- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار العملات والعملات الرقمية
- الدولار الأميركي يرتفع وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية ورسوم جمركية جديدة من ترامب
الدولار الأميركي يرتفع وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية ورسوم جمركية جديدة من ترامب

شهد الدولار الأميركي ارتفاعاً ملحوظاً يوم الجمعة، مدفوعاً بجملة من التطورات السياسية والتجارية التي أربكت الأسواق العالمية. وجاءت هذه المكاسب وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية، إثر إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة تشمل شركاء تجاريين رئيسيين مثل كندا والاتحاد الأوروبي واليابان.
هذا التصعيد المفاجئ في اللهجة والسياسات التجارية دفع بالعملات العالمية إلى التراجع، فيما استقرت الأسواق على حالة من القلق والترقب الحذر.
أداء الدولار الأمريكي اليوم
أدى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطط جديدة لفرض رسوم جمركية شاملة تتراوح نسبتها بين 15% و20% على معظم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة إلى إشعال فتيل موجة من التوتر والقلق في الأسواق العالمية.
وتأتي هذه الخطوة في سياق تصاعد نهج السياسات الحمائية الذي تتبناه الإدارة الأميركية، والذي بات يهدد فعلياً بإعادة تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي وتقويض أُسس العولمة التجارية القائمة منذ عقود.
ورغم أن الأسواق بدأت جلسة التداول الآسيوية في هدوء نسبي، إلا أن التصريحات النارية لترامب سرعان ما دفعت بالدولار لتحقيق مكاسب تدريجية، وسط تراجع لعدد من العملات الرئيسية، وذلك نتيجة اتساع حالة عدم اليقين بشأن المسار الذي ستسلكه السياسة التجارية الأميركية.
ارتفع الدولار الأميركي في التعاملات الأخيرة بنسبة 0.2%، مسجلاً 97.77 نقطة مقابل سلة من العملات، في مؤشر واضح على تدفق المستثمرين إلى العملة الأميركية باعتبارها ملاذاً آمناً وسط تصاعد التوترات. ويُتوقع أن يُنهي الدولار الأسبوع بمكاسب تقدر بنحو 0.8%.
تاريخياً، يميل الدولار إلى الارتفاع في فترات التوتر الجيوسياسي والاقتصادي، حيث يُنظر إليه كعملة احتياطية عالمية ومستودع للقيمة. ومع تعمق المخاوف من انهيار أو تعثر الاتفاقات التجارية الدولية، يبدو أن الأسواق بدأت تعيد تسعير احتمالات حدوث صدامات اقتصادية عالمية على نطاق واسع.
العملة الكندية تتعرض لضغوط غير مسبوقة
كان الدولار الكندي من بين أكثر العملات تأثراً بإعلان ترامب، حيث فقد أكثر من 0.5% من قيمته ليصل إلى 1.3726 مقابل الدولار الأميركي. ويعود ذلك بشكل مباشر إلى القرار الأميركي بفرض رسوم جمركية بنسبة 35% على مجموعة من السلع الكندية المستوردة، اعتباراً من الأول من أغسطس المقبل.
ويُعد هذا الإجراء تصعيداً خطيراً في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خصوصاً أن كندا تُعتبر شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة في إطار اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا). ويُتوقع أن تكون لهذه الرسوم تداعيات كبيرة على القطاعات الصناعية الكندية، وعلى تدفقات التجارة الثنائية، وربما حتى على معدلات التوظيف والتضخم في كندا.
