصير إلى صاعد بقوة.

الدعوم (Support Levels):

1️⃣ 1.3080
▫️ الدعم الأقرب حالياً.
▫️ كسره يضغط نحو مستويات أعمق.

2️⃣ 1.3035
▫️ دعم مهم جداً—يمثل 50% من الحركة الصاعدة الأخيرة.
▫️ الإغلاق دونه يعني فقدان الزخم الإيجابي.

3️⃣ 1.2980 – 1.3000
▫️ منطقة دعم حاسمة.
▫️ كسرها قد يغيّر الاتجاه المتوسط إلى هابط.

مؤشرات فنية داعمة

• RSI عند منطقة 48 → يعكس حياداً مائلاً للهبوط، دون تشبع بيعي.

• MACD يظهر تقاطعاً سلبياً خفيفاً → استمرار الضغط البيعي.

• المتوسط المتحرك 50 يوم عند 1.3040 → دعم ديناميكي مهم.

• المتوسط المتحرك 200 يوم عند 1.2860 → ما يزال بعيداً ويؤكد الاتجاه الصاعد العام.

السيناريوهات المتوقعة

السيناريو الصاعد (مشروط بالاختراق)

???? اختراق 1.3150 ثم 1.3205
→ يدفع نحو 1.3270 ثم 1.3350.

السيناريو الهابط (الأعلى احتمالاً حالياً)

???? كسر 1.3080
→ يفتح الطريق نحو 1.3035 ثم 1.3000.
???? كسر 1.3000
→ يتحول الاتجاه إلى هابط بهدف 1.2920.

خلاصة التداول

• الميل اللحظي: هبوط قصير المدى ضمن اتجاه عام لا يزال إيجابيًا.

• كل الأنظار على: بيانات التضخم البريطانية + محضر الفيدرالي + تصريحات المركزيين.

• أفضل مناطق الشراء المحتملة: 1.3035 – 1.3000 إذا صمدت.

• أفضل مناطق البيع: 1.3150 – 1.3205 في حال فشل الاختراق.

خلاصة المقال

يواجه الجنيه الإسترليني ضغوطاً متعددة من الداخل والخارج:

• من الداخل: تباطؤ اقتصادي، تضخم لا يزال مرتفعاً، وانقسام داخل بنك إنجلترا.

• ومن الخارج: قوة الدولار، تشدد الفيدرالي، وتذبذبات التوقعات بشأن السياسة النقدية الأمريكية.

ومع قرب صدور بيانات التضخم ومحضر الفيدرالي، قد تشهد الأسواق تقلبات حادة في الأيام المقبلة، حيث ستُعاد صياغة توقعات الفائدة لكلا الجانبين—البريطاني والأمريكي—بشكل أكثر وضوحاً.