تراجع جماعي في العملات العالمية وسط تصاعد الرسوم
-
اليورو الأوروبي:
انخفض اليورو بنسبة 0.25% إلى 1.1671 دولار، متجهاً نحو تسجيل خسارة أسبوعية تتجاوز 1%. وقد أثارت تصريحات ترامب بشأن توجيه رسالة قريبة للاتحاد الأوروبي تتعلق بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق الشديد، ما عكس هشاشة التفاهمات التجارية بين الطرفين. -
الدولار الأسترالي:
خسر الدولار الأسترالي 0.31% ليصل إلى 0.6568 دولار، نتيجة تراجع شهية المخاطرة في الأسواق. يُعرف الدولار الأسترالي بحساسيته الشديدة للأوضاع العالمية، خاصة في ما يتعلق بالصين – الشريك التجاري الأكبر لأستراليا – والتي بدورها تأثرت سلباً بالإجراءات الأميركية. -
الجنيه الإسترليني:
تراجع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.22% إلى 1.3551 دولار، متخلياً عن مكاسب جزئية حققها في وقت سابق من الجلسة، ويتجه نحو خسارة أسبوعية تتجاوز 0.6%. ويأتي ذلك في وقت يواجه فيه الاقتصاد البريطاني تحديات داخلية، أبرزها التضخم المرتفع والغموض بشأن السياسات النقدية لبنك إنجلترا. -
الدولار النيوزيلندي:
انخفض بنسبة 0.32% إلى 0.6013 دولار، متأثراً بالمزاج السلبي العام للأسواق، والذي أثّر على العملات المرتبطة بالتجارة. -
الين الياباني:
رغم كونه عادة ملاذاً آمناً، هبط الين بنسبة 0.13% إلى 146.44 للدولار، متجهاً لتسجيل خسارة أسبوعية بأكثر من 1%. ويُعزى ذلك إلى فرض ترامب في وقت سابق من الأسبوع رسوماً جمركية بنسبة 25% على الواردات اليابانية، في خطوة زادت الضغوط على الاقتصاد الياباني المترنح أصلاً.
اليوان يسجل أعلى مستوياته منذ أسبوع
في خطوة استراتيجية تهدف إلى حماية الاستقرار المالي المحلي، تدخل بنك الشعب الصيني من خلال تحديد "سعر التثبيت" الرسمي لليوان عند 7.1475 للدولار – وهو أقوى مستوى منذ 8 نوفمبر 2024 – ما اعتُبر بمثابة رسالة قوية للأسواق بأن بكين لا تعتزم السماح بهبوط حاد في عملتها كرد فعل مباشر على الرسوم الأميركية.
هذا الإجراء تجاوز توقعات المحللين الذين قدروا السعر بـ7.1771، أي أن الفارق بلغ 296 نقطة أساس، وهو من أكبر الفروق المسجلة في الأشهر الأخيرة. واعتبر متداولون أن هذه الخطوة تهدف إلى تهدئة الأسواق وكبح المضاربات على انخفاض اليوان في مواجهة التوترات المتصاعدة.
-
اليوان المحلي:
سجل ارتفاعاً إلى 7.1674 يوان للدولار، وهو أعلى مستوى منذ 7 يوليو، قبل أن يستقر عند 7.1686 بحلول الساعة 03:48 بتوقيت غرينتش. -
اليوان في السوق الخارجية (offshore):
تداول عند 7.1693 يوان للدولار، بارتفاع بلغت نسبته 0.13%، وسط مؤشرات على عودة تدريجية للثقة بالسياسات النقدية الصينية.
قراءة تحليلية
رغم أن ردة فعل الأسواق حتى الآن كانت هادئة نسبياً، مقارنة بما حدث خلال موجات التصعيد السابقة (مثل أزمة أبريل 2024)، إلا أن المتداولين باتوا يتعاملون مع مواقف ترامب التجارية بقدر عالٍ من الجدية والتحسب.
خصوصاً أن موعد الأول من أغسطس، الذي حدده ترامب لتفعيل بعض الرسوم الجمركية، بدأ يُعامل كسيناريو "موعد نهائي"، قد تكون له انعكاسات ضخمة على السوق في حال تم تطبيقه دون تأجيل أو تفاهمات لاحقة.
ويبدو أن المستثمرين باتوا يعيدون النظر في تسعير الأصول ذات المخاطر العالية، مع تزايد المخاوف من إمكانية دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة من الركود التجاري، أو حتى ما يُعرف بـ "حرب عملات" جديدة إذا استمرت التصعيدات دون سقف واضح.
خاتمة: الدولار مستفيد وحيد وسط موجة من التراجعات الاقتصادية المتوقعة
في ظل هذا المشهد المضطرب، يواصل الدولار الأميركي حصد المكاسب، في وقت تتكبد فيه العملات الرئيسية الأخرى خسائر متفاوتة. وتعكس هذه التحركات تزايد القناعة بأن الدولار سيبقى العملة المفضلة في أوقات الأزمات، على الأقل في المدى القصير.
لكن في المقابل، فإن استمرار سياسات ترامب التجارية التصعيدية يطرح تساؤلات حقيقية حول مستقبل النظام التجاري العالمي، ويثير مخاوف من موجات اضطراب قد تشمل الأسواق الناشئة، سلاسل الإمداد، وحتى استقرار العملات الرقمية، التي بدأت هي الأخرى تشهد تحركات حادة.